01-مايو-2023
العمال في العراق

شريحة مظلومة (Getty)

بينما يقضي الموظف الحكومي في العراق اليوم عطلة رسمية بحلول عيد العمال العالمي، يتجه العامل في العراق إلى عمله اليومي، حتى بات الموضوع حديثًا على منصات التواصل الاجتماعي التي تداولت صورًا لعمال يتوجهون صباحًا لكسب قوتهم اليومي، وكأن لا راحة لهم حتى في عيدهم.

وتحتفل بلدان في العالم في الأول من شهر أيار/مايو من كل عام بحلول عيد العمال العالمي، كمناسبة للتذكير بأهمية العمال والعمل، وتسليط الضوء على مشاكل تواجه العمالة والحقوق غير المؤمنة لهم.

ومن بين تلك البلدان التي أعلنت تعطيل الدوام الرسمي فيها بمناسبة عيد العمال هو العراق، الذي استقبل اليوم العالمي للعمال بتظاهرات متفرقة من العاصمة بغداد لشريحة العمال للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي.

وشهدت ساحتي التحرير والفردوس وسط العاصمة بغداد تظاهرات واحتفالات بيوم العمال العالمي، رُفعت خلالها شعارات تذكر بأهمية العامل وضرورة توفير حقوقه، وتناشد بتحسين الوضع المعيشي وزيادة الأجور التي باتت متدنية أمام الارتفاع الكبير في أسعار السلع بالسوق المحلية.

وتزامنت تظاهرات العمال مع تظاهرات أخرى نظمها عدد من الموظفين، طالبوا من خلالها الحكومة بمعالجة سلم الرواتب وتعديله خلال الدورة النيابية الحالية.

الرواتب

أكثر من 4 ملايين عاطل

مشاكل كثيرة تواجه العمال في العراق، حيث ارتفعت أعداد البطالة في صفوف خريجي الجامعات والكليات، ما دفعهم إلى مزاحمة العاملين على أعمالهم، رغم عدم وجود ضمانات حقيقية للعمال لحفظ حقوقهم المادية وحتى الصحية، حيث لا ضمان صحي ولا اجتماعي، على الرغم من المطالبات المستمرة دون استجابة.

وبحسب إحصائية رسمية صادرة عن الجهاز المركزي العراقي للإحصاء، فإنّ عدد العاطلين عن العمل في البلاد يتجاوز 4 ملايين فرد من مختلف الأعمار، بينهم حملة شهادات جامعية.

العمال

إجراءات الحكومة الحالية التي تشكلت منذ أكثر من ستة أشهر في معالجة أزمة البطالة، تمثلت بزيادة عدد المشمولين في راتب الحماية الاجتماعية الذي تقدمه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للعاطلين، ويعتبر الراتب المقدم مبلغًا غير كاف مع مستوى مرتفع في أسعار السوق.

ولم تقتصر مشاكل العامل في العراق على توفر فرص العمل أو الأجور التي يتقاضوها، بل هناك حديث عن أنّ العمالة الأجنبية زادت من حجم المعاناة، خاصة مع وجود قرابة المليون عامل أجنبي يعملون في العراق، أغلبهم لا يمتلكون موافقة رسمية، بحسب تصريحات حكومية.

وقال وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الاسدي في تصريح سابق، إنّ "نحو مليون عامل أجنبي غير مرخص متواجدين في العراق"، كما أوضح أنّ "تنظيم العمالة الأجنبية سيوفر مئات الآلاف من فرص العمل للعراقيين الذين يعانون البطالة".

عمال بلا حقوق

رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق وليد نعمة، يفصح لـ"الترا عراق"، عن الإحصائية التقريبية بعدد العمال في العراق، قائلًا إنّ "عددهم بلغ 6 مليون عامل تقريبًا وهو كبير جدًا، ويشكل عبئًا كبيرًا على الدولة".

ويقول نعمة إنّ "العمال في العراق يعيشون حياة بائسة بسبب أصحاب القرار، كما يعانون من عدم ضمان حقوقهم وعدم تشريع قوانين تليق بهم".

ونظم اتحاد نقابات العمال في العراق، احتجاجات من ساحة التحرير وحتى أبواب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفقًا لنعمة الذي أشار إلى أنّ "التظاهرات من أجل المطالبة بسلم رواتب عادل للعمال وحياة حرة كريمة"، كما شدد على "ضرورة تنشيط القطاع الخاص من أجل استيعاب عدد العمال في العراق".

العمال

وأشار نعمة إلى أنّ "عمال العراق عانوا من ظروف صعبة بسبب العمليات الإرهابية وكذلك عانوا صحيًا من خلال تفشي وباء كورونا وحتى الضوضاء في المصانع تؤثر سلبًا على حياتهم".

