ألترا صوت ـ فريق التحرير
لا تزال الخلافات مستمرة بين الكتل السياسية العراقية حول إكمال الكابينة الوزارية والتصويت عليها في حكومة عادل عبد المهدي، خاصة وزارتي الداخلية والدفاع، حيث يريد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر شخصيات مستقلة "تكنوقراط"، بينما يصر تحالف البناء الذي يضم ائتلاف الفتح، الجناح السياسي لفصائل الحشد الشعبي، على فالح الفياض، الوزير المقرب من إيران والمدعوم منها، ورئيس هيئة الحشد الشعبي.
تطفو على السطح العراقي ظاهرة الاغتيال السياسي عند كل أزمة، لا سيما الأزمات التي تخص توزيع المناصب الحساسة والمهمة
اغتيالات من جديد!
تطفو على السطح العراقي ظاهرة الاغتيال السياسي عند كل أزمة، لا سيما الأزمات التي تخص توزيع المناصب الحساسة والمهمة، والتي ترتبط مع الوضع الإقليمي ومتغيراته في الداخل، وهذا ما بدا واضحًا بعد فشل الجلسة البرلمانية التي عقدت في 4 كانون الأول/ ديسمبر، والتي فشلت الكتل فيها بالتصويت على الوزراء الذين قدمهم رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، بعد إصرار سائرون على عدم ترشيح بعض "المدعومين من الخارج، خصوصًا وزير الداخلية"، بحسب تصريحات أعضاء التحالف بشكل يومي.
في 6 كانون الأول/ ديسمبر، أعلنت القوات الأمنية، قتل قيادي في التيار الصدري، الداعم لتحالف سائرون، في منطقة الشعلة، شمالي العاصمة بغداد، وقالت مصادر أمنية لوسائل إعلام محلية، إن "مسلحين مجهولين، أقدموا على اغتيال قيادي في سرايا السلام، التابعة للتيار الصدري، كان يستقل عجلة نوع (بيك آب) باستخدام الأسلحة الكاتمة".
عزا رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق، والقيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، اغتيال القيادي في التيار الصدري إلى عدم اكتمال التشكيلة الحكومية، قائلًا في تصريحات صحفية، إن "عدم اكتمال الكابينة الوزارية هي سبب من الأسباب التي تؤدي إلى الاغتيالات وانتشار الجريمة المنظمة".
اقرأ/ي أيضًا: ماذا سيقدم عادل عبد المهدي لـ"نكبة" البصرة؟
ولفت الزاملي إلى أنه "حتى الآن غير معروف الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال، ونحن نؤكد على أهمية الكشف عن الجهة الذي قامت بهذا العمل"، مشيرًا إلى أنه "لا زالت الكتل والأحزاب السياسية تصر على المكاسب والمناصب ولا تلتفت لمصالح المواطن في العراق لذلك تم تأخير تشكيل الحكومة"، مبينًا أنه "لتشكيل الحكومة توجد إرادة خارجية وإرادة داخلية متمثلة بتحالف البناء الذي حاول أن يفرض أسماء على السيد عادل عبد المهدي، ونحن منذ تشكيل الحكومة كتلة سائرون لم تعط أي مرشح، لذلك يجب أن يكون البناء كما كان الإصلاح، أن لا يفرض أي اسم ولا يتدخل في تشكيل الحكومة المقبلة بشكل مباشر".
وكانت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية نشرت تقريرًا في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، يتحدث عن استخدام إيران فرق اغتيالات لإسكات خصومها داخل العراق في إطار تشكيل الحكومة، حيث يشير التقرير الذي كتبه محرر الشؤون الدفاعية في الصحيفة، كون كوغلن، إلى أن "هذه الفرق نُشرت بأوامر من قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في محاولة لإرهاب خصوم إيران في العراق"، مضيفًا أن "عملية نشر هذه الفرق تمت بعد انتخابات أيار/ مايو الماضي، بعد أن تعرضت محاولات إيران للسيطرة على الحكومة لعقبة عدم فوز مرشحيها بأصوات كافية"، في إشارة إلى حصول سائرون على المركز الأول في انتخابات 2018 بـ54 مقعدًا.
ولفت التقرير إلى أن "إيران دعمت خلال الانتخابات السابقة، رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، والذي كان ارتباطه الوثيق بإيران عاملًا رئيسيًا بإخراجه من منصبه"، مراهنة على "دعم المرشح هادي العامري"، موضحة أن "كلا المالكي والعامري لم يستطيعا جمع ما يكفي من الأصوات لتشكيل الحكومة".
ويقول التقرير نقلًا عن مسؤولين أمنيين بريطانيين يقدمون الدعم والتدريب العسكري للقوات المسلحة العراقية، إن "إيران ردت بإرسال عدد من فرق الاغتيالات من قوة فيلق القدس لإسكات الأصوات العراقية المنتقدة لإيران"، لافتًا إلى أن "أحد أبرز الضحايا لهذه الفرق حتى الآن كان عادل شاكر التميمي، الحليف المقرب لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، السياسي الذي كان يعمل على التقارب بين السنة والشيعة وتحسين العلاقات مع دول الجوار، لكن "فرقة القدس اغتالته في أيلول/ سبتمبر".
لكن التقرير، نقل حادثة ستبدو امتدادًا لحادثة اغتيال القيادي في التيار الصدري مؤخرًا، حيث لفت إلى أن "فرق الاغتيالات الإيرانية استهدفت خصومًا من مختلف تشكيلات الطيف السياسي في العراق، مشيرًا إلى أن "ضحية أخرى لهذه الفرق، وهو شوقي الحداد، مقرب من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي كان يتلقى دعم طهران لكنه في الفترة الأخيرة اتخذ نهجًا أكثر وطنية"، مبينًا أن "الحداد قتل في تموز/يوليو في أعقاب اتهامه إيران بالتدخل لتزوير الانتخابات العراقية".
ردت إيران على خسارة حلفائها في الانتخابات بإرسال عدد من فرق الاغتيالات من قوة فيلق القدس لإسكات الأصوات العراقية المنتقدة لها
وأضاف التقرير، أن "هناك محاولة اغتيال فاشلة في آب/ أغسطس لراضي الطائي، الذي يصفه بأنه مستشار لآية الله علي السيستاني، المرجع الشيعي البارز في العراق، إثر دعوة الراضي للحد من النفوذ الإيراني في الحكومة الجديدة".
وعقب فشل الجلسة البرلمانية في التصويت على الوزراء في 4 كانون الأول/ ديسبمر أظهرت صور بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وجود قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في جامع أم الطبول وسط العاصمة بغداد، وذلك في ضيافة مفتي العراق مهدي الصميدعي، كذلك أظهرت الصور وجود نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، برفقة سليماني.
وقال مصدر من تحالف سائرون، لـ"ألترا صوت"، إن "وجود قاسم سليماني هو للضغط على الكتل السياسية لتمرير فالح الفياض وزيرًا للداخلية"، لافتًا إلى أن "الجلسة التي ستعقد في 9 كانون الأول/ ديسمبر ستكون حاسمة"، مشيرًا إلى أنها "قد تكون بداية لصراع كبير مع المقربين من إيران في العراق"، وأن "نجاحهم في استيزار الفياض أو عدم نجاحهم سيشعل الفتيل الذي ينتظر عود الثقاب"، بحسب وصفه، مضيفًا أن "حادثة الاغتيال الأخيرة هي جزء من هذه الرسائل السياسية لكسر الإرادات في اختيار مرشحين بشكل حر".
اقرأ/ي أيضًا: بعثي ثم شيوعي إلى إسلامي.. تعرف على رئيس وزراء العراق الجديد
الرجل الذي لا بديل له؟!
