ما النتائج التي تمخّض عنها مؤتمر باريس من أجل مستقبل الموصل؟ السؤال الذي يحيط جنبات كبريات الصحف الفرنسية، بعد أسبوع ونصف من استضافة باريس لمؤتمر دولي حول "مستقبل الموصل". الملف الذي يقدر اهتمامه بشكل عال في الصحافة الفرنسية، ولا يقل حساسية وتلقفًا عن الملف السوري. فالاهتمام الإعلامي الفرنسي بـ"ملف العراق"، يتجاوز الاهتمام الاستعماري التاريخي الذي يعود إلى مصالح اقتصادية بالأساس، ليسترجع شعارات "المسؤولية" تجاه مسيحيي العراق الذين شاهدوا نكبات وهجرات خفضّت من أعدادهم في بلدهم الأم.
يميل الموقف الفرنسي لحالة أكثر استقرارًا في العراق أكثر من نظيريه البريطاني والأمريكي
مصلحة فرنسا في استقرار العراق، هي مصلحة مبدئية تؤكدها الدبلوماسية والإعلام الفرنسيان على الدوام، كما تسهم دبلوماسيتها في إيجاد حلول أقل تطرفًا من الحل البريطاني أو الأمريكي، الذي عادة ما انغمس في حربه ضد صدام، وهي الحرب التي لم يوافق يومها جاك شيراك، الرئيس الفرنسي الأسبق على خوضها.
لكن ماذا يمكن أن يقدم مؤتمر دولي في باريس، للموصل، سوى مقترحات مدونة على الورق؟ ومن يضمن أن الأموال المرصودة للموصل ولإنهاضها، لن تذهب إلى جيوب الفاسدين؟ ولماذا إشراك تركيا فيه؟.
لم تستغن فرنسا في تبرير تدخلها في الشأن العراقي عن عنوان حماية المسيحيين والأقليات
مؤتمر باريس الذي لم يعلن عنه إلا بعد بدء المعركة لطرد "داعش" بيومين، لم يكن على الأجندة لينعقد بسرعة ومن دون سابق إنذار، ولم يستمر سوى يوم واحد، كما تحتاج نتائجه إلى مزيد من الشروح.
أقرأ/ي أيضًا: داعش يطيل معركة الموصل.. استراتيجية نقل العمليات
اللافت أن المؤتمر، شاركت فيه عشرون دولة إضافة إلى العراق. وتم اقتراح ثلاثة "صيغ"، تقدمت بها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي مقترحات غامضة وملتبسة، وعمومية. فالمقترح البريطاني يؤكد ضرورة محاربة الإرهاب في كل مكان في العالم بأمر أممي ملزم.
تدرجت مقترحات مؤتمر باريس بشأن الموصل في غموضها بين الإغاثة وحماية الأقليات والحرب على الإرهاب
أما المقترح الفرنسي وهو أكثر غموضًا من المقترح البريطاني، فيطالب بـ"ضرورة الحفاظ على وحدة الموصل وحقوق الأقليات"، ويحذر من "التغيير الديموغرافي بحصانة الدستور العراقي". لكن فعليًا، هل باستطاعة الدستور العراقي حماية المواطنين؟ وهل العراق حاليًا دولة يمكن القول إنها تحتكم إلى الدستور؟ إضافة إلى أن الدستور نفسه، مشبوه ومفخخ بالثغرات وهو أحد أسباب تعثر قيام دولة نافذة وقوية. فهو يتصف بـ"الطائفية" وتحجيم "الحريات"، ولا يناسب دولة خرجت من حكم استبدادي دام أربعة عقود لتخرج منه في ملاقاة احتلال وتدخلات أجنبية وفساد وإرهاب.
أما المقترح الألماني فهو الوحيد الذي يتضمن رغبة في تقديم العون إلى الموصل والإسهام في إعمارها وما خربته الحرب فيها. لكن من يضمن أن الدول العشرين المشاركة في المؤتمر ستفي بوعودها بعد أن ضاعت سبعمائة مليون دولار من خزينة الدولة العراقية، بل اختفت بالمطلق دون ترك أي أثر؟
أقرأ/ي أيضًا: