أبطأت القوات الأمنية العراقية في اليوم السادس لـمعركة تحرير الموصل تقدمها باتجاه المدينة، في محاولة منها لإدامة زخم المعركة بالقطعات الخلفية وعدم ترك فجوة يستغلها تنظيم "داعش" في المناطق التي حررتها أو تلك التي تعتقد القوات أنها ما زالت هشة ومعرضة لهجمات التنظيم.
يستخدم داعش استراتيجية اقتحام مدن خارج المعركة، مثلما فعل في كركوك والرطبة، لتشتيت الهجوم على الموصل وكسب الوقت
وذكرت تقارير صحفية أن داعش قد اقتحم، اليوم الأحد، مدينة الرطبة، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الأمنية المتواجدة بالمدينة، ويتوقع أن تتسبب العملية في تأخر جديد لعملية الموصل، كما سبق أن فعلت أحداث كركوك، حين اقتحم عشرات المسلحين من داعش المدينة وسيطروا على عدة بنايات حكومية داخلها.
اقتحام داعش للمدينة تم يوم السبت 22 تشرين الأول/أكتوبر الجاري واحتاجت القوات الأمنية في كركوك إلى أكثر من يوم لاستعادة السيطرة بشكل تام على المدينة. وتسببت تلك الأحداث في إبطاء تقدم القوات الأمنية العراقية باتجاه الموصل لكن طيران التحالف الدولي وطيران الجيش العراق استمرا بقصف مقرات تنظيم "داعش" وخطوط صده.
اقرأ/ي أيضًا: تعرف على القوات التي تشارك في معركة الموصل
وتخشى القوات الأمنية العراقية من سرعة تقدمها باتجاه الموصل أن يتعرض المدنيين الفارين من مناطق أطراف المدينة لأية إصابات أو يكونوا وسط تبادل النيران مع تنظيم "داعش"، كما تخشى من طبيعة الأرض المفخخة بمعنى الكلمة أمامهم باتجاه الموصل، عشرات الأنفاق ومئات الخنادق والمفخخات بأشكال عدة بثها داعش على مسارات التوغل المتوقعة للقوات العراقية.
ومع بطء التقدم الملحوظ في العملية العسكرية لتحرير الموصل، تمكنت القوات العراقية من تحرير قضاء الحمدانية القريب من مدينة الموصل الذي يسكنه السريان، وفي ذات الوقت عثرت قوات جهاز مكافحة الإرهاب على خمسة أنفاق في ناحية برطلة، التي أخلاها داعش وزخرت وكالات الأنباء فيما بعد بلقطات إعادة رفع الصليب فيها نكاية بالتنظيم الإرهابي، شرقي الموصل. وهذه الأنفاق مزودة بالإنارة وأجهزة التهوية.
كلما تم التضييق على داعش في معركة الموصل، سيحاول الخروج بمعركة بعيدة، ريثما يتمكن من استعادة توازنه
وقال وزير داخلية حكومة إقليم كردستان العراق كريم سنجاري، إن القوات العراقية أصبحت على بعد خمسة كيلومترات من الموصل، مرجحًا أن يبدي مقاتلو تنظيم الدولة مقاومة شرسة دفاعًا عن المدينة التي تكتسب أهمية رمزية لهم.
اقرأ/ي أيضًا: العبادي وأردوغان..حرب في السوشيال ميديا
وتمكن لواء المشاة الآلي (36) في الجيش العراقي من التقدم من جنوب غرب قضاء الحمدانية إلى مركزه ورفع العلم العراقي فوق بناية قائمقامية القضاء. وتجري القوات الأمنية هناك عمليات تفتيش للمنازل والمقار الحكومية.
واكتفى لواء 18 فرقة الخامسة شرطة اتحادية بتفتيش قـريتي نعناعة والشورى الجديدة. لكن وبعد أن أشعل عناصر تنظيم داعش النار في معمل المشراق للكبريت تمكنت القوات الأمنية العراقية والأجهزة المختصة من إطفاء الحريق والسيطرة عليه، إذ كان داعش قد استخدم نفايات الكبريت الموجود في محيط المعمل مادة لإحراق المعمل بالكامل ما بث كميات من الغازات السامة النادمة عن احتراق الكبريت على رقعة ضمت العديد من المناطق المدنية المحيطة بالمعمل والقريبة منه.
وعلى الرغم من تصريحات القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي المكثفة بشأن تقدم القوات الأمنية العراقية باتجاه الموصل أسرع مما خُطط له، إلا أن العمليات العسكرية تبدو أنها تأخذ وقتًا أطول مما يتوقع خلال هذه الأيام، فاستراتيجية نقل المعركة إلى أماكن بعيدة لإرباك المهاجمين كما فعل داعش في كركوك نجحت في تعطيل الهجوم بعض الوقت، وهو ما يقول مراقبون إنها ستتخذ من هذه الخطة استراتيجية لها، وكلما تم التضييق على التنظيم في معركة الموصل، سيحاول الخروج بمعركة بعيدة، ريثما يتمكن من استعادة توازنه.
يثير سعي العبادي لاستدامة إشكال التدخل التركي من عدمه ضد داعش بالموصل تساؤل مركزي عن أولويات الرجل وداعميه
وفي سياق الخلافات العراقية التركية، ورغم إعلان وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر عن التوصل لاتفاق مبدئي لمشاركة تركيا في عملية الموصل، إلا أن رئيس الوزراء العراقي أعاد مرة أخرى، يوم السبت، رفضه لأي مشاركة تركية في العمليات، ما يطرح تساؤلات حول مصداقية تصريحات الرجل منذ 2014 عقب سيطرة داعش على الموصل بأن العراق بحاجة المساعدة ويده ممدودة للكل في الحرب على الإرهاب، لكن مجددًا يبدو أن أجندات ولاية الفقيه تتفوق على المصالح العراقية العليا، وفي مقدمتها مصلحة العراق في تنظيف جسده من إرهاب داعش ومن كافة التدخلات الأجنبية.
اقرأ/ي أيضًا: