04-أبريل-2023
المولدات

تكلفة إنتاج "الأمبير" لا تتجاوز 8 آلاف دينار بأسوأ الظروف (Getty)

 في مطلع كل شهر جديد، تحدد محافظة بغداد والإدارات المحلية للمحافظات الأخرى تسعيرة محددة للأمبير بالنسبة للمولدات، حيث تعتمد هذه التسعيرة على معايير محددة من بينها ساعات التجهيز للكهرباء الوطنية، وأسعار الكاز، وكميات الكاز الذي توفره الحكومة لهم وفق أسعار مدعومة.

يكون تحديد سعر الأمبير للمولدات عرضة للسخرية من قبل مواطنين لأنهم يرون أنه "على الورق فقط"

إلا أنّ تحديد تسعيرة الأمبير في مطلع كل شهر، يتحول إلى "نكتة" بين الأوساط الشعبية، فالمواطنون والإدارات المحلية جميعهم يعرفون أن ما يكتب على أوراق القرارات والإعمامات الشهرية هذه، لا تتعدى حدود الأسطر المكتوبة بها، وأسعار الأمبير في الواقع أكبر بضعف إلى ضعفي السعر المحدد على الأقل.

على سبيل المثال، حددت محافظة بغداد تسعيرة الأمبير لشهر نيسان/أبريل الحالي، ليكون التشغيل من الساعة 12 ظهرًا وحتى الساعة 1 ليلًا بـ5000 دينار، وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية، والتشغيل الليلي من الساعة 12 ظهرًا وحتى الساعة السادسة صباحًا بـ 7000 دينار، وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية، أما التشغيل الذهبي لمدة 24 ساعة، حددت المحافظة سعره بـ10 آلاف دينار للأمبير، بالتناوب مع الكهرباء الوطنية.

المولدات

ومنحت المحافظة وفق بيانها، مسؤول الوحدة الإدارية، صلاحية تحديد سعر الأمبير (تقليل التسعيرة)، بما يتلاءم مع تجهيز الطاقة الكهربائية للمنطقة، بشرط ألا يتعدى السعر الذي تم تحديده.

 

ويظهر الاطلاع السريع على الصفحات الرسمية وغير الرسمية التي تنشر هذا الإعمام، تعليقات ملأى بالسخرية، وكذلك مطالبة المسؤولين بـ"أخذ جولة للتعرف على الأسعار الحقيقية، وتحديهم بإمكانية اتخاذ إجراءات أو محاسبة أي مخالف".

وبالرغم من أنّ التجهيز الكهربائي هذا الشهر كان جيدًا وفق تعليقات المواطنين، حيث أن خلال شهر آذار/مارس بالكامل، لم يتم تشغيل المولد سوى 72 ساعة، بسبب جودة تجهيز الكهرباء، إلا أن تسعيرة الأمبير في أغلب مناطق العاصمة بغداد وللتشغيل الذهبي، لم يكن أقل من 20 ألف دينار، أي ضعف التسعيرة المحدّدة من قبل المحافظة.

وعند مناقشة أصحاب المولدات بشأن التسعيرة، يؤكدون أنهم "لا يتسلمون حصص الكاز من الدولة بالسعر المدعوم، ويضطرون لشرائه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، لأن مولداتهم غير مسجلة لدى المحافظة"، وهو ما يقوله أحد مشغلي المولدات في منطقة البياع ببغداد.

ويضيف لـ"ألترا عراق"، أنه "حتى مع عدم التشغيل لساعات طويلة خلال الشهر الماضي، فهو موسم الربح حيث سيأتي الصيف وسنشغل لساعات طويلة وبسعر أمبير قد لا يتجاوز الـ25 ألف دينار".

المولدات

وتواصل "ألترا عراق"، مع معاون محافظ بغداد لشؤون الطاقة قيس الكلابي، بشأن الاستيضاح عن سبب إعلان التسعيرة الشهرية التي لا تفضي إلى شيء ولا يلتزم بها أصحاب المولدات، ولا تتم محاسبتهم إذا ما خالفوها، وفقًا لمواطنين.

لكنّ الكلابي، وبعد أن سمع الأسئلة، تعذر بوجود اجتماع عاجل ولا يستطيع  التواصل الآن، وسيقوم بتزويدنا برقم هاتف أحد المنسقين الإعلاميين في المحافظة لنقوم بالتواصل معه، إلا أنه لم يزود فريق "ألترا عراق" بالرقم ولم يجب على الاتصالات والرسائل فيما بعد.

ويقول أحد المواطنين الذين تحدث إليهم "ألترا عراق"، إنّ "إعلان المحافظة بالتبليغ عن المخالفين أمر مثير للسخرية والحنق بذات الوقت، فأصحاب المولدات لديهم علاقات مع المسؤولين الإداريين في رقعتهم الجغرافية، وأية عملية تفتيش تنتهي بدفع رشوة متعارف عليها، وباعتراف أصحاب المولدات أنفسهم الذين يقولونها بملء الفم عند أي اعتراض، ويهددون بقطع سلك السحب لأي مواطن يعترض على التسعيرة".

