بعد أشهر من تعطيل استكمال الكابينة الوزارية، ومفاوضات دون جدوى، لاح ضوء في نهاية نفق حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بعد التقارب الأخير والاجتماعات المتكررة بين تحالفي الفتح وسائرون واتفاق الحزبين الكرديين، لكن الوصول إليه لا زال بعيدًا، بعد أن خلا جدول أعمال جلسة البرلمان الأولى في فصله التشريعي الجديد، من فقرة استكمال الحكومة.
تشير المعلومات التي كشف عنها نواب ومصادر، إلى حلحلة أزمة استكمال حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعد اتفاق سائرون والفتح والحزبان الكرديان
كان الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب، انتهى، بعد التصويت على 19 وزارة على عدة جولات، ثم قدمت المرشحة المُصوت عليها لاستيزار التربية، والتي لم تقسم اليمين أمام مجلس النواب، استقالتها الخطية بعد إثارة قصة شقيقها القيادي في تنظيم داعش. لتبقى أربع وزارات شاغرة تُظهر صراع الأحزاب داخل المكون الواحد، فالعدل مشكلة كردية، والتربية والدفاع سُنية، والداخلية شيعية.
اقرأ/ي أيضًا: ما حقيقة خلافه مع سائرون وتقاربه مع المالكي.. الحكمة يرد
لا تتعلق المشكلة الكردية حول وزارة العدل بشخص المرشح للوزارة، بل بالجهة التي تُرشحه. حيث يصر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني على عدم تسليم حقيبة العدل إلى جعبة خصمه اللدود الاتحاد الوطني الكردستاني، لكن الأخير بات قريبًا من المنصب بعد الاتفاق الجديد بين الحزبين.
بينما يجري الصراع على الأسماء المرشحة لبقية الوزارات بعد حسم الجهة المخولة بالترشيح وفق التوافق التحاصصي. التربية لمحور الخنجر، والدفاع لعلاوي، والداخلية للفتح؛ إلا إن خلاف الكتل الأخرى يُعطل التصويت على مرشحي الأطراف المذكورة.
الفتح والسائرون يجتمعان.. وأحاديث عن حل الأزمة
قبل انتهاء الفصل التشريعي الأول جرى الحديث عن قرب اتفاق تحالفي الفتح وسائرون على حل أزمة وزارة الداخلية وبقية الحقائب الوزارية. وقال النائب عن تحالف سائرون غايب العميري، في 14 كانون الثاني/يناير، في تصريح تلفزيوني، إنه "تم الاتفاق على استبدال فالح الفياض بخمسة مرشحين لوزارة الداخلية".
وفي اجتماع بين تحالفي سائرون والفتح بداية شباط/فبراير، قال زعيم الفتح هادي العامري، إن "الخلاف السياسي أمر وارد، لكن الفشل سيحسب على تحالفي البناء والإصلاح"، داعيًا إلى "إنهاء الصراع السياسي المستمر منذ عام 2003، وتغليب العقل والحكمة للخروج بموقف واحد لخدمة الناس".
أما رئيس وفد سائرون نصار الربيعي، فقال إن "التحالفين شكلا لجنة مشتركة"، مشيرًا إلى أن "عملية استكمال الكابينة الوزارية ستتم في جلسات مجلس النواب المقبلة". ويعقد مجلس النواب، اليوم السبت 9 آذار/مارس، جلسته الأولى من الفصل التشريعي الثاني.
عقدة الفياض
كانت تسريبات عدة قد خرجت، حول سحب ترشيح فالح الفياض، حيث كشف المحلل السياسي مفيد السعيدي، عن "اتفاق بين تحالفي الفتح وسائرون على سحب ترشيح الفياض لوزارة الداخلية لكن دون أن يتفقا على اسم بديل".
كما قال النائب عن تحالف سائرون رامي السكيني في تصريح لصحيفة الصباح شبه الرسمية، في الثالث من آذار/مارس، إن "المنهج الجديد في اختيار وزير الداخلية يعني أن المرشح فالح الفياض أصبح جزءًا من الماضي، ولن يتم طرحه مرة أخرى للمنصب وهو ما نجحت فيه قائمة سائرون".
قال تحالف سائرون إن ترشيح الفياض بات جزءًا من الماضي وفق المنهج الجديد، وسط تضارب في التصريحات من الفتح
أضاف السكيني، أن "الاتفاق حصل بضرورة إبعاد مرشحي الوزارات الأمنية عن المسميات الحزبية وهو الموقف ذاته الذي أعلنا عنه منذ تشكيل الحكومة"، مبينًا في تصريح صحافي أن "المرشحين الجدد متركون للمفاوضات، وقسم منهم قادة في الفرق العسكرية وأصحاب رتب عليا في الوزارات الأمنية".
من جانبه أكد، النائب عن تحالف سائرون سلام هادي، في 3 آذار/مارس، إن "المجتمعين (الفتح وسائرون) اتفقوا على عدم طرح ودعم أي مرشح فيما يخص الحقائب الشاغرة، وترك الاختيار لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي"، مبينًا أن "الطرفين لم يطرحا أسمًا معينًا، لا فالح الفياض ولا غيره".
نفي وتأكيد من الفتح
بالمقابل، أكد النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي، ما ذهبت إليه الترسيبات والتصريحات، مبينًا أن "تحالف البناء قدم أسمين جديدين لحقيبة وزارة الداخلية، أحدهما يحظى بمقبولية من تحالف سائرون والآخر رُفض من قبل تحالف الإصلاح"، رافضًا الكشف عن الاسمين البديلين لفالح الفياض.
لكن النائب عن التحالف أحمد الكناني، نفى ما يرد من أنباء عن سحب ترشيح الفياض لوزارة الداخلية. وقال الكناني في تصريح تلفزيوني إن "اجتماعات سائرون والفتح لم تتطرق إلى اسماء المرشحين لوزارة الداخلية، لاستبدال الفياض بمرشح آخر"، مشيرًا إلى أن "ما تم الكشف عنه في وسائل الإعلام مجرد تحليلات سياسية".
ورجح الكناني، "استكمال الكابينة الوزارية خلال الجلسات الأولى لمجلس النواب في الفصل التشريعي الثاني، وذلك بسبب توصل سائرون والفتح إلى اتفاقات وحلول للكثير من المواضيع في الاجتماعات الأخيرة".
جدول البرلمان دون كابينة
لكن جدول أعمال الجلسة الأولى، خلا من فقرة عرض المرشحين للحقائب الوزارية الشاغرة، على الرغم من تأكيدات سابقة صدرت عن نواب من التحالفين، حيث تضمن جدول أعمالها، وفق بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب، كلمة لرئيس الجمهورية، ثم دعوة عامة لمناقشة توحيد جهود السلطات لمكافحة الفساد الإداري والمالي بحضور رئيس الوزراء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس ديوان الرقابة المالية، ورئيس هيئة النزاهة، ما يشير إلى عدم التوصل إلى اتفاق بشأن المرشحين للوزارات الشاغرة حتى الآن.
اقرأ/ي أيضًا: مستشارون بلا قانون يتكدسون في مكاتب فخمة.. ماذا يفعلون؟!
وانتقد النائب عن تحالف الإصلاح والإعمار علي البديري، "عدم قدرة رئيس الوزراء عبد المهدي على استبدال وإقالة وزراء ومسؤولين متورطين بالفساد". وقال البديري إن "مواقف الكتل السياسية لا تزال متضاربة بشأن تمرير مرشحي الحقائب الشاغرة، ما يعطل عملية استكمال الكابينة الوزارية"، مشيرًا إلى "استمرار تغليب المصالح الحزبية على الثوابت الوطنية".
سائرون: سنكمل الكابينة خلال أسبوع
من جانبه قال النائب عن تحالف سائرون سعران الأعاجيبي لـ "ألترا عراق"، إن "تحالفي سائرون والفتح، اتفقا على تمرير أكثر من مرشح لوزارة الداخلية"، مبينًا أن "السياق ذاته سيجري بشأن وزارة الدفاع"، فيما أكد "وجود توافق على وزارة العدل بين الحزبين الكرديين".
لم تخرج الكتل السياسية بقرار حاسم حول مرشحي الوزارات الأربع الشاغرة حتى هذه اللحظة، ما أدى إلى غياب فقرة استكمال الحكومة عن أعمال جلسة البرلمان الأولى من الفصل التشريعي الجديد
أشار الأعاجيبي، إلى أن "الكتل السياسية لم تخرج بقرار حاسم، بشأن الكابينة، حتى اللحظة"، مبينًا أن "تلك الكتل قد تغير رأيها في الساعات الأخيرة قبل التصويت".
وعن ترشيح فالح الفياض، قال الأعاجيبي "معلوماتي أن الفياض سحب ترشيحه ولكن لا يوجد شيء رسمي لغاية الآن، والأمور قد تتغير بين اللحظة والأخرى"، موضحًا أن "الفياض قد يكون من ضمن ثلاثة مرشحين سيطرحون على مجلس النواب وقد لا يكون، فكل شيء يرجع للتوافق السياسي بين الكتل".
بين الأعاجيبي أيضًا، أن "آلية التصويت ستكون، إما باختيار مرشح وحيد من قبل رئيس الوزراء وعرضه للتصويت، أو عرض أكثر من مرشح ليحسم البرلمان قرار اختيار واحد منهم"، متوقعًا تمرير الكابينة الوزارية خلال أسبوع، رغم أن الجلسة الأولى ستكون افتتاحية لمناقشة ملف الفساد الإداري والمالي.
اقرأ/ي أيضًا:
الفراغ الوزاري في العراق.. رهان لأجل المحاصصة
أزمة استكمال الحكومة العراقية.. صراع أخير على تفاصيل المحاصص