19-أبريل-2020

دفعت حادثة الفتاة النجفية ملاك الزبيدي للضغط باتجاه تشريع قانون العنف الأسري (Getty)

إلى الواجهة مجددًا، برزت المطالبات بتشريع قانون مناهضة العنف الأسري الذي أخذ حصته من الجدل العام الماضي بعد أن ظل حبيس أدراج البرلمان وسط الاعتراضات من قبل كتل وجهات برلمانية على تشريعه.

دفعت حادثة الفتاة النجفية ملاك الزبيدي للضغط باتجاه تشريع قانون العنف الأسري الذي تحوم حوله الاعتراضات الشديدة

أعطت حادثة الفتاة النجفية ملاك الزبيدي دفعة حماس جديدة للضغط باتجاه تشريع القانون الذي تحوم حوله اعتراضات شديدة واتهامات بـ"استنساخ تجارب غربية" لتطبيقها على مجتمع دون أخذ عاداته وتركيبته المجتمعية بنظر الاعتبار، حتى تصدر وسم "قانون للحد من العنف الأسري" الترند العراقي ليومين متتالين منذ وفاة الفتاة النجفية ملاك متأثرة بحروقها وسط اتهامات تدين زوجها وعائلته بدفعها إلى الانتحار بحرق نفسها.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا يؤجج جحيم العنف.. تفاصيل جديدة ترويها أسرة "ملاك" ووالدة الضابط

يفتح باب اعتقال زوج ملاك وعدد من المتهمين، الباب للتفكير حول ضرورة تشريع قانون جديد، مع وجود قانون العقوبات الذي يتيح محاسبة المعتدي بل يذهب لمحاسبة حتى المشجع على الانتحار، حسب المادة 408 من قانون العقوبات.

إلا أن الراغبين بتشريع قانون مختص بمناهضة العنف الأسري، يسجلون اعتراضهم على المادة (41) من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969، يعطي للزوج حقًا بنص القانون يخوله استخدام الضرب في عملية التأديب، ويعتبره سببًا من أسباب الإباحة وحقًا للزوج يستخدمه حين يوجب الأمر ذلك، واشترط أن يكون بحسن نية وبالحدود المقررة شرعًا أو قانونًا أوعرفًا، وغيرها من القيود التي لا تتيح الضرب بكل أشكاله، إلا أن المعترضين على هذه الفقرة يعتبرون أن المادة "فضفاضة" تتيح الضرب دون حدود، فضلًا عن اعتراضهم على أصل المادة بشكل تام وفكرة إتاحة ضرب المرأة، الأمر الذي يُعتبر مهينًا لمكانتها.

ووسط اعتراضات الأطراف المتناكفة على كلا القانونين، يُطرح سؤال بشأن إمكانية تجاوز النقاط الخلافية من خلال إجراء تعديلات على المواد القانونية الموجودة حاليًا بما يتناسب مع الوضع العام ومتطلبات التغييرات الزمنية، مقابل الاستغناء عن تشريع قانون جديد مخصص للعنف الأسري.

حل وسط

ويقول الخبير القانوني علي التميمي لـ"ألترا عراق"، إن "المادة 41 من قانون العقوبات يقول لا جريمة إذا وقع الفعل ويعتبر استخدامًا للحق في تأديب الزوجة وتأديب الأبناء ومن في حكمهم"، واعتبر التميمي أن "القانون هنا اعتبر المرأة قاصرة وساواها في الصغاروالقصارين وهذه مشكلة كونها تعارض الدستور والشريعة".

وأكد أن "القاضي سيجد مشكلة في تطبيق هذه المادة ومعيار الوصول إلى أن ما بين يديه تأديب لا يعاقب عليه القانون أم تعنيف يوجب العقوبة".

واقترح التميمي "تعديل هذه المادة بطريقة تتيح تبيان الحدود المسموحة من الممنوعة في التأديب"، مشيرًا إلى أنه "حسب القاعدة القانونية فأن القانون لا يعدل ولا يلغى إلا بقانون لذلك يتطلب تعديله بقانون جديد من قبل البرلمان".

خبير قانوني: قانون الأحوال الشخصية وقانون رعاية الأحداث أيضًا يحتاج لتعديل فيما يتعلق بالتفريق والطلاق والخلع والطلاق التعسفي

وأضاف التميمي أن "قانون الأحوال الشخصية وقانون رعاية الأحداث أيضًا يحتاج لتعديل فيما يتعلق بالتفريق والطلاق والخلع والطلاق التعسفي"، مبينًا أن "قانون الأحوال الشخصية صدر عام 1959 وقانون العقوبات صدر عام 1969 وقانون رعاية الأحداث الذي يحمي الصغار صدر عام 1983، لهذا هذه القوانين تحتاج إلى لمسات جديدة يجب أن يعدلها البرلمان بحيث تواكب روح العصر وأن تكون باسلوب جديد".