ولعلّ أهم أسباب غياب المحاسبة لأصحاب المولدات، هو عدم وجود مادة قانونية تنظّم عمل المولدات أو يمكن أن يتم محاسبتهم قضائيًا على أساسها، بحسب إيضاح سابق لمحافظة بغداد.

أما السبب الآخر، بحسب ما يعتقده الأكاديمي المتقاعد إسماعيل ناصر، فهو يكمن بـ"العبارة التي ترددها المنظومة الحكومية دائمًا، وهي أن أصحاب المولدات هم الذراع الساند لمؤسسات الدولة"، فهي لا تسندهم بتوفير الخدمة للمواطنين فحسب، بل "تساهم بإنقاذ الحكومة من غضب المواطنين وثورتهم في حال انقطاع وتراجع أداء المنظومة الكهربائية في أي ساعة، وهو ما يعد الخط الأحمر لدى المواطنين والدافع الأكبر للتظاهر في كل مرة مع حرارة الصيف، لذلك تحرص المنظومة الحكومية على عدم استعداء أصحاب المولدات"، وفقًا لناصر.

كم يكلف إنتاج الأمبير الواحد؟

توفر الدولة الكاز لأصحاب المولدات بسعر 400 دينار للتر الواحد، وأثناء الأزمات، كانت توفر دعمًا أكبر بتخفيض سعر اللتر إلى 250 دينار، وزيادة الحصة إلى 25 لترًا لكل KVA.

وبعيدًا عن الدعم، اختار "ألترا عراق" التعرف على كلفة الأمبير على أصحاب المولدات في أسوأ الحالات، وعدم الحصول على أي دعم من أي نوع، لنتوصل أن كلفة الأمبير وبساعات تشغيل طويلة تعادل 12 ساعة باليوم، اتضح أن لن يكلّف أكثر من 8 آلاف دينار، فيما يبيعه أصحاب المولدات وسط هذه الظروف المذكورة بـ25 ألف دينار عراقي أو أكثر في بعض المناطق.

ويقول المهندس الميكانيكي، أمجد حميد لـ"الترا عراق"، إنّ "المولد بقدرة 100 KVA، تستهلك كمتوسط وفي أسوأ الأحوال عند زيادة الأحمال 15 لترًا بالساعة".

وأضاف أنّ "هذا المولد ينتج 450 أمبير، وكلفة كل لتر  كاز بالمتوسط550 دينارًا"، ما يعني أن كلفة الوقود في الساعة أكثر من 8 آلاف دينار، ومع "احتساب كلفة الصيانة والزيت، فيمكن أن تبلغ كلفة تشغيل ساعة واحدة 10 آلاف دينار، ينتج منها 450 أمبيرًا، ما يعني أن كلفة الأمبير في الساعة الواحدة تبلغ 22 دينارًا".

ووفقًا لذلك، فإنّ التشغيل الذهبي على سبيل المثال، وفي حال كان تجهيز الكهرباء خلال اليوم 12 ساعة فقط، أي سيتحمل صاحب المولد التشغيل لـ12 ساعة المتبقية خلال اليوم، ستكون كلفة الأمبير 266 دينارًا في اليوم، وفي الشهر ستبلغ 8 آلاف دينار، وهذا باحتساب تشغيل نصف يوم بالكامل، وبحساب سعر الوقود بسعر السوق السوداء، ما يشير إلى أنّ الربح وفق سعر أمبير 25 ألف دينار سيلبغ أكثر من 150% من سعر الكلفة، وفقًا لحسابات حميد.

هذا الكلام يقابل من قبل أصحاب المولدات بـ"السخرية"، لأنهم يعتقدون أنه على الورق فقط، وأن التكلفة أعلى من ذلك، لكنّ حميد يقول إنّ "هذا الكلام على الورق فقط في حالة واحدة سببها أهل المولدات أنفسهم، وهي أنهم يحملون المولد أكثر من طاقتها فيما يخص عدد المشتركين".

كلفة الأمبير وبساعات تشغيل تعادل 12 ساعة يوميًا لن تكلف أصحاب المولدات أكثر من 8 آلاف دينار

وبغض النظر عن كل الاحتمالات، تبقى تسعيرة الأمبير لهذا الشهر على سبيل المثال، مرتفعة لأن الكهرباء لم تنقطع سوى 72 ساعة وفق العديد من المواطنين، ما يعني أن كلفة الأمبير على أصحاب المولدات خلال 30 يومًا لا تتجاوز الألفي دينار، في الوقت الذي تقاضوا 20 ألف دينار على كل أمبير من قبل المواطنين.