ألترا صوت - فريق التحرير
تذهب عيون الكيانات السياسية في العراق صوب عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء المكلف لتشكيل الحكومة، واختيار الكابينة الوزارية المرتقبة قبل نهاية المدة الدستورية المحددة له.
تشير مصادر سياسية كثيرة إلى أن ضغوطًا واسعة تمارس على عادل عبد المهدي لفرض وزراء تقدمهم الكتل السياسية، وفق التوزيع المحاصصاتي المتبع منذ الغزو الأمريكي
ثلاثون يومًا لم يبق منها إلا أسبوعين ليقدم عادل عبد المهدي كابينته الوزارية إلى البرلمان، فيما يُفترض أن تصوت عليها الكتل السياسية بالقبول أو الرفض. فيما تشير مصادر سياسية كثيرة إلى أن ضغوطًا واسعة تمارس عليه لفرض وزراء تقدمهم الكتل السياسية، وفق التوزيع المحاصصاتي المتبع في الدورات الحكومية السابقة، فيما يصر عبد المهدي حتى الآن، على اعتماد آلية الترشيح الإلكتروني التي يقول إنها تقوم على تقديم "الكفاءات المستقلة من عامة الشعب".
في هذا السياق، أعلن المكتب الإعلامي لعبد المهدي، عن خلاصة النتائج النهائية للترشيح على منصب "وزير" عن طريق البوابة الإلكترونية، وبلغ عدد الترشيحات المكتملة 15184. وأضاف أنه "تم إجراء التحليل الأولي وفق المعايير وتم اختيار أفضل 601 مرشح"، مشيرًا إلى أن "لجنة الخبراء بدأت بدراسة الطلبات الـ 601 لتحديد أفضل المترشحين لدعوتهم للمقابلات".
اقرأ/ي أيضًا: حكومة عبد المهدي.. رهان أخير لـ"إنقاذ" العملية السياسية من غضب العراقيين
وقد انتقدت الكتل السياسية العراقية ظاهرة الترشيح الإلكتروني، قائلة إنها ستفشل، فيما يعتبر مناصرو هذا التوجه، أن عدم رضى الكتل السياسية يعبر عن إصرارهم على المضي بحكومة محاصصة تقليدية، دون اعتماد آليات خارجة عنها.
وبعد أن تعهد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بعدم تقديم تحالف "سائرون" الذي يدعمه أي مرشح للكابينة الوزارية، لإتاحة الحرية الكاملة لرئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، لاختيار وزرائه دون ضغوط حزبية، بحسب تعبيره، كشف في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي عن الضغوط التي يواجهها عبد المهدي لإعادة التشكيلة المحاصصاتية التي تريدها الأحزاب.
تضمنت تغريدة الصدر، رسالة لبعض السياسيين من الأحزاب السنية، الذين يصرون على تقديم وزراء على أساس الحصص الحزبية، قال فيها: "أستحلفكم بمقاومتنا الشريفة للمحتل، وأستحلفكم بصلواتنا الموحدة، وأستحلفكم بطردنا لكل من اعتدى عليكم بغير حق، وأستحلفكم بمواقفنا الاعتدالية معكم ولاسيما في الموصل والأنبار وغيرها، ألا تركتم المحاصصة وتقسيماتها والطائفية وحصصها"، داعيًا إياهم إلى "تقديم المصالح العامة على المصالح الحزبية، وأن تنظروا إلى قواعدكم التي هزها العنف والتشدد وأن تبعدوا كل الفاسدين والطائفيين"، متسائلًا أنه "أما آن الأوان لأناس أكفاء تكنوقراط مستقل لنعيش معًا بأمن وأمان بعيدًا عن خنجر الخيانة وصفقات الفساد".
وخمن متابعون، أن الصدر استخدم اسم "الخنجر" في إشارة إلى زعيم تحالف المحور الوطني، خميس الخنجر، الذي تحالف مع ائتلاف الفتح بقيادة هادي العامري، المقرّب من إيران، فيما اعتبر آخرون، أن الصدر في حديثه عن الصفقات، كان يقصد الصفقة مع الجناح السياسي للحشد الشعبي التي صعد بها محمد الحلبوسي، التابع للخنجر، رئيسًا للبرلمان.