اقرأ/ي أيضًا: "ملاك" تلفظ أنفاسها.. لقطات أخيرة و"نعي مفجع"

وخلص التميمي إلى أنه "برأيي لا نحتاج إلى تشريع قانون الحماية من العنف الأسري بل نعدل هذه القوانين بطريقة لا تجعل خصومة بين الرجل والمرأة بل بأسلوب يحيي روح الأسرة".

المناهض الأول يرفض التعليق

وحول إمكانية تطبيق هذه العملية كحل وسطي للخصومة الدائرة، تحدث "ألترا عراق" إلى المعارض الأول الذي ارتبط اسمه برفض قانون مناهضة العنف الأسري وإجهاضه، النائب عمار طعمة.

وقال طعمة خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إن "هذه المواضيع تحتاج إلى شرح تفصيلي مطول"، رافضًا الإجابة بشكل مختصر حول اعتقاده ومدى موافقته على إجراء تعديلات على القوانين الحالية وخصوصًا فيما يتعلق بـ"حق التأديب" مقابل عدم تشريع قانون جديد لمناهضة العنف الأسري.

واستغل طعمة الحديث للتأكيد على أن "ما ألم بالفتاة النجفية وما يشابهها من قضايا هي قطعًا مرفوضة شرعًا وعرفًا وقانونًا، وأن التحرك القانوني الذي قام به القضاء والقوات الأمنية يبين جليًا دور قانون العقوبات وكفايته لمعاقبة الجناة ومعالجة حالات العنف الأسري ولا حاجة لتشريع قانون جديد"، معتبرًا أن "قانون العنف الأسري الذي يريدون تشريعه يتيح للبنات أن تشتكي على أبيها في حال لم يسمح لها بفعاليات تشاركها مع الرجال"، فيما جدد رفضه في تبيان رأيه بوضوح بشأن ضرورة إجراء تعديلات على القانون الحالي.

التعديلات لا تنهي الخلافات

من جانبها، اعتبرت الناشطة والفنانة التشكيلية مديرة مؤسسة برج بابل ذكرى سرسم، أن المشكلة أكبر من تعديل قانون بل أن تطبيق القوانين "غائب".

وقالت سرسم خلال حديثها لـ"ألترا عراق"، إن "مشكلة المرأة لا تعتبر أولوية بالنسبة للبرلمان والقوى السياسية الحاكمة"، مشيرة إلى أنه "حتى لو لجأنا إلى التخلي عن تشريع قانون العنف الأسري والتوجه إلى تعديل القوانين الحالية فأنها ستبقى تحتوي على نقاط خلافية".

وبينت سرسم، أن "البقاء على القوانين الحالية وتعديل فقرة "التأديب" بطريقة تحدد المسموح من الممنوع أو حتى اللجوء إلى إلغائها ستبقى هناك حالات مخفية غير معلومة ولا نستطيع الوصول إليها من حالات التعنيف والضرب التي لا تسمح للقانون بالوصول واكتشافها داخل المنازل، مالم يتم تشريع قانون العنف الأسري".

وأكدت سرسم أن "النقطة الخلافية الأخرى والرئيسية، هي عدم السماح بإنشاء منازل الحماية التي تتيح أخذ المعنفات من بيوتهن إلى دور الرعاية هذه".

عمار طعمة: قانون العنف الأسري الذي يريدون تشريعه يتيح للبنات أن تشتكي على أبيها في حال لم يسمح لها بفعاليات تشاركها مع الرجال

وبشأن جدوى إنشاء منازل كهذه في حال قام القانون بمعاقبة المعنفين وحبسهم مع ترك النساء في منازلهن بعيدًا عن المعنف، اعتبرت سرسم أن "بعض الحالات يقوم الزوج هو بطرد زوجته ولا تجد مكانًا تذهب إليه"، مشيرة إلى أن "القضايا ستحتاج وقتًا طويلًا لحين الحكم على الزوج لصالح الزوجة وفترة التحقيق وما يرافقها، وخلال هذا الوقت لا تجد المرأة مكانًا يأويها لحين الحكم لصالحها".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

قصص تكشف لأول مرة.. ما أسباب انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال؟

من عنف العوائل إلى "شبكات الدعارة": فتيات في شباك منظّمات مجتمع مدني!