ازداد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في العراق خلال الآونة الأخيرة في مجال الرياضة وكرة القدم تحديدًا، حتى بات اللاعبون يشكون من التأثيرات خصوصًا فيما يتعلق باللاعبين المغتربين، والمحليين.
تحدث لاعبون عن تعرضهم لهجوم من قبل مواقع التواصل الاجتماعي لأنهم محليون
لاعبون محليون يمثلون المنتخبات الوطنية العراقية يتحدثون عن مهاجمهم ويعتبرون سبب ابتعادهم عن تمثيل المنتخب هو "تعليقات" تصدر بحقهم في هذه المواقع، مقابل مديح وثناء في ذات المواقع للاعبين العراقيين المغتربين.
وازدادت وتيرة المهاجمة اتجاه للاعبين المحليين، بعد الخروج من تصفيات كأس العالم، حيث فشل المنتخب الوطني العراقي في الانتصار على أضعف فرق المجموعة منتخب لبنان، ومنتخب سوريا، في المباراة الأخيرة.
النتائج السلبية وتألق المحترفين
ربما بدأت الجماهير تفقد الثقة باللاعب والمدرب المحلي، خصوصًا مع ضعف الاعتماد على اللاعبين العراقيين المغتربين، الذين أثبتوا تميزهم - على سبيل المثال - في المباراة الأخيرة أمام المنتخب الروسي، مثل زيدان إقبال وعلي الحمادي، الذين كانا نجمي اللقاء من الجانب العراقي.
بالمقابل، أدت النتائج السلبية للمنتخب الوطني العراقي في بطولة آسيا، وقبلها في بطولة الخليج، فضلًا عن تصفيات كأس العالم قطر 2022، إلى تصاعد وتيرة مهاجمة اللاعبين المحليين من قبل الجماهير، بوصفهم يشكلون العماد الأساس للفريق حينها.
هبوط مستوى بعض اللاعبين المحليين، أسس فئة كبيرة من المشجعين تدعم "اللاعب المغترب"، وهي تسمية تطلق اللاعبين الذين ينحدرون من أصول عراقية لكنهم ولدوا خارج البلاد ونشطوا في دوريات مختلفة معظمها في أوروبا.
نماذج مرفوضة.. الأول في قطر!
لاعبون محليون أكدوا في مرات كثيرة بأنهم يتعرضون إلى "هجوم" عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، ومن بينهم همام طارق الذي قال إن تلك المواقع "أبعدتني عن المنتخب الوطني نتيجة السب والشتم"
ويمثّل همام طارق الآن، نادي معيذر، الذي يلعب في الدوري القطري للدرجة الأولى وتأهل مع فريقه للدوري الممتاز، وقد سجّل أهدافًا مهمة مع النادي.
الحديث عن "التهميش" تطرق له لاعبون دوليون سابقون، مثل حارس المنتخب العراقي في كأس آسيا 2007 نور صبري، الذي يؤكد أن "بعض اللاعبين يستحقون العودة للمنتخب الوطني"، لكن ما وصفه بالضغوط "الميدياوية" [نسبة إلى سوشل ميديا]، "تجعلهم خارج حسابات الإسباني كاساس"، مدعيًا أن "هناك تقصدًا في استهدافهم"، ذاكرًا همام طارق، بشار رسن وصفاء هادي.
قال نوري صبري إن هناك تقصدًا في استهداف بعض اللاعبين بسبب مواقع التواصل الاجتماعي
حتى مع تألق بعض اللاعبين في الداخل أو الخارج، تبقى الانتقادات قائمة، وفي مثال آخر، اُختير اللاعب الدولي السابق في المنتخب العراقي، بشار رسن، لاعب الشهر في الدوري القطري الممتاز، إذ يستمر في صناعة وتسجيل الأهداف؛ لكنه يُجابه بتعليقات رافضة وانتقادات لاذعة أثناء النقاشات في المواقع المتخصصة حول استدعائه مرة أخرى إلى المنتخب.
الأمر بالتأكيد يطال اللاعبين المحليين
الذين ينشطون في الدوري العراقي الممتاز، فعلى الرغم من اختياره أفضل لاعب في بطولة خليجي 25، فإن إبراهيم بايش إلى الآن يتعرض لتعليقات سلبية ومطالبات بإبعاده عن المنتخب الوطني، وقد نُسبت للاعب تصريحات من قبل مصادر إعلامية، بعدم رغبته في تمثيل المنتخب الوطني بسبب الهجوم الحاد على اللاعبين المحليين على عكس ما يحدث مع اللاعب المغترب.
سمايل "أضحكني" مقابل "القلب"
تصاعدُ رغبة بعض الجماهير العراقية خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن يكون عناصر المنتخب الوطني العراقي بأغلبتيهم من اللاعبين العراقيين المغتربين لا المحليين، انعكس بشكل واضح على التفاعل في تلك المواقع.
وعلى سبيل المثال، وفي حساب اتحاد الكرة الرسمي، تتفاعل أغلب الجماهير مع صور اللاعبين المغتربين بـ"الأعجبني" و"الأحببته"، بينما يسطير "الأضحكني" على صور اللاعبين المحليين، فضلًا عن التعليقات غير الإيجابية.
غياب الثقافة
"لا تقع اللائمة على الجماهير فقط"، يقول المدرب الكروي والمحلل حمزة داود، بل أن "الكثير من لاعبينا لا يمتلكون فن التعامل مع الجمهور والإعلام لهذا تراهم يتعرضون للكثير من الانتقادات الموجهة إليهم بقسوة كبيرة تصل حد التجريح".
قال متخصصون إن لاعبين محليين يفتقدون لثقافة الحوار والتعامل مع الجمهور ووسائل الإعلام
و
يضيف داود في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "هذا الأمر لم يأتِ اعتباطًا لان أغلب اللاعبين المحليين لا يمتلكون الثقافة العامة والثقافة الاحترافية في التصريحات التي يطلقونها هنا أو هناك".المدرب السابق لنادي الاتصالات، قدّم "نصيحة" موجهة إلى "أ
غلب اللاعبين الذين يحبذون الظهور الإعلامي أو الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي"، قائلًا: "إذا لم تكن قادرًا على الإقناع لا تتكلم، ولذلك فإن بعض اللاعبين يقدمون مستويات جيدة ورغم ذلك فإن الكثير من الجماهير غير مقتنعة بالأداء المقدم من قبلهم".يعود المدرب داود إلى الوراء قليلًا ويقول: "الجميع يجب أن يتذكر المراحل السابقة والهزائم الكبيرة للمنتخب بوجود هؤلاء المحليين وما لهم من دور كبير فيها، ـما المغترب فهو يعيش أسعد أيامه بعد أن كان يتعرض لهجمة كبيرة من بعض السماسرة"، ويؤكد أن "اللاعب العراقي المغترب في الوقت الحالي هو الورقة الرابحة للمنتخبات الوطنية مع انخفاض واضح لمستوى اللاعب المحلي".
"خوف" في وسائل الإعلام
الانتقادات التي تطال اللاعبين المحليين، رصدها بعض الصحفيين، لكن بعضهم "يخشى الحديث" في هذا الموضوع، خوفًا من التعرض إلى "هجوم مماثل". عن ذلك يتحدث الإعلامي غيث جمال الذي تواجد في بعض البطولات التي شاركت بها منتخبات العراق، ويقول إن "مواقع التواصل الاجتماعي في العراق باتت تؤثر على اللاعب المحلية بطريقة مباشرة وواضحة"، ويضيف: "المدرب أصبح يتأثر بما يقال في مواقع التواصل الاجتماعي فعند تفكيره باستدعاء اللاعب المحلي يفكر بشكل واضح في ردود الفعل التي ستطاله من قبل الجماهير".
ويؤكد جمال في حديث لـ"ألترا عراق" أن الموضوع يشمل وسائل الإعلام أيضًا، وليس المدرب واللاعبين فقط، لأنها "تواجه بعض المشاكل". ويقول الإعلامي إن أصحاب المهنة يواجهون تهمة "ضد المغتربين" أو "الترويج للاعب مقابل مكاسب شخصية" في حال أشادوا بلاعبين في الدوري المحلي أو الدوريات الخارجية، ما جعل "
الإعلامي العراقي هو الآخر يخشى مدح اللاعب المتميز المحلي".يخشى بعض الإعلاميين من الدفاع عن اللاعبين المحليين
ولعل "المديح" باللاعبين العراقيين المغتربين قاد حسابات بعض الأندية على مواقع التواصل إلى نشر صور ومقاطع فيديو لما تحققه من تفاعل كبير لدى الجمهور العراقي. وعلى وجه الخصوص اللاعب زيدان إقبال المحترف في نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، الذي تحصد صوره على الموقع الرسمي للنادي المعدل الأكثر من الإعجاب والتعليق، وبالتالي يعود الحساب الرسمي للنادي لاستعراض صور أو فيديوهات خاصة بلاعب المنتخب الوطني العراقي.