الترا عراق - فريق التحرير
تحبس البلاد أنفسها بعد أن باتت أقرب إلى "المواجهة" من أي وقت مضى، ففي وقت لم يجد أبرز قيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بدًا من الحديث بعد صمت طويل، نطق "كفرًا" بالتهديد الصريح بـ "الحرب" في حال تعرض مقر آخر للقصف، ما دعا رئيس الحكومة عادل عبد المهدي إلى عقد اجتماع عاجل لقيادات الحشد الشعبي، كشف نتائجه بيان مدو آخر صدر عن رئيس الهيئة فالح الفياض.
قال رئيس هيئة الحشد الشعبي إن بيان أبو مهدي المهندس لا يمثل الحشد الشعبي ليعلن "انشقاق" الحشد إلى محور إيراني وآخر موال لبغداد
كان قصف جديد قد استهدف مخزن عتاد للحشد الشعبي في بلد بمحافظة صلاح الدين، يوم الثلاثاء 20 آب/أغسطس، ليضع الحكومة والحشد في حرج شديد على حد سواء، فيما ظل الإعلام الإسرائيلي يتبجح بمسؤولية تل أبيب عن الهجمات ويسخر من صمت السلطة في بغداد.
اقرأ/ي أيضًا: "ورطة" عبد المهدي بين السخرية والاتهام.. "إسرائيل" والحشد في حادثة جديدة!
قرر المهندس أقرب قيادات الحشد إلى قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، وعرابه في العراق الخروج عن الصمت، ووجه باسم الحشد، اتهامًا مباشرًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن الهجمات التي نفذت بـ "طائرات إسرائيلية"، مؤكدًا امتلاك "معلومات دقيقة وخرائط وتسجيلات تثبت ذلك"، محذرًا من "مشروع قادم لتصفيات جسدية لعدد من الشخصيات الجهادية والداعمة للحشد الشعبي".
كما هدد المهندس بـ "الحرب" ضد القوات الأمريكية، حين قال إن "المسؤول الأول والأخير عما حدث هي القوات الأمريكية، وسنحملها مسؤولية ما يحدث اعتبارًا من هذا اليوم، فليس لدينا أي خيار سوى الدفاع عن النفس وعن مقراتنا بأسلحتنا الموجودة حاليًا واستخدام أسلحة أكثر تطورًا"، فيما سارع زعيم عصائب أهل الحق أحد أبرز فصائل الحشد المقربة من إيران، قيس الخزعلي تأييده للبيان، عادًا أنه "وضع النقاط على الحروف"، مشددًا أن "كل من يريد استهداف أمن العراق مرة أخرى عليه أن يحذر فالعراق لم يعد كما كان، فهو يمتلك القدرة الكاملة للدفاع عن نفسه".
بالمقابل نفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، تورط الولايات المتحدة بالانفجارات التي طالت مستودعات للذخيرة في العراق. وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون روبرتسون، إن "الولايات المتحدة ليس لها أي علاقة بالانفجارات التي طالت مستودعات للذخيرة في العراق".
وبعد اجتماع طارئ لقيادات الحشد الشعبي بطلب من القائد العام للقوات المسلحة، صدر بيان ناري آخر هذه المرة من رئيس الهيئة فالح الفياض، ليعلن "رسميًا" عن انشقاق الحشد الشعبي، إلى "حشد إيراني أو ولائي" وآخر موال للحكومة.
كان مصدر مطلع في الحشد الشعبي أبلغ "ألترا عراق"، مطلع شهر آب/أغسطس الجاري، أن "الحشد الشعبي أصبح يعاني تشتتًا كبيرًا، مبينًا أن "بعض جهاته تحاول أن تتجه إلى الطابع الرسمي والدبلوماسي لكسب الشرعية الداخلية والإقليمية والعالمية، فيما تتجه الجهات الأخرى إلى الإبقاء على صبغة المقاومة للمحافظة على المقبولية لدى جماهيرها من جهة، وعلى علاقاتها الإقليمية مع إيران وحزب الله اللبناني من جهة أخرى".
ظلت قيادات الحشد الشعبي تتجنب ظهور "الانشقاق" في صفوفه لفترة طويلة، لكن الأمر خرج عن السيطرة بعد سلسلة الهجمات ضد مخازن العتاد
أضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "الفصائل من أمثال كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا الخراساني، وجزء من منظمة بدر وغيرهم، ساخطين جدًا من موقف هيئة الحشد الشعبي التي تهربت من اتهام "إسرائيل" بقصف المواقع العراقية"، مشيرًا إلى أن "هذا الانشقاق ليس بجديد، ولكن في كل مرة يتم تدراك الموقف بغية عدم ظهور تلك المشاكل الداخلية للعامة".
لكن ما حدث في ساعة متأخرة من ليل الخميس أكد خروج الأمر عن السيطرة، حيث قال الفياض، إن "ما نسب الي المهندس - بغض النظر عن صحة صدوره عنه - لايمثل الموقف الرسمي للحشد الشعبي وأن القائد العام للقوات المسلحة أو من يخوله هو المعبر عن الموقف الرسمي للحكومة العراقية وقواتها المسلحة"، كما لم ينف مسؤولية إسرائيل عن الهجمات ضد الحشد الشعبي، مؤكدًا أن "التحقيقات الأولية التي قامت بها اللجان الخاصة الموسعة والمشكلة بأمر القائد العام للقوات المسلحة حول الانفجارات الأخيرة في مخازن العتاد التابعة لهيئة الحشد الشعبي، أظهرت أنها كانت بعمل خارجی مدبر، وأن التحقيقات مستمرة للوقوف بشكل دقيق على الجهات المسؤولة من أجل اتخاذ المواقف المناسبة بحقها".
أكد بيان الفياض أيضًا، أن "الحكومة ستستمر وخصوصًا أجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة بكافة تشكيلاتها بمتابعة التطورات واتخاذ الإجراءات المطلوبة لحماية أمن العراق وشعبه ودرء المحاولات التي تسعى لزعزعة الاستقرار وخلط الأوراق، وزجه في حرب سعينا ونسعى لتجنيب العراق والمنطقة من مخاطرها"، مشيرًا إلى "اتخاذ سلسلة من التدابير لتعويض الخسائر البشرية والمادية والإسراع بنقل مخازن العتاد إلى الأماكن المؤمنة والبعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان واتخاذ كافة الإجراءات لحمايتها، مع التشديد الأمر الصادر من القائد العام للقوات المسلحة بالسيطرة التامة على الأجواء العراقية وإيقاف كل الرخص كما ورد في الأوامر والتوجيهات الصادرة حول الموضوع".
اقرأ/ي أيضًا: ليلة "الرعب" في بغداد: روايتان "تدينان" الحشد.. كيف "تتلاعب" به إسرائيل؟!
واندلعت النيران في قاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين العراقية في 20 آب/أغسطس، في سيناريو متطابق لانفجار معسكر الصقر في بغداد قبل أيام قليلة، فيما أكدت مصادر مسؤولة مقربة من قيادة الحشد أن طائرة مسيرة مجهولة استهدفته، مستبعدةً أن يكون نتيجة حريق عرضي أو قذائف هاون، كما تعلن السلطات في كل حادث مشابه.
وحظي الحادث بتغطية إسرائيلية كبيرة، فيما أشارت عدة تقارير إلى من بينها ما نشرته صحف عبرية إلى أن القصف الجديد يكشف بشكل لا يقبل الشك دخول العراق ضمن جبهة النشاط الإسرائيلي ضد إيران بعد أن كان يقتصر على سوريا.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد في تصريحات أدلى بها مساء الإثنين 19 آب/أغسطس، ونقلتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإلكترونية، أن "الدولة اليهودية ستواصل العمل عسكريًا كلما وحيثما كانت هناك حاجة للقيام بذلك".
باتت البلاد أقرب إلى "هاوية" الصراع الأمريكي الإسرائيلي ضد إيران من أي وقت مضى
وعن الهجمات الأخيرة على المنشآت العسكرية في العراق، والتي تنسب إلى إسرائيل، قال نتنياهو للصحفيين خلال مؤتمر صحفي في كييف، "إن إيران ليس لديها حصانة في أي مكان"، مشددًا أن "الإيرانيين ما زالوا يهددون إسرائيل بالإبادة، وأنهم يقومون ببناء قواعد عسكرية في أنحاء الشرق الأوسط لتنفيذ ذلك الهدف"، مشيرًا إلى أن "الاتفاق النووي لعام 2015 هو السبب وراء العدوان الإيراني المتزايد"، فيما هدد بالقول : "سنتصرف ضدهم، أينما كان ذلك ضروريًا، ونحن نتصرف حاليًا بالفعل".
كل ذلك يشير، وفق مختصين، إلى أن البلاد باتت أقرب من أي وقت مضى إلى "هاوية" الصراع الأمريكي الإسرائيلي ضد إيران، والتي تحاول حكومة عبد المهدي وكذلك أغلب الأطراف السياسية والأوساط الشعبية تجنبها، حيث لم يمض طويلًا منذ إعلان نهاية المعارك ضد تنظيم "داعش" والتي كلفت البلاد خسائر جسمية بالأرواح والأموال والموارد.
اقرأ/ي أيضًا:
انقسام وسخط داخل الحشد الشعبي مصدره "إسرائيل"!
صواريخ على الأرض و"رسائل ود" في فيسبوك.. "إسرائيل" لا تفكر بالسلام مع العراق!