ألترا عراق ـ فريق التحرير
بعد سبعة أشهر من الاحتجاج في عدد من المحافظات تنخفض وتيرته وتنحصر ببقاء خيم المعتصمين في عدد من الساحات، فيما ينشغل الرأي العام بفيروس كورونا الذي أدخل العالم في غياب طوعي، بالإضافة إلى الأزمة المالية بعد انخفاض النفط والحديث عن تأثيرها على العراق بشكل كبير، وأخيرًا، عودة نشاط تنظيم داعش في المناطق المحررة من خلال شنه هجمات في مناطق متعددة، فضلًا عن الغموض الذي يكتنف مصير المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى الكاظمي.
ساعة الصفر
هذه العوامل التي تتصدر حلقات النقاش في الصحافة والكواليس السياسية، تطلق الأسئلة حول مصير الاحتجاج وإمكانية عودته فضلًا عن الآليات، خاصة بعد تلويح عدد من المحافظات بالتصعيد في 10 أيار/مايو، والذي اسموه بـ"ساعة الصفر" بحسب بيان أطلع عليه "ألترا عراق" صادر عن محتجي محافظة واسط، حيث دعوا من خلاله المحتجين في جميع أنحاء العراق لـ"تنظيم الصفوف والانطلاق بثورة عارمة يوم 10 أيار/مايو في حال لم تستجب السلطة لمطالب الشعب".
لوحت عدة محافظات بخيار التصعيد في يوم 10 أيار وأطلقت عليه "ساعة الصفر" كما في بيان محتجي واسط
وطالب المحتجون خلال البيان الذي تبنته بعض الساحات فيما اعترض عليه آخرون بـ"حكومة وطنية مستقلة، وقانون انتخابات منصف، ومفوضية انتخابات مستقلة، وانتخابات مبكرة، بالإضافة إلى محافظ نزيه كفوء مستقل، وكذلك نائبيه في جميع المحافظات، فضلًا عن تخفيض رواتب ونثريات الرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة وإلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وإلغاء رواتب الخدمة الجهادية ورفحاء والرواتب المزدوجة".
اقرأ/ي أيضًا: المعسكرات تتكشف أمام الكاظمي.. وكتل الصدر والخزعلي تلتزم المساحة الرمادية
وتابع البيان "وفي حال تم تشكيل الحكومة فعليها أن تدرك أنها مطالبة بمحاسبة قتلت شهداء ثورة تشرين والكشف عنهم وعن الجهات التي تقف خلفهم، وحصر السلاح بيد الدولة، وتهيئة الأجواء لانتخابات مبكرة بقانون انتخابات تام".
في الأثناء، يعترض أحد المحتجين على البيان الأخير، والذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، فيما اعتبره عاطفيًا، متسائلًا عن أدوات التصعيد التي سينفذها المحتجون في حالة عدم استجابة السلطة لهم، خاصة مع إجراءات خلية الأزمة الخاصة بمواجهة فيروس كرورنا، حيث الطرق مقطوعة والدوام في المؤسسات التعليمية ودوائر الدولة معطلة.
وأضاف لـ"ألترا عراق"، أن "المزاج العام لم يعد مع الاحتجاجات لأسباب كثيرة، أهمها أن شريحة كبيرة منشغلة بتأمين قوت يومها وهم أصحاب العمل اليومي، الذين يمثلون السواد الأعظم في ساحات الاحتجاج، بالإضافة إلى أصحاب القطاع الخاص والعام المتخوفين من مآلات الأزمة الاقتصادية المجهولة، فضلًا عن خطورة الوضع الصحي والمخاوف من فيروس كورونا"، لافتًا إلى أن "هذه العوامل تستدعي الانتظار وعدم الخروج بموقف حتى تكوين التصور الكامل عن المشهد".
في الأثناء، يعتقد الخبير الإستراتيجي هشام الهاشمي أن "الناشطين الفاعلين في الاحتجاجات ليسوا مع عودتها بتجمعات كبيرة، فيما يعمل أصحاب الدور الثانوي على الدفع باتجاه عودتها في 10 أيار/مايو، مستدركًا "لكن الفوضى الحاصلة جراء فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى عدم وجود تفاعل شعبي معهم سيدفعهم إلى التراجع"، مبينًا خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "غياب التنظيم والقيادة نهايته لا تحقق الأهداف، وإنما تحقق ضغط على الحكومة، وهو جهد منتج بظل وجود سلطة تجيد المناورة في الظروف الاستنائية".
أزمة اقتصادية.. حكومة مرتقبة
لم تتخذ حكومة تصريف الأعمال لغاية الآن خطوات عملية لمواجهة الأزمة الاقتصادية، بالوقت الذي ينتظر الجميع حسم مصير رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، والذي يرى مراقبون أن تمريرها سيغيّر في المعادلة كثيرًا.
إزاء ذلك وجه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، النواب بالحضور إلى البرلمان يوم الاثنين المقبل، وذلك استعدادًا لجلسة منح الثقة.
وذكر بيان اطلع عليه "ألترا عراق"، أنه "استعدادًا لعقد جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة خلال هذا الأسبوع، وجه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بتواجد النواب في بغداد الاثنين المقبل، كما تمت تهيئة رحلة من مطاري أربيل والسليمانية ورحلة مطار البصرة لنقل النواب إلى بغداد يوم الاثنين المقبل"، لافتًا إلى أنه "سيعلن عن تحديد موعد الجلسة لاحقًا".
محمد العبد ربه لـ"ألترا عراق": استمرار الخلافات السياسية حول بعض الحقائب الوزارية سيؤدي إلى الإطاحة بالمكلف
في الأثناء، رجح القيادي في ائتلاف النصر، محمد العبد ربه، فشل مفاوضات رئيس الوزراء المكلف مع الكتل السياسية، الرامية لإقناعهم بالتصويت على الكابينة الوزارية الجديدة.
اقرأ/ي أيضًا: الكشف عن جلسة منح الثقة.. ومؤشرات "عرقلة" جديدة تعترض عجلة الكاظمي
وقال العبد ربه لـ"ألترا عراق"، إن "استمرار الخلافات السياسية حول بعض الحقائب الوزارية سيؤدي إلى الإطاحة بالمكلف"، متوقعًا "عدم تمرير كابينته الوزارية".
من جانبه، يقول النائب عن تحالف الفتح، عباس الزاملي لـ"ألترا عراق"، إن "البرنامج الحكومي الذي قدمه الكاظمي للبرلمان مقتضب، ولم يعالج الكثير من القضايا أو يضع لها حلولًا وفق جداول زمنية تنسجم مع عمر حكومته".
أضاف الزاملي أن "تحديات المرحلة المقبلة خطيرة وأولويات الحكومة المقبلة، هي الحفاظ على هيبة الدولة وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات المبكرة بعيدًا عن تأثيرات السلاح والمال السياسي، بالإضافة إلى مواجهة فيروس كورونا".
بيّن الزاملي أن "الكابينة الوزارية للكاظمي، ستمر حال عقد جلسة منح الثقة، بالرغم من الصعوبات الموجودة"، مشيرًا إلى أن "عدم تمرير الكابينة يوم الثلاثاء المقبل سيتعقد المشهد السياسي وستذهب الأمور بالاتجاه السلبي الذي يعمق الخلاف بين القوى السياسية والمكلف".
داعش تهدد
وسط تعقيد المشهد، شن تنظيم داعش فجر 2 أيار/مايو واليوم التالي، أكثر من هجوم على في صلاح الدين وديالى وسامراء، خلف عدد من القتلى والجرحى، في محاولة لإثبات وجوده، بحسب مختصين.
يعتقد الخبير الإستراتيجي مناف الموسوي أن "الهجمات التي نفذها تنظيم داعش ليست مفاجئة، خاصة وأنها حدثت في مناطق رخوة أمينة والحديث الاستخباري كان مستمرًا بشأن وجود نشاطات مشبوهة فيها"، مبينًا أن "نشوة النصر المستمرة لدى القوات الأمنية كانت سببًا لنجاح هذا الخرق، ويجب أن يستثمر ليكون انطلاقة لمراجعة شاملة للخطط الأمنية، ما يستدعي تمرير حكومة الكاظمي فضلًا عن ضرورة إيجاد حلول للأزمات المتراكمة في البلاد".
مناف الموسوي: الوضع الصحي يضعف من عودة الاحتجاجات بقوة، لكنها رسائل ببقاء الرفض الشعبي واستمرار الاحتجاج بالرغم من تراجعه
وأضاف الموسوي خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "الوضع الصحي يضعف من عودة الاحتجاجات بقوة، مستدركًا "لكنها رسائل ببقاء الرفض الشعبي واستمرار الاحتجاج بالرغم من تراجعه"، فيما لفت إلى أن "القوى السياسية تقع عليها مسؤولية الاستجابة لمطالب المحتجين بشكل عملي، مع وجود محفزات للاحتجاج ترتفع بفصل الصيف وتتأثر بوضع الكهرباء كثيرًا".
اقرأ/ي أيضًا: "الميليشيات" تنشط في تويتر.. هجوم جديد ضد الاحتجاجات
وبشأن تأثير الأزمة الاقتصادية على الاحتجاجات، يرى الموسوي أن دخول الأزمة الاقتصادية كعامل مساعد لعودة الاحتجاجات مرهون بمعالجات الكاظمي لو ظفر بثقة البرلمان، خاصة ملف الرواتب وبدائل النفط في تمويل الميزانية، مرجحًا أن "انتظار الشارع لأداء حكومة الكاظمي لا يتجاوز المئة يوم لخلق التصورات عنه".
اقرأ/ي أيضًا:
واشنطن تكسر صمتها بـ"رسالة حادة" حول أزمة حكومة الكاظمي
اجتماع يحوّل المواقف ويطلق التبشيرات.. هل يدخل الكاظمي "القصر الحكومي"؟