الترا عراق - فريق التحرير
يتعرض الرجال في العراق إلى التحرش الجنسي بشكل يفوق ما تتعرض له النساء في الأماكن العامة، وفق استطلاع أعدته محطة "بي بي سي" والبارومتر العربي، أظهر أن نسبة الذين أعلنوا تعرضهم للتحرش من الرجال بلغت 20% مقابل 17% من النساء.
كشف استطلاع أعدته محطة "بي بي سي" البريطانية أن الرجال في العراق يتعرضون إلى التحرش أكثر من النساء!
وعلى الرغم من أن الإحصائية قد لا تكون دقيقة لامتناع الكثير من النساء عن الإجهار بالتعرض للتحرش الجنسي أو العنف، كما يشير سياق تقرير المحطة البريطانية ذاتها نقلًا عن مختصين، إلا أن المحطة عززته بقصة مراهق يدعى "سامي" تعرض خلال ثلاث سنوات إلى حادثتي تحرش وحادثة اغتصاب، ما دفعه إلى ترك مدينته والتوجه إلى العاصمة بغداد لبدء حياة جديدة حيث تحول إلى "ناشط سياسي"، فيما سلطت الضوء على تعامل السلطات المسؤولة عن تنفيذ القانون مع مثل تلك الحالات.
اقرأ/ي أيضًا: ظاهرة "العطواني" تثير شبهات "المثلية" في مدينة الصدر.. من هؤلاء وأين العروس؟
"الترا عراق" وجد أن من المناسب عرض قصة المراهق ضمن التقرير الذي أعدته المحطة البريطانية دون تصرف:
شاب يتعرض للتحرش والاغتصاب
لم يضع قانون العقوبات العراقي تعريفًا محددًا للتحرش لكنه يدرج أفعالًا يعرفها بأنها مخلة بالحياء سواء ضد الرجال أو النساء ضمن الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة ويعاقبها بالحبس لمدة تصل إلى ستة أشهر وغرامة تصل إلى 100 دينار عراقي.
ورغم ذلك حتى الرجال يترددون في الإبلاغ عن تعرضهم للعنف الجسدي خشية أن يتهموا بأنهم شركاء في الجريمة من قبل السلطات المختصة - على حد قول شاب من بغداد حاصل على شهادة جامعية وناشط سياسي كان ضحية للتحرش والاغتصاب.
يروي الشاب العشريني لبي بي سي وقائع التحرش التي تعرض لها وتفصل بينها ثلاثة أعوام. أولها حدثت حينما كان تلميذًا في الثالثة عشر من عمره.
"دخلت إلى دورة مياه المدرسة فإذا بثلاثة فتيان في الـ 15 و17 ربيعًا يضعونني في زاوية ويتحسسون جسدي..... كنت طفلًا فلم أكن أعرف ماهو الجنس."
ويستطرد "صرخت إلى أن سمعني زملائي وجاءوا بمدير المدرسة."
ويروي الشاب أنه تم فصل الفتيان دون إخطار أولياء أمورهم أو ذكر سبب فصلهم، أما هو فالكل كان ينظر إليه كشريك في الحادث لا كضحية.
"أخبرني مدير المدرسة بأنه سيمنحني فرصة أخرى رغم كوني الضحية."
تعرض المراهق إلى حادثتي تحرش وحادثة اغتصاب خلال ثلاث سنوات ما جعله غير قادر على إقامة راوبط عاطفية وتأثرت علاقاته بأسرته
يقول إن الحادثة تركت أثرًا مؤلمًا في حياته وما كاد يتغلب عليه حتى تعرض للحادث الثاني بعدها بعامين حينما كان يعمل في متجر في بغداد.
"غمرني صاحب المتجر بالعناية والاهتمام...وفي يوم من الايام حاول الاعتداء علي جنسياً أثناء العمل ثم خاف وتراجع عندما رأني أهم بقذفه بإناء زجاجي."
يروي الشاب أنه بعد مرور عام قضاها بدون عمل حدثت الواقعة الثالثة في متجر بجوار مسكنه يملكه رجل خمسيني.
"في يوم من الأيام، شرع الرجل في ملاطفتي وتقبيلي لكنه توقف عندما طلبت منه ذلك."
لم تكد تمر أربعة شهور على الحادثة حتى وقع الشاب ضحية للاغتصاب على يد أحد أقاربه كان يكبره بثمانية أعوام.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا يفضل العشّاق قضاء مواعيدهم الغرامية بـ"السيارات" في بغداد؟
ويروي: "حضر قريبي إلى المنزل أثناء غياب والدي...جلس إلى جواري وبدأ يريني أفلام إباحية على هاتفه المحمول...ثم مسكني من يدي وضربني في رأسي ثم اغتصبني."
ويقول الشاب متذكرًا حادثة الاغتصاب إنه ارتأى أن الابتعاد عن المكان ربما يخفف من وطأة الصدمة. فأقنع أسرته بالانتقال الى منزل في حي آخر دون أن يخبرهم بما ألم به.
"قطعت علاقتي بأقاربي وبأصدقاء الحي وبدأت حياة جديدة."
لكن كما يقول تغيير المكان لم ينسه الحادث فظل لعدة أعوام غير قادر على إقامة راوبط عاطفية وتأثرت علاقاته بأسرته.
لماذا يتردد الرجال في الإبلاغ؟
يقول الشاب : "المشلكة ليست في القانون بل في في القائمين عليه."
ويستطرد إنه "إذا تقدم رجل بالإبلاغ عن تعرضه للاغتصاب فالأرجح أن الشرطي سيسخر منه ويوبخه".
ليس هناك ثقافة تؤمن بضرورة إنزال العقاب بمرتكبي العنف الجسدي ضد الرجال - على حد قوله.
ويستطرد إنه غالبًا ما تنظر الشرطة إلى ضحايا الاغتصاب من الرجال على إنهم شركاء في الجريمة وتدرجها كفعل من أفعال المثلية الجنسية.
وتقول الشرطة العراقية في بيان أرسلته لـ بي بي سي إن "أبواب مراكزها مفتوحة لجميع الموطنين" وإن استراتيجيتها لمكافحة التحرش تتسق مع مبادئ حقوق الانسان. وتقول إنه إلى جانب استحداث قسم خاص لحماية الأسرة داخل البيت فانه تم إلقاء القبض على متحرشين بعد الإبلاغ عنهم.
وفي كل الدول التي شملها الاستطلاع - باستثناء العراق وتونس - تفوق نسبة النساء نسبة الرجال في هذا الشأن. وعلى عكس العراق، الفرق بين النسبتين لا يتعدى واحدًا بالمئة في تونس.
تنظر الشرطة إلى ضحايا الاغتصاب من الرجال على إنهم شركاء في الجريمة وتدرجها كفعل من أفعال المثلية الجنسية
ومن المسلم به أن العنف الأسري والجنسي مشكلة معهودة تطال النساء بالدرجة الأولى سواءً في المجتمعات العربية المحافظة أو الغربية الحديثة. ولذلك فإن تلك الأرقام تبعث على الاستغراب للوهلة الأولى وخاصة في مجتمع ذكوري تقليدي مثل العراق.
اقرأ/ي أيضًا:
قصص تكشف لأول مرة.. ما أسباب انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال؟
الابتزاز الإلكتروني.. الجنس والأموال مقابل التستر على "الفضائح"!