ألترا عراق - فريق التحرير
ما زالت قضية منع بناء الملعب الجديد لنادي القوة الجوية تمثّل أزمة مزمنة بين إدارة النادي وجماهيره من جهة وأمانة العاصمة من جهة أخرى، حيث استعصى بناء الملعب لأكثر من عام ونصف بعد أن امتنعت أمانة العاصمة عن إعطاء إجازة البناء طيلة الفترة الماضية على الرغم من توفير إدارة نادي الجوية كافة متطلبات منح الإجازة.
حمّلت جماهير القوة الجوية مسؤولية تأخير الموافقات لشخصيات متنفذة في أمانة العاصمة تسعى للاستحواذ على عقود الإنشاء
وكانت أمانة بغداد قد رفضت منح نادي القوة الجوية إجازة بناء ملعبهم الجديد استنادًا إلى قرار سابق من مجلس قيادة الثورة المنحل، إذ صدر قرار أبان فترة النظام السابق يمنع تشييد أي مبنى في العاصمة بغداد يفوق ارتفاعه ارتفاع نصب الشهيد والذي يبلغ أكثر من 40 مترًا.
اتهامات لجهات متنفذة
وفي أواسط شهر آيار/مايو من العام الماضي أعلنت ادارة نادي القوة الجوية عن أولى خطوات مشروع إنشاء الملعب عبر إنجاز التصاميم الرئيسة للملعب والمنشآت الرياضية الملحقة به وإعلان التعاقد مع شركة صينية لتنفيذ المشروع على موقع الملعب القديم للنادي في مؤتمر صحفي خلال احتفال أقيم في الملعب بحضور رئيس هيئة إدارة النادي الفريق شهاب جهاد ووزير الشباب والرياضة عدنان درجال تعهّدا خلاله لجماهير النادي باستحصال الموافقات الرسمية اللازمة للشروع بتشييد الملعب الجديد خلال أسابيع.
لكن الموافقات الرسمية لم تستحصل طوال الفترة السابقة رغم جهود إدارة النادي ووساطة وزير الشباب والرياضة وبقيت مشكلة الملعب عالقة، ما استدعى جماهير القوة الجوية لتنظيم عدة تظاهرات احتجاجية كانت آخرها مطلع شهر آذار/مارس الجاري، حمّلت خلالها الجماهير مسؤولية تأخير الموافقات لشخصيات متنفذة في أمانة العاصمة تسعى للاستحواذ على عقود الإنشاء.
"هناك الكثير من الأبنية المرتفعة المحيطة بنصب الشهيد أبرزها الشقق السكنية التابعة لوزارة النفط ومبنى وزارة النقل المجاور للنادي، فهل ستختفي معالم نصب الشهيد لمجرد بناء الملعب؟" يتساءل عمار أبو ياسر، أحد أعضاء رابطة "مجانين الصقور"، مبينًا أن "السبب الأول في عرقلة تنفيد المشروع هي أيادٍ خفية تعمل على إحالة المشروع إلى أشخاص تابعين لهم وإبعاد المستثمر الحالي".
واعتبر أبو ياسر في حديث لـ"ألترا عراق" أن "الحجة التي صرح بها أمين بغداد واهية ومعيبة وتعد تبريرًا لمساومتهم على الحصول على المشروع"، على حد تعبيره.
الناطق الرسمي للأمانة رفض إبداء أي تصريح بهذا الخصوص بناء على توجيهات مشددة من قبل أمين العاصمة
وكان رئيس الرابطة الرسمية لجماهير النادي، ضياء أبو برير، قد أطلق اتهامات مشابهة لأمانة بغداد، مدّعيًا أن "أحد المسؤولين داخل الأمانة يعرقل مشروع بناء الملعب لإحالة إجازة تنفيد المشروع لصالح شركته الخاصة"، بحسب تصريح سابق لرئيس الرابطة.
الأمانة لا توضّح
وما زالت أمانة العاصمة تتجاهل مطالب جماهير النادي ولم تبد أي حسن نية لحلحلة الأزمة رغم الاحتجاجات السابقة والتي أدت إلى "احتقان" لدى الجماهير، ومن المفترض أن "تشهد الأيام المقبلة اعتصامًا مفتوحًا لجماهير النادي أمام مبنى أمانة العاصمة ولحين تنفيد مطالبنا"، كما يقول عمار أبو ياسر.
وحاول "ألتراعراق" التواصل مع أمانة العاصمة للحصول على إيضاح بخصوص الاتهامات التي تطلقها جماهير نادي الجوية والتي تتحدث عن وجود عرقلة متعمدة لصالح أحد مسؤولي الأمانة، ولكن الناطق الرسمي للأمانة رفض إبداء أي تصريح بهذا الخصوص بناء على "توجيهات مشددة" من قبل أمين العاصمة، حسب تعبيره.
