ألترا عراق ـ فريق التحرير
رغم رفع خيم المعتصمين، منذ أشهر، من معاقل الاحتجاج الرئيسية في بغداد والناصرية ومحافظات أخرى، إلا أن محافظة واسط ما زالت تمثل آخر معاقل الاحتجاجات، إذ يقطع المتظاهرون الشارع الرئيسي المؤدي لمبنى مجالس المحافظة وديوانها، فيما يمارس المحافظ مهام عمله فمن المقر البديل في أحد أقضية المحافظة.
يعتقد متظاهرون من واسط أن محافظها أصدر الأوامر بفتح النار ضدهم، بوصفه رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة
وتعيش المحافظة أيام الاحتجاج في أيامه الأولى، إذا يقطع المتظاهرون الطرق ويغلقون المؤسسات الحكومية، من خلال موجات تصعيد أسبوعية، لكن بمطالب محلية تتمثل بإقالة المحافظ محمد جميل المياحي ونائبيه، ويعزو الناشط سجاد سالم الإصرار على إقالة المياحي ونائبيه إلى مسؤوليته الكاملة عن مقتل 5 متظاهرين العام الماضي، إذ يعتقد متظاهرون أنه أصدر الأوامر بفتح النار ضدهم، بوصفه رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، فضلًا عن وجود تسجيلات صوتية متداولة.
اقرأ/ي أيضًا: بين فقدان المكاسب و"الانتصار المؤجل".. ماذا حصد متظاهرو العراق؟
وفي سياق التصعيد المتبع من قبل المحتجين، قاموا قبل أيام بقطع الطريق الرئيس الذي يمر بمدينة الكوت مركز المحافظة ويربط بين العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية البعيدة، ويقول الناشط سجاد سالم لـ"ألترا عراق"، إن "التظاهرات انطلقت بعد انتهاء مهملة إقالة المحافظ، إذ قام خلالها المتظاهرون بقطع شارع النسيج الرئيسي، وهناك إجماع على التصعيد وإغلاق الدوائر الرسمية في حال عدم الاستجابة لمطالبنا".
وتابع سالم أن "رئاسة الوزراء لديها علم كامل بالأزمة في المحافظة، ومطالب المتظاهرين، مستدركًا "لكن إصرارًا غريبًا على عدم إقالة المياحي، بالرغم من عدم طرح المتظاهرين البديل أو المعايير التي من الممكن أن تكون حجر عثرة في طريق المحافظ الجديد".
وقبيل انتهاء مهلة العشرة أيام التي منحوها المتظاهرين للحكومة لإقالة المحافظ، و تلويحهم بتوسيع رقعة الاحتجاج لتشمل الاقضية النواحي، وإغلاق الدوائر في مركز المحافظة".
ووصل إلى المحافظة وزير الداخلية عثمان الغانمي، للتباحث مع المتظاهرين ووجهاء المحافظة، وحول زيارة الغانمي قال الشيخ أحمد صلال العاتي، إن "الغانمي وصل كموفود من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، على إثر المهلة المعلنة للاستماع للمتظاهرين وسادات ووجهاء المحافظة، وشهد اللقاء طرح المطلب الوحيد ذاته المعلن منذ أشهر، وهو إقالة الحكومة المحلية".
وأضاف العاتي لـ"ألترا عراق"، أن "حديث الشيوج والوجهاء تركز على أهمية حل الأزمة من خلال تنفيذ مطلب المتظاهرين الوحيد، المتمثل بإقالة الحكومة بوصفها شريكة في إراقة الدماء"، مبينًا أن "موقف الوجهاء هو الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وبالرغم من بذل الجهود لإقناع المتظاهرين بالعدول عن مطلبهم، لكنهم مصرين عليه، ولا يمكننا الوقوف بوجههم لمشروعية مطالبهم".
يحمل محتجون رئيس الوزراء نتائج الإصرار على محافظ واسط محمد جميل المياحي
وحول نتائج اللقاء قال العاتي، إنه "لم يثمر عن شيء كون الغانمي جاء للاستماع ونقل الرسالة إلى رئيس الوزراء، كون المحافظ مرتبط به ومجلس النواب، وتم التأكيد على أن المطلب هو ذاته ولا يمكن التراجع عنه".
اقرأ/ي أيضًا: المفاهيم العميقة ونظامنا البدائي.. تعقيد بلا معنى
من جهته، قال الناشط فالح الموسوي الذي حضر الاجتماع لـ"ألترا عراق"، إن "حديثنا كان واضحًا مع الغانمي، حول تحمل رئيس الوزراء نتائج الإصرار على المياحي، وعدم الاستماع للمطالب، وبالرغم من علمه المسبق بالمطلب الوحيد إلا أنه ما زال يرسل الوساطات للاستماع".
إصرار سياسي ـ انتخابي
وبالرغم من محاولات الحكومة الوصول إلى الهدوء والاستقرار في عموم المحافظات المحتجة، وتحقيقها ذلك في معظم المدن، وكان آخرها في الناصرية الأكثر رمزية والأشد تصعيدًا، إلا أن ثمة استغراب من الإصرار على استمرار محافظ واسط محمد جميل المياحي بمهامه.
ويرجح مصدر مطلع على الكواليس في المحافظة، أن يكون الهدف الأول هو انتخابي، لما يمثله المنصب من أهمية في تسخير موارد الدولة للأغراض الانتخابية كما هو معروف، خاصة أن المياحي يعمل على دعم شخصيات محددة في الدوائر الانتخابية الثلاثة في المحافظة، من خلال منحهم تسهيلات في متابعة الخدمات واستقبال طلبات المواطنين، ويطمح بالحصول على مقعدين في انتخابات مجلس النواب.
ويعضد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بوظيفته، في حديث لـ"ألترا عراق"، رأيه بإعلان المياحي استقالته من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، واستمراره بالمنصب بالرغم من كون المنصب من حصة الحكمة.
ويفترض المصدر مسارين للتفاهمات التي تحمي المياحي، الأول وجود اتفاق بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وتيار الحكمة على تبادل الأدوار في المحافظة من خلال دعم الكاظمي للمياحي لقيادة مجموعة مرشحين في الانتخابات المقبلة بوصفه مستقلًا.
وحول المسار الثاني الذي يصفه المصدر بـ"الأقل احتمالية" قال إن "يكون المياحي فعلًا استقال من الحكمة، ووصل إلى تفاهمات مع الكاظمي أفضت إلى ائتلاف مرشحيه الفائزين مع الحزب الذي يدعمه الكاظمي"، فيما علل المصدر ترجيحه للمسار الأول لـ"صمت الحكمة وعدم ضغطها على الكاظمي لإقالة المياحي وتسمية بديل، خاصة وأن المتظاهرين لم يحددوا شروطًا تمنعهم من ذلك".
اقرأ/ي أيضًا:
أكثر من عام على قرار تعديل الدستور العراقي.. ما الذي أنجز منه؟
بعد عام من غياب "غير مؤثر".. ما الضرورة لعودة مجالس المحافظات؟