أصدرت "منشورات ميليشيا الثقافة" في العراق مجموعةً شعريّةً جديدة للشاعر علي ذرب، تحت عنوان "كي لا تظهر أصابعي من حذائي المفتوح"، مُكملًا بها اشتغاله على قصيدة النثر المستوحاة من الواقع العراقيّ وأحداثه المتشّعبة، والمتّصلة جميعها بالموت بأشكاله المتعدّدة، باعتباره اليوم، ومنذ 2003، حدثًا يوميًّا في الساحة العراقيّة، وملهمًا لعددٍ وفيرٍ من الشعراء العراقيين، لا سيَّما الشباب الذين وجدوا في الشعر منبرًا يُعبّر عن آرائهم وتطلعاتهم حيال واقعهم.
تلامس قصيدة علي ذرب الواقع العراقي بطريقة ساخرة وفانتازية في آن
تأتي المجموعة بعد مجموعتين صدرتا تباعًا بين عاميّ 2015 و2016، تلامس قصائدها وجع الإنسان العراقيّ وهمومه، وذلك بطريقةٍ سوداويّة وساخرة تمنح القصائد شكلًا فانتازيًّا ومليئًا بالدهشة، الدهشة التي تظلّ ملازمةً القارئ منذ القصيدة الأولى في المجموعة "طفلي الأوّل سيكون حيوانًا" إذ يقول علي ذرب بها "ماذا لو تزوجتُ امرأة/ وأنجبت لي حيوانًا؟/ ما الذي سنفعله حينها؟!/ هل سننهي الأمر بسهولة ونقوم بدفنه مباشرة؟/ لا أظنّ أنّنا سنفعل ذلك" (ص 5). وحتّى القصيدة الأخيرة "غارقًا الموت في أذنيه"، التي يحاول من خلالها تلخيص الحياة اليوميّة للإنسان العراقيّ الذي يعيش، كما جاء في القصيدة، وسط أشياء ميّتة "وكذلك ينام/ ويصحو مرّة أخرى/ من أجل عالم ميت" (ص 78).
اقرأ/ي أيضًا: "نزهة بحزام ناسف".. تركيب الموت شعرًا
بحسب حديث علي ذرب مع "ألترا صوت" حول صدور المجموعة: "الأمر، أي صدور المجموعة، صعب جدًا، إذ أنّني هنا لستُ بمواجهة كتاب قُمت بكتابته فقط، وإنّما في مواجهة أشياء عديدة ومنها أنا، وذلك في عالم ورقيّ يكاد يكون منقسمًا بين إلى ذاكرة وحاضر وزمن افتراضيّ وأسئلة كثيرة".
[[{"fid":"97969","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"علي ذرب","field_file_image_title_text[und][0][value]":"علي ذرب"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"علي ذرب","field_file_image_title_text[und][0][value]":"علي ذرب"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"علي ذرب","title":"علي ذرب","height":293,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]
ويضيف علي ذرب: "في كلّ مرّة ألجأ بها إلى هذا المكان للكتابة، أكون مُحمّلًا بغريزة الانتقام، ولم أكتب نصًّا واحدًا دون أن يكون الانتقام دافعُا لذلك، ودافعًا أعتقد أنّهُ جوهريّ، وأتاح لي خلق جحيم أُحاسب به كلّ الأشياء التي أودّ محاسبتها بطريقةٍ خاصّة، وتتمثّل في الكتابة، لا الّليّنة والهاربة من واقعها، إنّما القاسيّة والمسمومة التي تُعبّر عن الواقع وتكون جزءً منه. وإلى هذا المكان قمت بسحب طفولتي الفارغة، والعائلة أيضًا، ومشاكلنا كمجتمعٍ عراقيّ مع الموت بأشكاله العديدة، فضلًا عن واقعنا البائس".
ينهي علي ذرب حديثه قائلًا إنّه فعل كلّ ما بوسعه للخروج من ذلك المكان منتصرًا، إذ كان يدخله دائمًا وهو محاصر بحياة سيئة.
يُذكر أنّ علي ذرب شاعر عراقيّ من مواليد (1988)، صدرت له مجموعتين شعريتين؛ الأولى "فراغ ناصع البياض" عن "دار أكد، لندن 2015" والثانية تحت عنوان "سأتذكّر أنّك كلب وأعضّك أيها العالم" (دار مخطوطات، هولندا 2016). فضلًا عن مجموعة مترجمة إلى الفرنسيّة تصدر قريبًا عن دار (Editions des lisiere).
من المجموعة
"عدنا وعلى ثيابنا بقعة منه"
لم نستطع وضعَ ما تبقى
من جثته المتفحمة
داخل كيس بلاستيكي
كلما أمسكناه كان يتهشم
بقيتُ ادور حوله
وبقي اخوته يحاولون
دفعه داخل الكيس
لكنه ظل يتطاير في الهواء
في النهاية لم يكن امامنا سوى
أن ندفن كفوفنا مرات عديدة في رماده
ونضعها على ثيابنا.
اقرأ/ي أيضًا: