تواصل محطات الوقود في محافظة ذي قار إغلاق أبوابها منذ عدة أيام، بسبب قيام عدد من خريجي الجامعات بقطع الطريق المؤدي إلى مستودعات النفط وشركة نفط المحافظة، للمطالبة بتخصيص درجات وظيفية لهم، خاصة بعد تبدد الوعود التي تلقوها من المسؤولين بتوفيرها في موازنة 2021 التي جاءت خالية من ذكرهم، ما يشكل أزمة حقيقة شلّت الحركة في أقضية ونواحي المحافظة لعدم توفر الوقود لوسائل النقل، بحسب مسؤولين.
يعتصم عدد من الخريجين عند شركة توزيع المنتجات النفطية في ذي قار للمطالبة بالوظائف
ويقول المهندس عبد العباس القرغولي، وهو أحد المشاركين في الاعتصام، إن "اعتصامهم بدأ في تموز/يوليو 2020، وكانت انطلاقته عند حقل الغراف النفطي (شمالي ذي قار) ثم انتقل إلى شركة نفط ذي قار، وبعدها إلى مصفى نفط المحافظة، ليصل هذه الأيام عند شركة توزيع المنتجات النفطية، مبينًا أن "هناك أعداد لا زالت تتوزع بين هذه الأماكن المهمة للمطالبة بالتعيينات".
اقرأ/ي أيضًا: إحصائية بعمليات تهريب النفط العراقي خلال عام 2020
ويؤكد القرغولي في حديث لـ"ألترا عراق" أن "الحكومة لم تستجب لمطالب الخريجين، وهم من مختلف الاختصاصات العلمية، وعددهم نحو 850 خريجًا بينهم حملة شهادات عليا، لافتًا إلى أن "المتظاهرين من اختصاصات الهندسة والعلوم والتقنية والإدارة والاقتصاد والمعاهد التقنية، ويتوزعون بين سنوات تخرج مختلفة بضمنها 2007 و2011، ويمتلكون خبرات عمل متميزة بفترات خدمة متفاوتة بالشركات المعنية باختصاصهم، سواء أجنبية عاملة في العراق أو محلية، فيما أوضح أن "ما يحصل في ملف التعيينات الحكومية ليس الاعتماد على عنصر الخبرة والشهادة، بل على الترشيحات والحصص الحزبية للأشخاص المنتمين للأحزاب المتنفذة، ما جعل الكثير من الأشخاص يحصلون على التعيين، ثم يفكرون بالشهادة الجامعية".
وعن المطالب المرفوعة، قال إن "المتظاهرين في ذي قار من الخريجين يطالبون الآن بمطلب بسيط، وهو توظيفهم بعقود كحل قابل للتدرج مستقبلًا للوصول إلى التثبيت على الملاك الوظيفي"، أما بشأن قطع الطرق أكد أن "المعتصمين لن ينسحبوا إلا بتحقيق مطالبهم الواضحة، وهم مستعدون لمواجهة أي قمع أمني قد يتعرضون له في أي وقت، وبما فيهم خريجات جامعيات كتمثيل نسوي متواجد بشكل دائم".
بالمقابل، تحدث مصدر مسؤول في مستودعات نفط ذي قار، رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بوظيفته، عن تبعات غلق الطرق أمام هذه الأماكن الاستراتيجية والاقتصادية المهمة، موضحًا أن "مستودع الناصرية ومحطة الضخ هما جزء من شركة خطوط الأنابيب النفطية، وتمر فيه عدة خطوط لنقل المنتوجات البيضاء من النفط والبنزين لسد حاجة المحافظة بنسبة 20% كون أغلبية الحاجة تغذى من الخطوط القادمة من الشعيبة ليتم توزيع الفائض لبقية الأقضية والنواحي، وحتى إلى السماوة والديوانية والهندية وصولًا إلى الكرخ".
ولفت المصدر في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أن "استمرار قطع طريق المستودع هو لليوم السابع على التوالي من قبل الخريجين المعتصمين للمطالبة بالتعيين أسوة بأقرانهم، بعد فض اعتصام سابق لهم بوعود، حيث تم رفع اسماؤهم إلى الشركة العامة للبت بأمرهم، مبينًا أن "القوات الأمنية وشرطة حماية النفط يقفون داخل وخارج المستودعات لحماية أبواب دخول الموظفين ومنافذ الحوضيات، مشيرًا إلى "وجود تهديدات من قبل المعتصمين بحرق المستودع في حال عدم تلبية المطالب، وهو يحتوى على أكثر من 15 مليون لتر بنزين وزيت الغاز، ما ينذر بكارثة متوقعة الحصول"، على حدّ تعبيره.