وعانى العمال في العراق من ظروف قاهرة نتيجة التفجيرات التي كانت تستهدف العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية، والتي أسفرت عن مقتل الكثير منهم، بالإضافة إلى أن تفشي وباء كورونا في عام 2020 جعل الكثير منهم من العاملين بالأجر اليومي يتوقفون عن العمل، نتيجة فرض حظر التجوال بفترات طويلة وإغلاق المرافق العامة.

أجر دون المستوى

ولا تتناسب الأجور التي تمنح للعمال مع حجم الغلاء في السوق، وفق رئيس اتحاد نقابات العمال الذي يوضح أنّ "الراتب الأدنى للعامل لا يتجاوز لـ 350 ألف دينار شهريًا". 

وتسبب الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي مؤخرًا، بغلاء كبير في أسعار المنتجات والبضائع، تضررت منه شرائح مختلفة، على الرغم من الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة سابقًا للتخفيف من حجم الآثار الناتجة عن ذلك.

ويعتقد مدير المعهد الثقافي في اتحاد نقابات عمال العراق، طالب كاظم الطائي، أنّ "الأجر الأدنى للعامل في العراق هو 350 ألف دينار، مبينًا "رفعنا اليوم مذكرة إلى رئيس الوزراء لتحسين مستوى الأجر اليومي للعمال".

ويقول الطائي لـ"ألترا عراق"، إنه "حتى لو ارتفع الأجر الأدنى للعامل إلى أكثر من 500 ألف دينار، فلا يمكن أن تتماشى مع الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار في السوق".

وطالب الطائي بـ"تحسين الوضع الخدمي للعمال ورفع سقف رواتبهم ومعالجة رواتب الموظفين العاملين في اتحاد نقابات العمال وتشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي في البرلمان".

تعديل قانون الضمان الاجتماعي

وتؤكد لجنة العمل والخدمات النيابية، مضي مجلس النواب في تعديل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي خلال دورته التشريعية الحالية استجابة لمطالب شريحة العمال.

وتقول عضو اللجنة، نور نافع، إنّ "أهم وسيلة لتكريم العمال وضمان وضعهم هو تشريع قوانين تعمل على ذلك"، لافتة إلى أنّ "مجلس النواب ماضٍ بتعديل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي وأنه مدرج للتصويت والذي بموجبه سيمنح العمال رواتب تقاعدية ستزداد".

الأجر الأدنى للعامل في العراق هو 350 ألف دينار عراقي

ولفتت نافع إلى أن "قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال يعد واحدًا من أهم القوانين التي تسهم بالاستقرار المعيشي والاقتصادي للمواطنين، وأنه لا يقل في الأهمية عن قانوني الخدمة المدنية وسُلّم الرواتب".

مساواة العامل والموظف

النائب المستقل برهان المعموري، أعطى "تفاؤلًا" للعمال بقرب مساواتهم مع الموظفين في الحقوق، حيث كشف عن عزم برلماني لتشريع قانون الضمان الاجتماعي، كما يرجح حدوث "طفرة نوعية في العمل بالعراق إذا تم الاهتمام بالقطاع الخاص".

ويتحدث المعموري لـ"ألترا عراق"، عن "شريحة كبيرة من العمال في العراق لم يحصلوا على الحقوق المناسبة لا على المستوى العام والخاص ولا حتى في الجانب التشريعي".

ويقول المعموري إنه "يفترض أن يكون هناك اهتمام حكومي بالعمال من خلال منحهم القروض الميسرة لتشجيعهم على إنشاء مشاريع خاصة بهم وتخدمهم باعتبارهم شريحة مكافحة ومظلومة".

وهناك قوانين خاصة بالعمال لم يتم تشريعها في البرلمان ومنها قانون الضمان الاجتماعي الذي يرى المعموري أنه "يضمن حقوق العمال الذين يمارسون عملهم بلا حقوق".

نائب: عند تشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي سيحصل العامل على الراتب التقاعدي عند نهاية خدمته

وفي حال تم تشريع قانون الضمان الاجتماعي، فسيتم "حدوث طفرة نوعية في العمل بالقطاع الخاص، لاسيما وأن أغلب المواطنين العراقيين يبحثون عن الوظائف الحكومية لضمان الحقوق فيها"، وفقًا للمعموري. 

وأضاف المعموري أنه "بتشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي فسيعامل العامل معاملة الموظف في دوائر الدولة ويضمن له الراتب التقاعدي عند نهاية خدمته".