ألترا عراق ـ فريق التحرير
لم تقلب نتائج الانتخابات المبكّرة التي جرت في 10 تشرين الأول/أكتوبر موازين القوى فحسب، بل يبدو أنّها قلبت وبدّلت "مبادئ" سياسية صدرتها أطراف عدة قبل العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، فمن الحديث عن شعار "الدولة" أو "قوى الدولة" كشعار مرحلي، ينتقل تيار الحكمة لاستنساخ لغة "اللادولة" المتمثلة بالكتل السياسية ذات الأطراف المسلحة كما توصم في الأوساط الشعبية والإعلامية والسياسية.
وصف قيادي في تيّار الحكمة ما اسماهم بـ"قادة الرأي" ممن لم يقتنعوا برأي الإطار التنسيقي بأنه غير ملزم بإقناعهم جميعًا فبعضهم مشترى وبعضهم تابعين لدول خارجية
وبينما كان هبوط عدد مقاعد "قوى الدولة" المتمثلة بتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، وائتلاف النصر برئاسة حيدر العبادي إلى 4 مقاعد فقط، صادمًا بعض الشيء، إلا أنّ التحوّل بالخطاب لم يكن "مفاجئًا جدًا"، بالنظر إلى أنّ تيار الحكمة برئاسة الحكيم فضلًا عن حيدر العبادي، يعدون أجزاءً رئيسة من تكتلات وأحزاب وأيديولوجيات كانت في صدارة من أسّس أجنحة مسلحة كـ "فيلق بدر" الذي كان جزءًا من المجلس الأعلى الإسلامي فضلًا عن حزب الدعوة.
اقرأ/ي أيضًا: قوى الدولة واللا دولة.. مواقع بلا وقائع
وينظر إلى وجود توقيع حيدر العبادي على البيان الأول الذي صدر من "الإطار التنسيقي" الذي أعلن الإطار من خلاله رفض الانتخابات "بحدّة" ملوحًا بأن نتائج الانتخابات تشكل "تهديدًا للسلم الأهلي"، كدليل على أنّ استخدام شعار "الدولة" لم يكن سوى متطلب مرحلي وليس مبدأ ثابتًا عميقًا في أدبيات هذه الكتل.
ويقرأ مراقبون في الجملة التي تتحدث عن السلم الأهلي ضمن البيان الذي وقعه العبادي، تهديدًا صريحًا ومحاولة "إخضاع" للكتل السياسية الأخرى والمفوضية والشعب للقبول باستحقاقات لهذه الكتل، أكبر من حجمها الحقيقي الذي أفرزته الانتخابات.
وليس بعيدًا عن هذا الخط الذي انتهجه تحالف "قوى الدولة"، ذابت ملامح "خطاب الدولة" من أحاديث وتصريحات تيار الحكمة، وبرز هذا الذوبان بشكل واضح في تصريحات عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة فهد الجبوري.
وتحدث الجبوري في تصريحات لبرنامج المحايد الذي يعرض على القناة الرسمية، وتابعها "ألترا عراق"، بلسان "الإطار التنسيقي" ليؤكد أن تيّار الحكمة هو جزء من الإطار، وهو يجدّد الرفض القاطع لنتائج الانتخابات، وبينما أكد انتظار الإطار التنسيقي لقرارات الهيئة القضائية والمحكمة الاتحادية، استبعد تغيّر حتى لو تم العد والفرز اليدوي الشامل، بفعل "وجود شكوك" بتلاعب في صناديق الاقتراع.
ويتضح من تصريح الجبوري، أن المطالبة بالعد والفرز اليدوي الشامل لا تعدو كونها "مناورة عبثية"، حيث يبدو الإطار التنسيقي ومعه تيار الحكمة "متأكدين" بأن النتائج المعلنة متطابقة مع النتائج والأصوات في الصناديق.
وفي ذات الحديث أكّد الجبوري، أنّ "نتائج الانتخابات الحالية تهدد الأمن والسلم المجتمعي"، وهي تلميحات مكرورة صدرتها "قوى السلاح".
ويقول الجبوري، إنّ الأطراف السياسية التي يمثلها الإطار "ستنتظر قرارات المحكمة الاتحادية وإذا بقيت النتائج على حالها، فسيكون حينها لكل حادث حديث"، في اتساق مع جملة "تهديد السلم المجتمعي"، حيث أعطى عضو "تحالف قوى الدولة" تصورًا واضحًا على أنّ كتلته لن ترضخ لقرار المحكمة الاتحادية إذا ما جاء معاكسًا لتصوراتها، دون اعتبار لشعار "الدولة" الذي تبنته قائمته الانتخابية قبل يوم الاقتراع، بحسب الكاتب والناشط السياسي أحمد عبد الجبار.
وبينما حاول القيادي في الحكمة، إقناع الحاضرين في اللقاء المتلفز الذي تابعه "ألترا عراق"، بأنّ عباراته لا تعني "تهديد الدولة" أو الذهاب بها إلى المجهول، عاد لاستخدام عبارات القوى السياسية المسلحة أيضًا، قائلًا "نحن لا نهدد الدولة لأننا نحن من حميناها وبنيناها وحاربنا داعش بينما كان الآخرون من المستقلين وغيرهم خارج العراق".
ويعتبر عبد الجبار في حديث لـ"ألترا عراق"، هذا الخطاب، "ابتزازًا يهدف لإخافة وإقناع المناوئين لسياسات قوى السلاح، بأنهم غير معنيين بالدولة وهي ملك لأصحاب السلاح الذي حارب داعش فقط، ولا مكان لباقي القوى التي تريد تصويبها مهما كانت رؤاهم".
ولم يوفر القيادي في تيار الحكومة، قادة الرأي من صحفيين ومحللين سياسيين وأوساط إعلامية وباحثين مناهضين لسردية الإطار حول الانتخابات، إذ صوب نحوهم على طريقة قوى السلاح أيضًا، قائلاً إنّه "غير ملزم بإقناعهم" باعتبارهم "مبتزين وتابعين لجهات خارجية ودول أخرى"، ليعيد إلى الأذهات الاتهامات التي واجهها المتظاهرون والناشطون أثناء احتجاجات تشرين.
وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الانتهاء من إجراءات النظر في الطعون وملاحقها، فيما أشارت إلى تطابق نتائج تدقيق جميع أوراق الاقتراع في المحطات المطعون بها.
ومجددًا رجح قيس الخزعلي زعيم حركة "عصائب أهل الحق"، اللجوء إلى حكومة توافقية في المرحلة المقبلة، محذرًا من أنّ "تشكيل حكومة من قبل طرف (شيعي) دون آخر قد يدفع إلى تفاقم الأحداث السيئة التي جرت مؤخرًا، ويمكن أن يعرض السلم الأهلي إلى الخطر".
اقرأ/ي أيضًا:
التوافق أو الأغلبية.. هل يستطيع الفائز اجتياز عقدة الـ7 حكومات؟
نصف أصوات مقاعد الفتح من الشمال.. هل لدى "قوى السلاح" جمهور حقيقي؟