أقف عاريًا، الماء ينساب فوق جسدي المتعب من قيادة السيارة، القطرات تصنع بركة صغيرة من الماء تحت قدمي التي احمرت قليلًا، أتذكر قصيدة بعنوان "الماء كله وافدٌ إلي"، لكن الماء يهبط كئيبًا ومتعبًا. النافذة مفتوحة والمروحة تدور بثقل متعمد.
كانت تقف أمامي بقدميها العاريتين من أي شيء وأقصد هنا الفتاة التي تقاسمني غرفة النُزل، والتي بالطبع لا أعرف عنها كثيرًا "هذا جزء من الغواية، ألا تعرف الكثير وكأنك في نفق تكثر فيه الاحتمالات والفخاخ". كنت قد أحضرت علب بيرة، لا أتذكر عددها لأني أشتريتها عندما حجزنا الغرفة وكنت مسرعًا.
أفتح النافذة الوحيدة الموجودة في الغرفة، لأنها قالت إن ثمة رائحة غير محببة بالغرفة، كان هناك سريران منفردان ومروحة وتلفاز صغير بائس، وبعض الضوء الذي يدخل خجِلًا من النافذة. ننظر إلى بعضنا نظرة غير مبالية وكأننا ننظر في فراغ غير متناه. شعر الفتاة ما زال نديًا، وقطرة من الماء تنسدل وئيدة على الجزء العلوي من نهديها "كانت تلف المنشفة على جسدها الممتلئ بشكل مثير". تخرج أحمر شفاه من حقيبتها، تضع قليلًا على شفتيها الممتلئتين كانت جميلة دون مساحيق التجميل وبلا عطر تضعه على جسدها الندي، هناك ارتعاشة خفيفة في رقبتها جعلتها تبدو مشتهاة بشكل جنوني.
- كيف أبدو الآن؟
- أفضل النساء عاريات، بأحمر شفاه أحمر اللون.
- هل يمكنك أن تضع شيئًا على جسدك؟
أرتدي الآن ملابسي الداخلية وأستلقي على السرير الذي يبدو صلبًا بعض الشيء، كانت قد خبأت علبة سجائري في مكان ما، لكني نجحت في استرجاعها. تشعل المصباح الأصفر، المتدلي بتراخ من أعلى سقف الغرفة، تدخل المخروط الأصفر الذي يرسمه الضوء، ارتدت ثوبها الأسود القصير الذي كانت ترتديه عندما دخلنا النُزل، تقف أمامي وتنظر إلي، تضع قدمها أمامي على السرير، قد بدأ العرض للتو.
الطريق الضائع
الرحلة غير مخطط لها، لقد قمنا بزج جسدينا داخل السيارة. السماء صافية.. وبدأنا توًا بالخروج من المدينة، بعض الأضواء الآتية من البنايات العالية والثقيلة تضع بقعها على حديد السيارة. أصبحنا على الطريق السريع الطريق - الضائع- وهنا نحن ننطلق دون وجهة مثل رحلة أخيرة إلى مكان مجهول، لكن من الواضح أننا كنا نفكر بنفس المكان. أشغل بعض الأغاني السريعة والمرحة، تفاجأت حين رأيت أن هنالك شبابًا لا يزالون يرقصون على تلك الأغاني.
نخلع ساعاتنا اليدوية حتى نتخلص من عقدة الوقت الذي يبدو في بعض الأحيان مثل جيش يحاصرك، ساعتي لم تكن غالية كما قالت هي أو إنها اعتقدت بأن الساعة كانت هدية من إحدى الفتيات فقررت بأن ترميها من السيارة لكي يبقى الوقت حاكم للعالم دوننا، كنا جسدين هائمين في هذا الوجود، أو لعلنا كنا جسدين وحيدين في هذه السيارة التي تمثل العالم بالنسبة لنا الآن. أصبحت تصدر الأوامر بشكل لطيف ومثير. أصبحنا الآن على ظهر تلك الأفعى الإسمنتية التي تسمى الطريق.
عواميد إنارة متتالية الواحد تلو الآخر، عواميد إنارة خشبية وبرؤوس مهترئة من كثرة الوقوف على جانبي الطريق، وخط أصفر طويل ورشيق يفصل بين طريق العودة والذهاب إلى وجهتنا المجهولة. أطلب منها أن تشعل لنا سيجارة نتقاسمها، فتمد يدها إلى جيب بنطالي، كم كانت مثيرة تلك الحركة. نراقب لوحات الإعلانات المنتصبة على جانبي الشارع، كانت لوحة تشير إلى وجود نُزل على بعد عدة أميال من نقطتنا الحالية، قررنا أن نبيت الليلة هناك. على مهل خلعت الحذاء الذي كانت ترتديه، كان علي أن أحمل الحذاء عندما نصل النُزل، فعلت ذلك.
نهاية
قد أنهت علاقة حب على ما يبدو، عيناها تقولان ذلك، لكني لم أسألها، قررت أن نمضي بصمت، غريبين في هذا العالم تحملنا السيارة إلى نقطة المجهول، حيث الغواية المنتظرة. كانت تملك أجمل عينين حزينتين كنت قد رأيتها، تلك الارتعاشة في شفتيها، الجموح والهدوء واللامبالاة، كانت نجمة، أو مجرة لم تنتمي إلى هذا الكون.
اقرأ/ي أيضًا: