29-مايو-2019

تشير الأحداث إلى هيمنة البارتي مقابل تخبط اليكتي ما قد يؤدي إلى نزاع مسلح (Getty)

أزمة جديدة بين الغريمين الكردستانيين اشتعل فتيلها، عقب انتخاب نيجرفان بارزاني القيادي في الحزب الديمقراطي ورئيس الحكومة السابقة، رئيسًا لإقليم كردستان بعد عامين من تنحي عمه مسعود بارزاني بعد استفتاء الانفصال الذي كلف أربيل غاليًا، حيث غاب الحزب الوطني عن جلسة انتخاب بارزاني رغم توقيع اتفاق بينهما مؤخرًا.

هيمن الديمقراطي الكردستاني على الرئاسات الثلاث في كردستان بانتخاب نيجرفان بارزاني رئيسًا لكردستان

يقود حزب الاتحاد الوطني الكردستاني فريقان، بعد وفاة جلال طالباني مؤسسه الأول، فريق هيرو الطالبني زوجة الرئيس العراقي الراحل، وفريق كوسرت رسول المقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده مسعود بارزاني، وهو ما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا.

اقرا/ي أيضًا: برلمان كردستان ينتخب نيجيرفان بارزاني رئيسًا للإقليم.. وثلاث كتل تقاطع

 

تخبط وهيمنة!

يقول مصدر مسؤول في الاتحاد الوطني، إن "الأمور في معقل الحزب في السليمانية ليست جيدة، هناك دعوة لعقد اجتماع للمجلس القيادي للحزب لبحث مجريات الأحداث، وهناك اختلاف داخلي بين جناحي اليكتي، حيث أن جناح هيرو الطالباني غير واثق بالحزب الديمقراطي، بينما يريد جناح كوسرت رسول مشاركة الديمقراطي في الحكومة".

أضاف المسؤول الذي طلب عدم الإشارة لاسمه لـ "ألترا عراق"، أن "أي محاولة يجريها فريق رسول للوصول إلى اتفاق مع الديمقراطي، يقوم فريق طالباني بتعطيلها، حتى وصل الحزب بجناحيه إلى طريق مسدود، وقد يثار أي نزاع بين السليمانية معقل الاتحاد، وأربيل معقل الديمقراطي إذا بقيت الأمور على ما هي عليه، أو نزاع داخلي في السلمانية".

أشار المسؤول أيضًا، إلى أن "نجل الطالباني قوباد وهو نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال، هنأ نيجيرفان بارزاني بحصوله على منصب الرئيس، لكنه تعرض لحملة ممنهجة على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفت ما فعله بالخيانة من قبل مؤيدين لعائلته، وهو ما يعني أن الأمور ليست في أفضل أحوالها".

بـقراءة سريعة لما آلت إليه الأمور في كردستان، يتبين أن الديمقراطي "البارتي" استعاد السيطرة على المناصب العليا في الإقليم متمثلة بالرئاسات الثلاث (الإقليم والبرلمان والحكومة)، بعد نيل 45 مقعدًا في الانتخابات الماضية، وسط صراع داخل صفوف الوطني المنافس الأول والغريم، الذي لم يحسم أي منصب حتى الآن.

يعيش "اليكتي" تخبطًا سياسيًا وانقسامًا قد يؤدي إلى نزاع داخلي أو آخر ضد "البارتي" في أي وقت

 

من جانبها أوضحت رئيس كتلة الاتحاد الوطني في برلمان كردستان بيكيرد طالباني، موقف الاتحاد في مؤتمر داخل البرلمان، قالت فيه إن حزبها "ملتزم بقرار قيادته والاتفاق الذي أبرمته مع الحزب الديمقراطي القائم كان على 3 محاور، إقليم كردستان والشراكة الحقيقة وتطبيع الاوضاع في كركوك، وآلية عملنا المشترك في العاصمة بغداد، وكل هذا كان من أجل توفير مستقبل أفضل لإقليم كردستان".

كما بينت أن عدم المشاركة في جلسة انتخاب بارزاني لرئاسة الإقليم، "لم تكن لأسباب شخصية، بل لعدم التوصل الى قناعة بإمكانية معالجة مشاكل المناطق المستقطعة"، مشيرة إلى أن "توضيحًا للرؤية سيصدر عن الكتلة خلال الاجتماع المقبل للمجلس القيادي".

الرئيس المنتخب نيجيرفان بارزاني هو نجل أخ مسعود بارزاني الرئيس السابق للإقليم، ويشغل منصب نائب رئيس الحزب، ويشار إليه كأحد المساهمين نيجيرفان في حركة التطور العمراني في أربيل، وواجهة التفاوض والتفاهم مع الأحزاب والجهات الأخرى السياسية في الإقليم وبغداد.

قال بارزاني، في أول رسالة له لشعب كردستان، إن "رئاسة الإقليم ستكون المظلة التي توحد الصفوف وتجمع كل القوى والأطراف السياسية الكردستانية والمكونات العرقية والدينية بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم، وسيكون توفير الأمان والسلم المجتمعي وضمان حقوق الفرد والمجتمع أهدافًا رئيسة لنا، وسنعمل من خلال اتباع سبيل الحوار على حل كل المشاكل بين الإقليم والحكومة الاتحادية في إطار الدستور، كما سنعمل على الحفاظ على علاقات الصداقة المتينة مع دول الجوار والمنطقة ومواصلة تعزيز مكانة وثقل إقليم كردستان على المستويين الإقليمي والدولي".

الديمقراطي يتوعد!

فيما قال رئيس كتلة الحزب الديمقراطي في برلمان كردستان، أوميد خوشناو خلال مؤتمر بأربيل، إن "عدم مشاركة كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في التصويت لنيجيرفان بارزاني سيؤثر على جميع الاتفاقات المبرمة بين الحزبين، والمكتب السياسي للحزب الديمقراطي سيرد في وقت آخر على موقف الاتحاد، والمهم تم المضي بعملية اختيار الرئيس، وخلال الأيام القادمة سنقدم مسرور بارزاني كمرشح للحزب الديمقراطي لرئاسة الوزراء".

توعد الديمقراطي الكردستاني بمراجعة اتفاقه مع الوطني بعد مقاطعة الأخير لجلسة انتخاب نيجرفان بارزاني

من جانبه قال عضو الحزب الديمقراطي، النائب هيفيدار أحمد لـ "ألترا عراق"، إن "الاتحاد الوطني اتخذ اليوم قرارًا بعدم المشاركة في الجلسة لانتخاب رئيس الإقليم وهذا القرار سيؤثر على الاتفاقات وسيؤدي إلى عدم تصويت أعضاء كتلة الديمقراطي على مرشح الاتحاد لمنصب نائب رئيس الحكومة الجديدة، وسيدفعنا إلى إجراء مراجعة جدية لجميع الاتفاقات المبرمة بيننا وبينهم"، مؤكدًا أن "الوطني أخطأ باتخاذه هذه الخطوة".

اقرا/ي أيضًا: ما بعد الانتخابات مثل قبلها في كردستان.. وبوادر لحل أزمة كركوك

أما حركة التغيير القطب الثالث في الإقليم، فقد رأت أن هناك "خطرًا كبيرًا محدقًا يهدد الجميع". وقال علي حمة صالح رئيس الكتلة في البرلمان، إن "على شعب كردستان الانتباه خصوصًا وأن المشاكل السياسية بين الأطراف الكردستانية تزيد من هذا الخطر والتهديد، والخطر متمثل بطرد وإيذاء الكرد من المناطق المستقطعة وجعلهم أقلية وفق إحصاء عام 1920"، مشددًا أن "حركة التغيير على اتفاق مع الحزب الديمقراطي في مسيرة تشكيل الحكومة".

أحزاب المعارضة بدورها، وأبرزها الاتحاد الإسلامي أكدوا استمرارهم بخيار المعارضة، حيث قال رئيس كتلته في البرلمان شيركو جودت، إن "الاتحاد يتطلع لتحسن الواقع المعيشي في كردستان لا أن يسوء".

هذا ما قد يحدث !

يرى الخبير السياسي الكردي محمد عدنان، أن الوضع في كردستان قد يكون "جيدًا" على صعيد العلاقة مع بغداد وكذلك في ملف الرواتب، لكنه ليس في أفضل الأحوال على الصعيد الداخلي، مبينًا أن "الاتحاد الوطني لم يف بالوعد الذي قطعه بالمشاركة في تشكيل الحكومة ولم يصوت لمرشحي البارتي، بحجة عدم منحهم منصب محافظ كركوك حتى الآن، لكن الحقيقة أن تلك الخلافات ليست فقط بين اليكتي والبارتي وإنما داخل اليكتي نفسه".

وقال عدنان لـ "ألترا عراق"، إن "اليكتي لم يعد متماسكًا بعد وفاة جلال طالباني، خاصة بعد الانشقاقات التي جرت داخله من حركة التغيير ومن ثم الإسلاميين وأخيرًا انقاسم الحزب بين جناحين، فضلًا عن ميل قوباد طالباني نحو حزب بارزاني، وكلها عوامل أضعفت الحزب".

حذر مراقبون من تحول الخلافات داخل كردستان إلى اقتتال مسلح في ظل امتلاك جميع الأطراف للسلاح

ولم يستبعد عدنان، تطور تلك الخلافات الحزبية سواء داخل الوطني أو داخل كردستان عمومًا، إلى اقتتال مسلح في ظل امتلاك جميع الأطراف للسلاح"، مشيرًا إلى أن "الحزب الديمقراطي لا يزال يحاول ردم الفراغ، فأنه يؤكد بأن منصب رئيس البرلمان سيسلم لليكتي لاحقًا، كما أن جميع المناصب الأخرى التي من استحقاقه، سيمنحها للحزب، ولكن الجميع ينتظر من البارتي التنفيذ لإنقاذ الحليف القديم، والذي طالما كانت بينهما خلافات عادة ما تصل إلى حلول".

 

اقرأ/ي أيضًا:

كردستان "تشكر" عبد المهدي.. عطلة لـ 7 أيام ورواتب قبل العيد!

بين "داعش" و"الحرب القومية".. "الانهيار" يهدد كركوك!