ليس غريبًا أن تجد في كل شوارع العراق ومحافظاته انتشار المعاقين بمعدلات مرتفعة لعدة أسباب بدأت من الحروب والعمليات الإرهابية والاقتتال الطائفي ومعارك التحرير ضد تنظيم "داعش"، فضلًا عن احتجاجات تشرين التي خلّفت نحو 21 ألف جريح، وفقًا لمنظمات دولية ومحلية.
15% من سكان العراق هم من ذوي الإعاقة، أي ما يقارب 6 ملايين شخص
وصادق مجلس النواب العراقي على اتفاقية حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة في العام 2013، حيث تطالب المادة 12 من الاتفاقية بأن "تقر الدول (الأطراف) بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع آخرين في جميع مناحي الحياة"، كما تدعو المادة 29 من الاتفاقية الدول إلى احترام "الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة"، إلا أنّ القانون العراقي لا يفي بهذه الالتزامات، ولا يعترف القانون المدني لعام 1951 بالحق في الأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة.
أرقام صادمة
تكشف الإحصائيات التي حصل "ألترا عراق" عليها أن هناك أكثر من 5 ملايين معاق في العراق، وإعاقتهم مختلفة بينها حركية وسمعية وبصرية وغيرها، بحسب رئيس تجمع المعوقين في العراق، موفق الخفاجي.
وبالرغم من الحصيلة المرتفعة، لكنّ "الحكومة لم تقدم أي خدمات على مدار السنوات الماضية سوى نحو 15% من استحقاق المعاقين"، كما يوضح الخفاجي الذي يشير إلى أنّ "الخدمات المقدمة لا تراعي خصوصية المعاقين ولا تقدم لهم فرص الاندماج الاجتماعي وفرص العمل والورشات الصحية التأهيلية وغيرها من المواضيع المهمة".
كما أنّ هناك مشكلة تواجه الأشخاص من ذوي الإعاقة، وهي أنّ البنى التحتية في العراق ـ والكلام للخفاجي ـ غير مؤهلة ولا توفر الطرق الخاصة لسير ذوي الإعاقة مما "يصعب تنلقهم في الشارع والأماكن الترفيهية والصحية وغيرها".
ويختم الخفاجي وهو من ذوي الإعاقة حديثه بالقول إنّ "هناك تهميشًا واضحًا لهذه الشريحة، وعدم السماح لها بأخذ استحقاقهم وفرصتهم في مزاولة حياتهم بصورة طبيعية".
وفي 15 آذار/مارس 2022، أصدرت لجنة الهلال الأحمر في العراق، بيانًا تطرق خلاله إلى أعداد المعاقين، مضيفةً أن "التقديرات تشير إلى وجود 600 ألف عراقي بحاجة إلى إعادة التأهيل البدني، بينهم 200 ألف شخص يحتاجون إلى طرف صناعي أو مسند تقويمي".
وبحسب البيان، فإنّ وزارة الصحة العراقية تقدر أن 15% من سكان العراق هم من ذوي الإعاقة (أي ما يقارب 6 ملايين شخص).
لا بيانات حكومية حديثة
آخر مسح ميداني أجرته وزارة التخطيط للمسجلين عبر البطاقة التموينية في 2017، وهو ما يكشف أنّ العراق لا يملك بيانات حديثة لإعداد المعاقين في العراق، وفقًا للمتحدث باسم وزارة التخطيط عبدالزهرة الهنداوي.
ويضيف الهنداوي، في حديث لـ"ألترا عراق"، أنّ "المسح السابق أظهر وجود مليون و350 ألف معاق في عموم العراق"، مبينًا أنّ "التعداد السكاني الذي تأجل في عام 2020 بسبب فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية هو كان بوابة لمعرفة الأعداد بصورة دقيقة".
المنظَّمة الدولية للهجرة أصدرت تقريرًا في العام الماضي، أفاد بأنّ هناك نقصاً في المعلومات بشأن دمج المعاقين في المجتمع في العراق، الذي يضم "أكبر عدد من أصحاب الاحتياجات الخاصة في العالم".
ويضيف التقرير أنّ "أغلبية المعاقين ليس لديهم دَخل يذكر، أو ليس لديهم أي دخل إطلاقًا، ويكافحون للحصول على رعاية اجتماعية وأجهزة مساعدة، وفرصها في الحصول على التعليم تمثّل مشكلة أيضًا".
المعين المتفرغ
على سبيل المثال، لا تمتلك وزارة العمل في العراق أي معلومات جديدة عن أعداد المعاقين في العراق "سوى المسجلين على منحة المعين المتفرغ والبالغ عددهم 100 ألف شخص"، وفقًا للمتحدث باسم وزارة العمل، نجم العقابي.
ولا يتجاوز راتب المعين المتفرغ أكثر من 170 ألف دينار عراقي (ما يعادل نحو 120 دولارًا)، فيما يكشف المتحدث باسم وزارة العدل عن رفع مقترح تعديل قانون بشأن رواتبهم، يتمثل "بأن يكون راتب المعين المتفرغ 250 ألف دينار".
وبحسب وزارة العمل، فإنّ "المشمولين براتب المعين المتفرغ تتمثل بالذين يعانون من ضرر الحبل الشوكي وسلس السبيلين (فقدان السيطرة على المعمرتين) وإصابات الرأس كالشلل الشوكي والشلل الثلاثي أو الرباعي وإصابات الأعصاب المتمثلة بشلل الطرفين، فضلًا عن الإصابات التي تجعل المعوق بحكم المشلول كفاقد العينين أو من هو بحكم ذلك".
ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2019، فإن مليار شخص حول العالم هم من ذوي الإعاقة، بينهم أكثر من 100 مليون طفل، يعيش 80% منهم في البلدان النامية.
وبحسب التقرير، فإنّ نحو 40 مليون شخص مصاب بشكل ما من أشكال الإعاقة، في الدول العربية أكثر من نصفهم أطفال ومراهقين، وتصل نسبة الإصابة في بعض البلدان إلى معدلات قياسية أعلى من المعدلات العالمية بكثير.
لا تمتلك الجهات الرسمية في العراق أي أرقام دقيقة بشأن أعداد المعاقين في العراق
وقارن موقع "ألترا عراق"، بين الإحصائية الأممية التي مضى عليها أكثر من 3 سنوات، التي أشارت إلى وجود 40 مليون معاق في البلدان العربية، والإحصائيات المتوفرة في العراق، والتي تشير هي أيضًا إلى وجود أكثر من 5 ملايين معاق، مما يعني أنّ النسب الأكبر من المعاقين يتواجدون في العراق.