كانت ردود السياسيين السنة على الصدر، من المحور غير التابع لتحالف المحور الوطني، متوافقة مع ما طرحه، إذ قال اثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق، والسياسي السني المعروف ردًا على الصدر، إنه "قبل أن تستحلف سيجيبك جميع السنة ومعهم كل العراقيين بأن كل عراقي نزيه قادر على تغيير الحالة المأساوية التي يعيشها العراق، هو أقرب إليهم من سني فاسد يفكر بالمنصب كاستحقاق لانتخابات قاطعها 80% من الشعب"، مضيفًا: "ولكن يجب أن تستثني من سؤالك المنتفعين والفاسدين". فيما رد النائب طلال الزوبعي على الصدر بقوله، إننا "معك قلبًا وقالبًا وماضون في دعم أشخاص أكفاء تكنوقراط للنهوض بالواقع الخدمي والصحي والتربوي، وتخليص العراق من الحزبية والفئوية والطائفية وتجار الدم، وإبعاد تجار المناصب الحكومية بالطرق القانونية".
اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. رهان النجاة من مقامرة ميليشيات المحاصصة
لكن ردود "المحور الوطني"، المتحالف مع ائتلاف الفتح، كانت غير متوافقة، وتضمنت ردودًا انفعالية ضد الصدر لأنه أشار إلى خميس الخنجر، الشخصية المثيرة للجدل.
فيما كشفت رسالة مسربة نشرت في أكثر من مجموعة إعلامية، رفض رئيس كتلة المحور الوطني، أحمد الجبوري، لتصريحات الصدر، داعيًا زعيم المشروع الوطني، خميس الخنجر، للرد على الرسالة التي احتوت عبارة "خنجر الخيانة"، فيما وصف رسالة الصدر بـ"الإهانة"، مطالبًا باجتماع طارئ لنواب وقيادات المحور الوطني، بحضور رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي لبحث الموضوع.
يرجح المهتمون بالشأن العراقي، أن أمام عادل عبد المهدي تحديات كبيرة للخروج بكابينة مستقلة بعيدة عن المحاصصة، في ظل دعم المرجعية والصدر لهذا المطلب
أما القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، فرأى أن من رفض رسالة الصدر، الموجهة إلى الأحزاب السنية، هم الذين يقدمون مصالحهم الشخصية والحزبية فوق مصلحة الوطن والمواطن، على حد تعبيره، في إشارة إلى الرسالة المسربة لأحمد الجبوري، فيما تخرج تصريحات واتهامات متبادلة بشكل دوري بين سائرون والمحور الوطني، على أثر ما نشره الصدر.
ولم يكتف زعيم التيار الصدري برسالته إلى السنة، إذ بعث برسالة أخرى إلى الكرد في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قائلًا لهم في تغريدة جديدة: "هلموا إلى أن ننقذ العراق ونترك المحاصصة ونبعد كل فاسد، ولنجدد العهد للعراق بوجوه جديدة نزيهة تحفظ هيبتكم، وترفع منزلتكم بعد أن نعز العراق وشعبه".
ويرجح المهتمون بالشأن العراقي، أن أمام عادل عبد المهدي تحديات كبيرة للخروج بكابينة مستقلة بعيدة عن المحاصصة، في ظل دعم المرجعية والصدر لهذا المطلب. لكن الاحتمالات إلى الآن لا تزال مفتوحة، خاصة مع إمكانية انسحاب عادل عبد المهدي في ظل الضغوط التي تمارس عليه، والانقسامات حتى داخل المحاور السياسية نفسها، التي يصر بعضها على خيار المحاصصة، بينما يتبنى آخرون حل "التكنوقراط السياسي" الذي ترشح بموجبه الأحزاب مستقلين مقربين منها، كما يريد عمار الحكيم، أقرب حلفاء الصدر.
اقرأ/ي أيضًا:
بعثي ثم شيوعي إلى إسلامي.. تعرف على رئيس وزراء العراق الجديد
تقدير موقف.. تكليف عادل عبدالمهدي بتشكيل حكومة العراق: التحديات وظروف الاختيار