ألترا عراق ـ فريق التحرير
على متن طائرة بوينغ تابعة للخطوط الجوية العراقية، عادت 17 ألف قطعة تعود ملكيتها إلى سلالة أور، تم إنشاؤها في جنوبي العراق بأعوام تفوق الـ2000 عام قبل الميلاد أي أن عمرها يقارب الـ4 آلاف عام، قبل أن تفارق هذه القطع موطنها الأول لمدة تفوق الـ18 عامًا، لتعود مجددًا بعد الغياب.
من بين القطع المستردة يوجد لوح مسماري عمره 3500 عام دخل إلى سوق الفن الأمريكية بطريقة احتيالية
وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الثقافة حسن ناظم بمطار بغداد الدولي، أعلن ناظم وصول 17 ألف قطعة آثرية من الولايات المتحدة، فيما وصفها بـ"أضخم عملية استرداد"، مبينًا أن "الآثار التي وصلت للعراق هي من الرقم الطينية، استردها العراق وعادت لأرضها الأصلية، وستعرض في المتحف العراقي".
اقرأ/ي أيضًا: الشركات الأمريكية تبيع حصصها... كيف تستثمر إيران النفط العراقي من خلال الصين؟
من جانبه، قال رئيس هيئة الآثار والتراث ليث حسين أن "معظم القطع المسترجعة تعود لفترة سلالة آور الثالثة 2121- 2004 قبل الميلاد، من العصر السومري الحديث".
ومن بين القطع المستردة، يوجد لوح مسماري عمره 3500 عام، دخل إلى سوق الفن الأميركية بطريقة احتيالية، ومكتوب عليه جزء من "ملحمة جلجامش" التي تُعتبر أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية، وتروي مغامرات أحد الملوك الأقوياء لبلاد ما بين النهرين في سعيه إلى الخلود.
بدأت رحلة هذه القطعة الأثرية، عندما اشتراها تاجر أمريكي عام 2003 من أسرة أردنية تقيم في لندن، وشحنه إلى الولايات المتحدة الأمريكية دون تصريح للجمارك الأمريكية عن طبيعة هذه الشحنة، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.
وقام التاجر بعد ذلك ببيعه عام 2007، لتجّار آخرين مقابل 50 ألف دولار وبشهادة منشأ مزوّرة، ليقوموا بدورهم ببيعها إلى أسرة غرين التي تمتلك سلسلة متاجر "هوبي لوبي" في عام 2014 وبسعر 1.67 مليون دولار، لتقوم بعرضه في متحف الكتّاب المقدس في واشنطن.
لكن في 2017، أعرب أحد أمناء المتحف عن قلقه بشأن مصدر اللوح بعدما تبيّن له أن المستندات التي أُبرزت خلال عملية شرائه لم تكن مكتملة، وفي أيلول/سبتمبر 2019 صادرت الشرطة هذه القطعة الأثرية، إلى أن صدّق قاضٍ فدرالي يوم الاثنين على مصادرتها.
ووقعت الآثار العراقية منذ عام 2003 ضحيّة لمختلف الأيادي الأجنبية والعراقية، حيث دشن عناصر من القوات الأمريكية والتجار الأجانب عملية سرقة ممنهجة للآثار العراقية خلال الحرب على العراق وإسقاط نظام صدام حسين، فيما ما زال ما يسمى بـ"النبّاشون" في مختلف محافظات العراق من التنقيب والبحث عن الآثار عبر حفر المناطق الأثرية وسرقة المقتنيات الأثرية وبيعها وتهريبها، فضلًا عما لاقته الآثار العراقية ولا سيما الأشورية منها في شمال العراق من تهريب وتهديم وتدمير من قبل تنظيم "داعش"، وبينما اختلفت الدوافع السابقة بين سرقة وتحقيق منافع وبين أيديولوجيات دينية متشددة، تمارس الحكومة العراقية التي تحتفي اليوم باستراداد القطع الأثرية من أمريكا، على طمس الآثار بالإهمال أو التخريب على يد موظفيها في البلديات بالمحافظات المختلفة، كان آخرها الدخول بالجرافات إلى مدينة بابل الأثرية عندما أقدمت محافظة بابل على حفر الطريق بين بوابة عشتار باتجاه الزقورة، ضمن أعمال إنشاء طريق.
قال عالم آثار بريطاني مدينة بابل الأثرية أصبحت أكثر عرضة للهجوم والدمار الآن، خصوصا حين قرر ديوان محافظة بابل حفر الطريق بين بوابة عشتار إلى الزقورة
هذه المشاهد دفعت عالم الآثار البريطاني ريتشارد دمبريل، إلى "الغضب"، مؤكدًا انه قدم شكوى لدى اليونسكو بسبب "همجية التعامل مع الآثار"، معتبرًا ان "مدينة بابل الأثرية أصبحت أكثر عرضة للهجوم والدمار الآن، خصوصًا حين قرّر ديوان محافظة بابل حفر الطريق بين بوابة عشتار إلى الزقورة العظيمة اللذان يعودان إلى الحضارة البابلية العظيمة، وحفر ما يقرب من كيلومتر واحد من الآثار".
اقرأ/ي أيضًا:
تحقيق| "آلية المجاري وجرّة الذهب".. كنوز واسط بين إهمال الحكومة ويد السرّاق!