ألترا عراق ـ فريق التحرير
يغطّي صوت الرصاص "المجهول" الذي يستهدف أصحاب الكلمة والرأي في العراق، على النشاطات القمعية "الرسمية" للسلطات فقط لكونها تأتي ضمن "القانون"، وبينما تجري هذه الملاحقات في هدوء نسبي، يتصدّر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بطولة هذا الملف بعيدًا عن الأضواء، وفقًا لنشطاء في بغداد والمحافظات المحرّرة، خاصة الأنبار منها.
صفة ملاحقة الصحفيين والنشطاء كانت صفة ملاصقة لمحمد الحلبوسي حتى حين كان محافظًا للأنبار
ملاحقة الصحفيين صفة ملازمة لرئيس مجلس النواب منذ أن كان محافظًا للأنبار، بحسب نشطاء يشيرون إلى أن سجل الحلبوسي من السجلات الحافلة بالعديد من القضايا والأمثلة على ملاحقة أصحاب الرأي، حتى يكاد يكون الأمر "مفضوحًا"، فلا تمر كلمة تجاه الحلبوسي دون أن يلحقها اعتقال لصاحب الكلمة، سواء بالطرق القانونية أو خارج أطر القانون، ويبدو أن الدافع الأول الذي يسهّل هذا السلوك على الحلبوسي، هو العلاقة التي تجمعه برئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وفقًا لأحاديث أطلقها سياسيون مع حادثة اعتقال السياسي إبراهيم الصميدعي.
اقرأ/ي أيضًا: عقوبة التضامن مع احتجاجات بغداد في الأنبار.. السجن في الانتظار!
أمثلة عديدة على ملاحقات الحلبوسي طالت صحفيين وناشطين ومؤسسات إعلامية بالكامل، ومدعومة بمواد قانونية موروثة من نظام صدام حسين، ربما كان يُعتقد حتى وقت قريب أن آخرها قضيّة الباحث في الشأن العراقي يحيى الكبيسي الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال وفق المادة 433 "قذف" وفق دعوى قضائية من رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، قبل أن يكشف الصحفي والمحلّل السياسي إبراهيم الصميدعي صراحة عن كون قضيّته يقف وراؤها الحلبوسي أيضًا.
وتعرّض الصميدعي لاعتقال على يد قوة أمنية في 20 آذار/مارس الماضي، وفق المادة 226 من قانون العقوبات والتي تتعلّق بـ"إهانة السلطات"، وهي مادة موروثة من النظام السابق، حجز على إثرها الصميدعي في غرفة صغيرة لعدة أيام وبشكل انفرادي حتى "اضطر أن يقضي حاجته فيها" بحسب إيضاح سابق أصدره الصميدعي.
وبينما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مذكرات الاعتقال بحق الكبيسي والصميدعي، والتي جاءت بنفس التاريخ وتحمل ذات التوقيع للقاضي الذي أصدر مذكرات الاعتقال، كدليل على وقوف الحلبوسي وراء اعتقال الصميدعي، وبعد مرور أيام دون إيضاح لمن يقف وراء اعتقال الصميدعي ومحاولة الحلبوسي نفي رفع دعوى قضائية ضد الصميدعي عبر تسريب هذا النفي من خلال مصادر، إلا أن الصميدعي أعلنها وبصراحة، وبطريقة غير مباشرة عن وقوف الحلبوسي ومجلس القضاء الأعلى وراء اعتقاله، وذلك من خلال منشور مطوّل نشره في وقت متأخر من مساء السبت 10 نيسان/أبريل يتحدث عن أصدار المرسوم الجمهوري الخاص بتشكيل المحكمة الاتحادية واكتمال هذا الملف.
وضمن سياق الدعاوى القضائية ضد الصحفيين والإعلاميين، كان المتحدث السابق باسم رئيس مجلس الوزراء الإعلامي أحمد ملا طلال، هو الآخر على قائمة الحلبوسي للملاحقين قضائيًا، ففي عام 2019، رفع الحلبوسي وعبر ممثله، دعوى قضائية ضد ملا طلال بفعل تغريدة تضمنت "تهجمًا على رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي"، بحسب وثيقة الدعوى القضائية في حينها.
وليس بعيدًا في عام 2018، وعندما كان الحلبوسي ما زال محافظًا للأنبار قبل صعوده بالانتخابات إلى البرلمان، ومن ثم رئيسًا لمجلس النواب، اعتقلت شرطة محافظة الأنبار مراسل قناة الشرقية مصطفى الحامد بعد قرار قضائي إثر شكوى مقدمة من الحلبوسي، قبع فيها الحامد في الحبس بمركز شرطة الخالدية لمدة 4 أيام، قبل أن يتم إطلاق سراحه على خلفية دعوات من منظمات حقوقية.
في الأنبار.. لا داعٍ للقضاء!
وفي محافظة الأنبار حيث مسقط رأس الحلبوسي ومعقل عشيرته وأهله، يبدو أن رئيس مجلس النواب ليس بحاجة للقضاء والدعاوى القانونية ضد الصحفيين والناشطين هناك بعد الآن، حيث تجري عمليات اعتقال ضد ناشطين وإعلاميين من قبل القوات الأمنية هناك بتوجيه مباشر من الحلبوسي.
وبالرغم من كون هذا الملف غير معروف في الأوساط العامة، إلا أن الناشطين والإعلاميين على دراية كافية بما يحدث هناك، ولاتمر قضيّة تتعلق بتكميم الأفواه، إلا وطالت اتهامات الناشطين وعبر مواقع التواصل الاجتماعي بالوقوف وراء هذه القضية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
يقول ناشط بارز في محافظة الأنبار في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "محافظة الأنبار تحولت إلى جمهورية قائدها الحلبوسي، وأصبح الحديث عن الحلبوسي هناك يجب أن يكون بالهمس لأن النقد العلني للحلبوسي هناك يؤدي إلى متاعب".
ويضيف الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أنه "أحد ضحايا الكلمة في المحافظة حيث تعرض للاعتقال من قبل القوات الأمنية ودون مذكرة اعتقال قضائية على خلفية منشور في فيسبوك وجهت من خلاله نقدًا إلى ملف الخدمات في مناطق المحافظة، وكونه مخالفًا لما يتم تروجيه في مواقع التواصل الاجتماعي عن حملة الإعمار الواسعة في المحافظة والتي لا تطال بعض المناطق"، مبينًا أن "هذا المنشور كلفه المكوث في الحبس لمدة 7 أيام".
ويشير إلى أن "الحلبوسي وعلى خلاف ملاحقاته للصحفيين في بغداد وبعض المحافظات عبر القضاء، فإن في الأنبار لايحتاج إلى رفع دعوة قضائية، ويكفي اتصالًا هاتفيًا يؤدي إلى اعتقال الناشط أو الإعلامي دون مذكرة اعتقال".
يقول ناشطون إن رئيس مجلس النواب لا يحتاج إلى دعوى قضائية في الأنبار لاعتقال أحد ما، يكفي أن يتصل فقط
وبحسب الناشط، فإن "معظم الناشطين في المحافظة الآن قام بكسبهم الحلبوسي إلى جانبه، والآخرون يخشون الحديث في قضايا تتعلق بالحلبوسي سواء في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي".
اقرأ/ي أيضًا:
اعتقال نشطاء في الأنبار.. دعم الاحتجاجات في "فيسبوك" ممنوع!
بسبب منشور كتبه على "فيسبوك".. اعتقال ناشط وحلق شعره في الأنبار!