الإدارة تشكو مجلس قيادة الثورة
أما في داخل أروقة النادي، فيعتقد المسؤولون أن محاولة الانسجام مع الحجة التي تطرحها أمانة العاصمة قد تفضي إلى حل بهذا الخصوص عبر التعديل على التصاميم الأساسية للملعب والمنشآت الرياضية الملحقة به بما لا يؤثر على المنظر العام لمعالم نصب الشهيد.
ويتضمن مشروع الملعب الجديد لنادي القوة الجوية ملعب رئيس بسعة 15000 متفرج سيشيد في منطقة شارع فلسطين شرقي العاصمة بغداد على بعد أقل من كيلومتر واحد من موقع نصب الشهيد.
السبب الأساس الذي يقف أمام انطلاق مشروع بناء ملعب القوة الدوية هو تشريع سابق من مجلس قيادة الثورة المنحل
ويضم المشروع أيضًا ملعبًا ثانويًا بسعة 2000 متفرج لأغراض التدريب وفقًا لمواصفات ومعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إضافة إلى قاعة رياضية مغلقة متعددة الألعاب بسعة 1000 متفرج وعدد من القاعات لأغراض التدريب البدني فضلًا عن متحف ومبنى لمقر إدارة النادي.
وعلى العكس مما تتداوله جماهير "الصقور" حول وجود نية مبيتة لدى نافذين في أمانة العاصمة لعرقلة مشروع الملعب الجديد، نفى عضو مجلس إدارة نادي القوة الجوية هيثم كاظم، هذه المساعي، مؤكدًا وجود "إشكالات قانونية حقيقية تؤخر تنفيذ المشروع".
هيثم كاظم ذكر في حديثه لـ ألتراعراق" أن "السبب الأساسي الذي يقف أمام انطلاق مشروع بناء ملعب القوة الدوية هو تشريع سابق من مجلس قيادة الثورة المنحل".
أما عن جهود إدارة النادي لحلحلة الأزمة القائمة منذ أكثر من عام ونصف، يؤكد كاظم أن "إدارة النادي اتفقت مع الشركة الصينية المنفدة للقيام بتعديل التصميم الأساس للمشروع لكي يتكيف مع التشريعات القانونية النافذة".
ويستدرك كاظم بالقول إن "سببًا آخر ساهم في إدخال المشروع في إشكالات قانونية مع أمانة العاصمة"، إذ يشير كاظم إلى أن "إدارة النادي قادرة على تشييد الملعب دون مشاكل قانونية ولكن الجدوى الاقتصادية للمشروع دفعت المستثمر للإصرار على إنشاء منشآت ملحقة بالملعب من شأنها أن تؤثر على معالم نصب الشهيد".
تعقيدات قانونية بعد 2003
وتأتي إمشكلة عدم إعطاء الموافقة لتشييد ملعب نادي القوة الجوية من قبل أمانة العاصمة في سياق معقد من الإشكاليات القانونية التي خلقتها تشريعات مجلس قيادة الثورة المنحل والتي لا يتلاءم كثير منها مع مواد الدستور العراقي الدائم لعام 2005 ومع متطلبات وحاجات الفترة الحالية على المستويين العمراني والتخطيطي وعلى مستوى الحقوق والحريات أيضًا.
المؤسسة التشريعية العراقية تعاني فقرًا حادًا في التشريع فضلًا عن معالجة القوانين السابقة
وبحسب المرصد النيابي العراقي فأن القوانين والتشريعات السابقة التي تحتاج إلى إلغاء أو تعديل لكي تتلائم مع الدستور العراقي الجديد قد تفوق آلاف القرارات ما يجعل مهمة معالجتها مهمة عسيرة للغاية.
رئيس المرصد النيابي العراقي مزهر الساعدي، يرى أن "الآلية المتبعة من قبل البرلمان العراقي في الدورات السابقة لمعالجة قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل تجري بطريقتين: إما عن طريق نشوء إشكال قانوني راهن يستدعي التعديل أو الإلغاء؛ أو عن طريق تشريع قوانين جديدة تلغي القوانين السابقة".
وعلى الرغم من مرور قرابة العقدين على حل مجلس قيادة الثورة، وإحلال نظام سياسي جديد في البلاد، لم تطرح خطة متكاملة داخل المؤسسة التشريعية العراقية لمعالجة الإشكالات القانونية التي تخلقها تشريعات فترة النظام السابق والتي تمثل أيديلوجيا حزب البعث المنحل.
الساعدي ذكر أيضًا في حديثه لـ"ألترا عراق" أن "المؤسسة التشريعية العراقية تعاني فقرًا حادًا في التشريع فضلًا عن معالجة القوانين السابقة"، مشيرًا الى أن "الدورة البرلمانية السابقة كانت من أفقر الدورات لناحية التشريع، حيث بلغ مجمل تشريعاتها 91 تشريعًا فقط".
اقرأ/ي أيضًا:
ملعب جديد في كربلاء قريبًا.. هذه قدرته الاستيعابية وملحقاته
مجلس الوزراء يعتمد قرارًا لنظام صدام حسين بشأن مناصب المسؤولين