لا يبدو أن هناك بديلًا عن فالح الفياض، حتى الآن، إذ إن الأحزاب السياسية، المقربة من إيران، تتمسك به وتصر عليه، قبالة الصدر المصر أيضًا على عدم توزير أي وزير حزبي للداخلية والدفاع، وكما يظهر أن الصراع تحول إلى أشده بعد أن فشلت كل المحاولات في إقناع الصدر الذي انسحب بتحالفه من الترشيح لأي وزارة، لكن الكتل الأخرى لا تريد أن تترك الوزارات، خاصة السيادية منها. وهذا ما أشار إليه وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق، والقيادي في ائتلاف دولة القانون، أي أن موعد جلسة يوم الأحد 9 كانون الأول/ ديسمبر، سيكون مع (الفرض أو الرفض)، في إشارة إلى الجلسة التي من المقرر أن يحسم فيها التصويت على الحقائب الوزارية الشاغرة في حكومة عادل عبد المهدي، وقال السوداني في تغريدة، إن "غدًا موعدنا مع (الفرض أو الرفض) أم مع صوت العقل والحكمة والخروج من دائرة صراع الإرادات الى فضاء العراق ومصلحة شعبه".
النائب عن ائتلاف الفتح، حسين الياسري، أكد على رفض ائتلافه لكسر تمرير الفياض وزيرًا للداخلية، لافتًا إلى أن الكتل السياسية توصلت إلى "توافق لتمرير أسماء المرشحين للحقائب الثمان المتبقية من الكابينة، بجلسة يوم الأحد 9 كانون الأول/ ديسمبر المرتقبة"، مشيرًا إلى وصول التحالف إلى 200 نائب بضم كتلة كردية جديدة، مما يكفي لتمرير المرشحين للحقائب المتبقية". وهذا ما يوضح أن فالح الفياض قد يمرّر وزيرًا للداخلية بعد صراع طويل بين الكتل السياسية، ويكشف عن انتصار الإرادة الإيرانية فيما لو صح كلام النائب أعلاه.
لكن تحالف سائرون، يرد على الفتح بأن موقفه ثابت من ترشيح فالح الفياض لحقيبة الداخلية، إذ يقول النائب عن التحالف، أيمن الشمري، في تصريح صحفي، إن "موقفنا ثابت ولن يصوت تحالف الإصلاح على حقيبة الداخلية ما لم يتم تغيير الفياض"، لافتًا إلى أنه "سنكسر النصاب القانوني للجلسة في حال تم الاصرار على تقديم الفياض دون غيره".
وصلت الصراعات والخلافات إلى التهديد بـ"الفوضى"، حيث قال نوري المالكي، إن "ائتلافه لن يسمح لتحالف البناء ولا حتى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، باستبدال فالح الفياض"
المالكي يتحدى الصدر ويهدد!
وصلت الصراعات والخلافات إلى التهديد بـ"الفوضى"، حيث قال رئيس الوزراء الأسبق، وزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، إن "ائتلافه لن يسمح لتحالف البناء ولا حتى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، باستبدال المرشح لوزارة الداخلية فالح الفياض"، معتبرًا أن "تغيير الفياض يدل على فرض إرادات من قبل تحالف سائرون على البرلمان والحكومة وبطرق غير دستورية وهو ما يشكل خطرًا على العملية السياسية".
تحالف سائرون، رد على تصريحات المالكي التي عبر فيها عن تمسكه بفالح الفياض وزيرًا للداخلية، بأن التدخلات الخارجية وراء ذلك، وقال النائب عن التحالف مظفر إسماعيل، إن "حديث رئيس ائتلاف دولة القانون غير مقبول"، لافتًا إلى أن "التدخلات الخارجية أصبحت تؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي".
اغتيالات وتهديدات وخطر على العملية السياسية وفرض إرادات كلها ستتضح في جلسة البرلمان المرتقبة، والتي يرى مراقبون أنها الجلسة الأخطر في سياق تشكيل الحكومة بعد انتخابات أيار/مايو 2018، إذ إن فرض الإرادة سيتبعه سلاح، خاصة وأن كل الجهات السياسية المختلفة لديها فصائل مسلحة، وسلاحها يوازي سلاح الدولة.
اقرأ/ي أيضًا: