نزوح جديد للمدنيين سجّلته محافظة نينوى، ارتفعت وتيرته بعد تفجيرين متزامنين وقعا مؤخرًا في الموصل، في وقت لا تزال الخيام تكتظ بالنازحين في أطراف المحافظة وإقليم كردستان، حيث تشير جهات مسؤولة إلى استمرار عملية النزوح من مدن المحافظة من دون انقطاع، رغم توقف العمليات العسكرية منذ عام 2017.

شهدت محافظة نينوى موجات نزوح عكسية نحو المخيمات في المحافظة وإقليم كردستان مجددًا في ظل صراع سياسي كبير ومخاوف من "كارثة جديدة"

الموجات الجديدة من النازحين هربت لأسباب يتعلق أغلبها بـ "الصراع السياسي" الدائر في المحافظة، في حين يعيش النازحون في الخيام أوضاعًا قد لا تكون جيدة على الأغلب، لكنهم يشعرون باستقرار أكثر من المنازل، حيث يحظون بأمن نسبي في داخل المخيمات، خاصة تلك في إقليم كردستان، مع توفر بعض المساعدات رغم المعوقات والمشاكل التي تواجههم.

اقرأ/ي أيضًا: التهريب والأتاوات في الموصل..هل هو الانهيار مجددًا؟

وتوجد في نينوى أربعة مخيمات للنازحين، هي حمام العليل، القيارة، النمرود وسنجار، فيما توجد في إقليم كردستان أربعة أخرى هي الخازر، مخمور، هرشم وبحركة، وجميعها في أربيل أو أطرافها.

يقول موظف في منظمة دولية رفض الافصاح عن اسمه لـ "ألترا عراق"، إن "موجات النزوح مستمرة خاصة إلى مخيم الخازر، الذي يقع على حدود محافظتي نينوى وأربيل، والسلطات في كردستان تتعامل مع عمليات النزوح بشكل جيد، وبالذات النازحين الذين يحملون كتب مرور أمنية".

من جانبه يؤكد مسؤول وزارة الهجرة والمهجرين في محافظة نينوى، خالد عبد الكريم، وجود عمليات نزوح مستمرة لم تنقطع منذ انتهاء الحرب، نحو المخيمات من المدن، "لكن لم تحدد بأرقام كبيرة"، مبينًا أن النزوح لا يزال محدودًا ويتعلق بأسباب سياسية أو أمنية او أجتماعية، أو بسبب البطالة.

يقول عبد الكريم لـ"الترا عراق" إن "النازحين يهربون إما بسبب انتماء أبناهم لداعش، أو خوفا من الوضع الأمني حيث يعتبرون المخيمات أكثر أمنا، فضلًا عن التخوف من الخلافات بين سياسيي نينوى وتأثيرها على الأمن"، مشيرًا إلى أن جزء منهم يتجهون إلى المخيمات للحصول على مساعدات من المنظمات الموجودة فيها.

وكان محافظ نينوى نوفل العاكوب قد قال، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أن وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان أكدت وجود عمليات نزوح باتجاه إقليم كردستان العراق، في حين ينفي مسؤول وزارة الهجرة والمهجرين، علمه بعمليات النزوح نحو كردستان، مؤكدًا أن تلك العمليات تقتصر على مخيمات نينوى، على حد علمه.

وصول 370 عائلة إلى أربيل

بدوره يقول النائب عن محافظة نينوى في البرلمان، وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيروان الدوبرداني، إن "الأحصائيات الرسمية الموثقة في أربيل للعائلات الموصلية التي نزحت مجددًا الى أقليم كردستان، وتحديدًا أربيل، وصلت إلى 370 عائلة".

تتحفظ قوات أمنية وأخرى من الحشد الشعبي على 260 عراقيًا فروا من الباغوز في سوريا إلى نينوى غالبيتهم من النساء والأطفال

يبين الدوبرداني لـ "ألترا عراق" أن "330 عائلة نزحت منذ 14 كانون الثاني/ يناير الماضي، وحتى تفجير الجامعة في الموصل في 28 شباط/فبراير، حيث وصلت بعدها 50 عائلة الى مدينة أربيل"، عادًا أن "البطالة والوضع الأمني، فضلًا عن أسباب كثيرة دفعت الناس إلى النزوح مجددًا نحو كردستان".

فرار من سوريا إلى نينوى

فيما كشف موظف في منظمة محلية لـ "ألترا عراق"، عن وصول 260 شخص من الأراضي السورية بأتجاه منفذ ربيعة، وجميعهم من النساء والأطفال العراقيين، يعتقد أنهم أبناء ونساء مقاتلين في "داعش".

وقال الموظف الذي رفض الكشف عن هويته، أن "قوات من الشرطة والحشد الشعبي تحتفظ بهم منذ ساعات، بعد عبورهم من دون إذن بالدخول إلى الأراضي العراقية"، مشيرًا إلى أن "غالبيتهم يعانون من أمراض جلدية، حيث خصص فريق من أربيل لغرض التوجه لهم ومعالجتهم في المكان الذي يحتجزن فيه، ببلدة ربيعة الحدودية بأطراف محافظة نينوى".

اقرأ/ي أيضًا: تحت الموصل القديمة.. هكذا تعامل جثث جنود البغدادي

وأضاف، أن "الأمم المتحدة طلبت من حكومة الإقليم، تقديم المساعدة للنازحيين الفارين من سوريا، والذين لا يعرف هل نقلتهم قوات سوريا الديمقراطية التي تقاتل داعش في الباغوز، آخر الجيوب بالأراضي السورية، الى الحدود العراقية أو أنهم فروا من تلقاء أنفسهم".

صراع سياسي

إلى ذلك يحذر مختصون من ارتفاع موجات النزوح مجددًا نتيجة الصراع السياسي في المحافظة، والذي تسبب بضياع حقوق النازحين، في ظل انشغال الجميع بملف لجنة تقصي الحقائق.

لا يخشى الموصليون التفجيرات الأخيرة قدر خشيتهم من الصراعات السياسية الدائرة والتي قد تفجر الأوضاع في المحافظة مجددًا

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل، عمر برهان، إن "النازحين يفرون فعليًا، رغم أن أعدادهم ليست كبيرة، لكن الأمر قد يزداد"، عازيًا ذلك إلى "عدم ثقتهم بما يجري، فهم لا يخافون التفجيرات المتفرقة كثيرًا ولكن هم متيقنون أن الوضع السياسي لا يسير بشكل طبيعي ما قد يؤثر بشكل مباشر على الوضع الأمني، وقد تحدث كارثة كبيرة جديد".

يرى برهان أيضًا، أن "نزوح العائلات وهو مؤشر خطير"، فيما يحذر من "انفجار" الوضع إلى ما لا تحمد عقباه من نتائج، في حال استمرار "عدم اكتراث" الطبقة الحاكمة في نينوى، على الرغم من أن الوضع الراهن هادئ حتى الآن في مجمله، مع خروقات محدودة، على حد تعبيره.  

اقرأ/ي أيضًا:

هدمها "جنود البغدادي" ولن تعود.. معالم اختفت من نينوى

خبز الموصل ورجالها.. صور تروي واقع المدينة المنكوبة بداية القرن الماضي