يقول مسؤول في مستودعات نفط ذي قار إن 65 شخصًا تم تعيينهم عن طريق المحسوبيات الحزبية ما أدى إلى الاعتصام الحالي
وتابع أن "المستودع يعتمد بكمياته الموجودة على الشحنات المستوردة بنسبة 80% من الناقلات الراسية في موانئ البصرة، والتي تصل عبر خطوط الأنابيب ليقوم بضخها للمحافظة والخطوط الأخرى للمحافظات، مضيفًا أن "الخطأ ليس من المتظاهرين، بل الإشكالية الأساسية بملف التعيينات بوجود أكثر من 65 موظفًا تم تعيينهم من الخريجين قبل فترة عن طريق الواسطات والمحسوبيات الحزبية، ما أثار فتنة بالنسبة لبقية الأعداد حتى وصلت الأحداث إلى ما وصلت إليه اليوم بمحاصرة المغذي الوحيد للمحافظة بالمشتقات النفطية".
اقرأ/ي أيضًا: الناصرية.. ملحُ الانتفاضة المُر وجرحها الشامخ
وعن عدد الموظفين في المستودع قال المصدر، إنه "يبلغ نحو 450 موظفًا في حين أن الأعمال فيه لا تحتاج سوى 150 موظفًا، مستدركًا "لكن التقاسمات الحزبية والعلاقات لعبت دورًا بهذا الفائض الوظيفي الزائد عن الحاجة بأصدار أوامر التعيين من جهات عليا وضعتهم بمستودع الناصرية، فيما أكد أن "محطات الوقود مغلقة بشكل شبه كامل مع وجود محطة أو محطتين مفتوحة، وعليها زخم كبير من طوابير المركبات، ما جعل بعض السائقين يذهبون للتزود بالوقود من محطات ومستودعات محافظة السماوة لوجود أنابيب مباشرة من الشعيبة - ناصرية- السماوة وهي مستمرة بالضخ".
تم تمرير قانون موازنة 2021 قبل أيام، لكن دون أن يحل ملف التعيينات فيه، وهو ما يوضح بشأنه النائب عن المحافظة، غايب العميري، بالقول إن "أهم الفقرات والمواد التي أدرجت للمحافظة، ومنها تأسيس صندوق لإعمار المحافظة بمبلغ 300 مليار دينار لتمويل نشاطاته الخدمية والعمرانية، والتقليل من البطالة بين صفوف الشباب، لافتًا في تصريح لـ"ألترا عراق"، إلى أنه "جرى تخصيص الأموال اللازمة لإنجاز مشروع مطار الناصرية، لتفعيل زيادة الحركة التجارية والسياحية، وتشغيل الآلاف من الأيادي العاملة".
ويقول العميري إنه "تم تأسيس صناديق حسابية في المحافظات المنتجة للنفط الخام أو النفط المكرر ومنها محافظة ذي قار، وتمول هذه الصناديق بشكل شهري من وزارة المالية لتنفيذ عدد من المشاريع في كل المجالات الخدمية والصحية والتعليمية وغيرها".
لكن الناشط في محافظة ذي قار، علي مشني، يرى أن "المعتصمين هم بدرجات علمية عالية، ويريدون حقوقهم بالتعيين بما أنهم في محافظة نفطية، وقد أحدثوا هذا القطع بطريق المستودعات ما أدى لتصفير الوقود في المحطات التي أغلقت أبوابها بوجه الراغبين بالتزود بالوقود".
وقال مشني في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "منذ سنة والاعتصامات مستمرة في ذي قار لهذه الشريحة في الحر والبرد والحكومة غير مبالية لهم، ولن تبالي لو مهما حصل، مشددًا على "ضرورة محاسبة الحكومة على ارتفاع أسعار المواد في الأسواق، فضلًا عن رفع سعر صرف الدولار ونسب الفقر قبل توجيه اللوم لشباب انتهت أعمارهم بالدراسة بلا تعيين وخرجوا لاسترداد حقوقهم".
تحصل محافظة ذي قار من النفط على 24 مليون دولار في كل أربعة أيام
وتنتج حقول محافظة ذي قار، 100 ألف برميل يوميًا كمعدل، أي لأربعة أيام يصبح 400 ألف برميل، وهو ما يساوي 24 مليون دولار إذا حسب كمعدل 60 دولارًا للبرميل، بحسب حديث من الخبير النفطي علاء محمد لـ"ألترا عراق".
اقرأ/ي أيضًا:
مقترح صرف رواتب الموظفين بالدولار: تعليق برلماني.. ورد حكومي غاضب
مدينة الضحايا والمسؤولين.. الناصرية تُصدّر التصعيد وتخطف الأضواء من العاصمتين