لعلّ من أكثر المناطق المتأثرة بـ"كارثة" الجفاف في العراق، هي مناطق أهوار الجنوب، وهي مجموعة مسطحات مائية تشتهر بها البلاد، وتمتد بين محافظات ميسان وذي قار والبصرة.
قالت الموارد المائية إنّ العراق الآن لا يتسلّم غير أقل من 50 % من استحقاقه الطبيعي من المياه
وخسرت الأهوار العراقية حتى الآن 40% من مساحاتها المائية نتيجة الجفاف الحاصل وقلّة الإيرادات القادمة للعراق من دول المنبع، وفق تصريحات للمتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال.
ودخلت أهوار جنوب العراق، إلى لائحة التراث العالمي في تموز/يوليو خلال العام 2016.
وقال شمال لـ"ألترا عراق"، إنّ "كل المنظمات الدولية وأولها اليونسكو تدعم جهود الحفاظ على الأهوار العراقية بمواجهة خطر الجفاف، ويتم العمل على استثمار كونها مدرجة على لائحة التراث العالمي لتأمين الحصص المائية بالمفاوضات الجارية مع دول المنبع".
وبحسب شمال، فإنّ "الأهوار ليست مسطحًا أو خزانًا مائيًا، ولا تأخذ كميات مياه ثابتة، بل نسبة من الإيرادات المائية، ولهذا عندما تنخفض كميات الإيرادات في البلاد تتضرر الأهوار تلقائيًا والعكس صحيح بالارتفاع، عندما تطلق دول المنبع كميات مناسبة بالدرجة الأساس من تركيا ثم إيران ثم سوريا لأن أكثر من 70 % من إيرادات المياه هي خارجية بالنسبة للعراق".
وعلى الرغم من أنّ كميات المياه المفقودة في الأهوار بلغت 40 % من مساحتها، لكن شمال يعتقد أنه "يمكن استردادها حين عودة الإيرادات لمستواها الطبيعي".
وأضاف شمال أنّ "العراق الآن لا يتسلّم غير أقل من 50 % من استحقاقه الطبيعي وهذا يؤثر على كل القطاعات المستهلكة، مع قيام وزارة الموارد المائية بإعطاء أولوية الكميات للشرب والمنزلية والبيئية والصحية، ثم الزراعية ثم الأهوار المؤدية لشط العرب".
وتعتبر الأهوار تعتبر منظومة بيئية أركيولوجية وإرث حضاري وجزء من هيبة العراق القديم والحديث، كما يقول شمال الذي يشير إلى أنّ "هور الحمار مساحته كانت تقترب من 3 آلاف متر مربع في مواسم الفيضانات، أما في نهاية الصيف فقد تقلص إلى 700 متر مربع فقط".
وفي تموز/يوليو من العام 2023، وصفت وزارة البيئة، ما يحدث في الأهوار بـ"الكارثة"، داعية وزارة الموارد المائية، إلى إيجاد الحلول السريعة لأزمة المياه.
وقتها قالت وزارة البيئة إنّ "التنوع الإحيائي في كارثة بيئية حقيقية بسبب قلة مناسيب الأنهار والأهوار والأراضي الرطبة"، مبينة أنّ "ذلك تسبب بتردي نوعية المياه وقلة الأوكسجين المذاب وزيادة التراكيز الملحية".
ترى وزارة الموارد المائية أن المساحات التي خسرتها الأهوار يمكن استردادها حين عودة الإيرادات المائية لمستواها الطبيعي
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام 2022، دعا نواب عن محافظة ذي قار، إلى إعلان الأهوار منطقة منكوبة بسبب ما تمر به من خسارة لمساحاتها ونفوق الأسماك، فضلًا عن فقدان التنوع الإحيائي فيها.
ويتحدث الناشط البيئي، جاسم الأسدي، عن فقدان الأهوار العراقية لنسبة كبيرة من مستويات الإغمار خلال السنوات الأربع الأخيرة.
ويقول الأسدي لـ"ألترا عراق"، إنّ "أعلى نسبة إغمار في الأهوار بلغت 96 % في عام 2019، لكنها انخفضت إلى حدود 15 % أو أقل حاليًا بسبب السياسة المائية لدول الجوار وسوء التوزيع الذي حصل في أعوام 2020 و2021 و 2022 بوجود الوزارة الجديدة التي تسلمت مهامها بتلك الفترة".
وشهدت السنوات المذكورة بداية انخفاض مناسيب المياه الكلية إلى 9 مليارات متر مكعب في السدود الثلاثة الرئيسية للعراق، وهي الموصل وحديثة ودوكان إضافة لبحيرة الثرثا، بحسب الأسدي الذي لفت إلى أنّ "الأهوار بحاجة لخطة تعيد إغمارها من جديد وفقًا للمعطيات التي حدثت بين عامي 2004 و 2024 ".
واعتبر الأسدي أنّ "منظمة اليونسكو لن تستطيع فعل شيء لإنقاذ الأهوار لأنها من أضعف منظمات الأمم المتحدة ولكنها تستطيع توفير جملة من الإجراءات ضمن التفاوض مع تركيا، إذا كان للعراق الجرأة للذهاب بذلك، فضلًا عن الحاجة للشعور بالمسؤولية للمضي بعقد اتفاقية ثنائية مع تركيا حول المياه"، مؤكدًا "عدم إمكانية تحقق ذلك بدون وضع سلة من القضايا للدخول بمفاوضات جادة مع تركيا، مثل النفط ووجود حزب العمال الكردستاني والزراعة والمياه".
قال الناشط البيئي جاسم الأسدي إن منظمة اليونسكو لن تستطيع فعل شيء لإنقاذ الأهوار لأنها من أضعف منظمات الأمم المتحدة
وأشار إلى أنّ "أزمة الأهوار هي موضوع داخلي ومحلي ولا تستطيع أي دولة أو منظمة دولية لإعطاء الأهوار كمياتها المناسبة من المياه بإطلاقها من تركيا أو من إيران بالنسبة لهور الحويزة".