الترا عراق - فريق التحرير
بعد أيام قليلة من أمر القائد العام للقوات المسلحة الديواني لتنظيم عمل الفصائل المسلحة، وعلى الرغم من كونه لم يقدم جديدًا عما ورد في قانونه وأمر رئيس الحكومة السابقة حيدر العبادي، بدأت ردود الفعل الغاضبة تظهر في تصعيد غير مسبوق، حين بثت وسائل إعلام تابعة لكتائب حزب الله العراقية، تسجيلًا صوتيًا نسبته إلى قائد عمليات الأنبار اللواء الركن محمود الفلاحي "يوثق" تقديمه إحداثيات عسكرية إلى جهاز الاستخبارات الأمريكي لـ "استهداف" قطعات تابعة للحشد الشعبي.
بثت وسائل إعلام مقربة من كتائب حزب الله تسجيلًا مزعومًا "يثبت تورط" قائد كبير في الجيش بتقديم إحداثيات لمواقع الحشد الشعبي تمهيدًا لقصفها من قبل طائرات أمريكية وإسرائيلية
وتضمن التسجيل مكالمتين هاتفيتين قالت وسائل الإعلام تلك إنهما تجمعان الفلاحي بعميل عراقي يعمل لصالح "السي آي إيه"، يطلب فيها الثاني من الأول إحداثيات دقيقة ومعلومات مفصلة عن أماكن تواجد قوات الحشد، مركزًا على "كتائب حزب الله"، ويؤكد "أهميتها، واعتماد الأمريكيين، وطيران النجمة الإسرائيلي عليها، في توجيه ضربات جوية لتلك المواقع".
اقرأ/ي أيضًا: عبد المهدي يعلن "الحرب" والصدر يلغي "السلام".. هل تُذعن ميليشيات إيران؟
كما نشرت "قناة الاتجاه" ومواقع إخبارية مدعومة من "إتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية المدعوم إيرانيًا، رسائل إلكترونية مزعومة بين الطرفين تشير إلى تقديم الفلاحي إحداثيات عن مواقع تلك القطعات في مناطق غربي الأنبار قرب الحدود السورية، وهي مناطق شهدت فعلًا ضربات جوية استهدفت فصائل عراقية مسلحة، فضلًا عن "دراسة معززة بالصور" عن أماكن تواجد الحشد الشعبي في قضاء القائم، و"موقع ينام فيه قيادي في الحشد".
خلال التسجيل، الذي لم يتم التأكد من صحته بعد، يطلب "عميل السي آي إيه" من اللواء الركن محمود الفلاحي اختيار مكان "يناسبه" للقاء ضباط أمريكيين، مقترحًا عليه قاعدة الحبانية في الأنبار أو مدينة أربيل في إقليم كردستان، كما يشيران إلى وجود شخص يدعى "مؤيد" كوسيط "ينقل" ملفات مقاولين من الفلاحي إلى السفارة الأمريكية في بغداد تمهيدًا لإحالة مشاريع بملايين الدولارات لهم.
ولم تحدد وسائل الإعلام التي بثت التسجيل وقت إجراء المكالمات أو كيفية الحصول عليها، لكنها قالت إن ضربات جوية أمريكية وإسرائيلية قد إستهدفت القوات الأمنية الرسمية وكذلك الحشد الشعبي في القائم "استنادًا للمعلومات التي قدمها قائد عمليات الأنبار للسي آي إيه"، كما أشارت إلى أن اللواء الركن محمود الفلاحي "قدم" الدراسة المعززة بالصور عن أماكن انتشار الحشد في مساء 17 حزيران/ يونيو الماضي.
الشريط المسجل انتشر كالنار في الهشيم عبر الحسابات والصفحات الناشطة المقربة أو التابعة لفصائل وقيادات الحشد الشعبي، والتي تقع ضمن مشروع تديره تلك القيادات يتمثل بتأسيس مئات الصفحات والمواقع الإخبارية تضم مئات العاملين يتسلمون رواتبهم من موازنة الحشد الشعبي التي تخصصها الحكومة إلا أنهم ينفذون أجندات قيادات محددة على صلة وثيقة بإيران، مع تحريض على القائد العسكري ومطالبات بإعدانه جزاء "خيانته".
سارعت صفحات ناشطة وحسابات مقربة من هيئة الحشد الشعبي إلى استثمار التسجيل لـ "تخوين" الجيش ما يعد "أول رد" على أمر عبد المهدي الديواني
كما بدأت حملة لـ "تخوين أفراد القوات المسلحة" مقابل "نقاء عقيدة أفراد الحشد الشعبي"، وهو ما رأه مراقبون أول حلقات الرد على الأمر الديواني لعبد المهدي والذي يمهد إلى "حد ما" لضم الحشد الشعبي فعليًا إلى القوات المسلحة.
مدونون تابعون لهيئة الحشد الشعبي من جانبهم ربطوا صراحةً بين ما تضمنه التسجيل من "خيانة عظمى" يقوم بها ضابط في الجيش العراقي، وبين قرارات رئيس الحكومة عادل عبد المهدي الذي تضمنها الأمر الديواني رقم 237 القاضية بدمج فصائل الحشد الشعبي مع القوات الأمنية الرسمية وقطع ارتباطاتها "السياسية"، وتخييره هذه الفصائل بين العمل تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة أو العمل تحت قانون الأحزاب السياسية، مشيرين إلى تأثير ذلك على "عقائدية" الحشد الشعبي.
ومنذ تأسيس الحشد في حزيران/ يونيو 2014، درج هؤلاء في التأكيد على أفضليته على القوات الأمنية الرسمية التي يشككون دائمًا في "عقيدتها"، واتهموا ضباط في الجيش، بينهم قائد عمليات بغداد السابق الفريق الركن عبد الأمير الشمري بـ"العمالة" للجيش الأمريكي.
اقرأ/ي أيضًا: مأزق عبد المهدي و"الميليشيات".. قرارات على الورق ورد بالصواريخ!
في المقابل، سخر كثيرون، وبينهم جنود في الجيش العراقي كما يظهر من صورهم في صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل، من التسجيل الصوتي والرسائل الإلكترونية المنسوبة لقائد عمليات الأنبار اللواء الركن محمود الفلاحي، متساءلين عن مدى "حاجة" جهاز مثل السي آي إيه بما يملكه من أجهزة رصد متطورة إلى إحداثيات عن مواقع من قد يعتبرهم أعداء له كالحشد الشعبي، وعمّا إذا كان ضابطًا رفيعا يشغل منصبًا مهمًا كالفلاحي بهذه "السذاجة" ليستخدم الهاتف في نقل هكذا معلومات على افتراض صحة التسجيل.
بدوره، أمر وزير الدفاع نجاح الشمري، أمس الجمعة 5 تموز/يوليو، بتشكيل لجنة تحقيقية حول التسجيل الصوتي لـ "معرفة الحقائق"، مؤكدًا في بيان أورده مكتبه الإعلامي على "تدقيق المعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام".
عد مراقبون التصعيد الأول من نوعه بين "الميليشيات" والقوات المسلحة وسط مطالبات بتحقيق سريع لإثبات حقيقة الاتهامات
ولم يصدر حتى الآن موقف رسمي لأي فصيل في الحشد الشعبي إزاء الأمر، وسط دعوات من حسابات مقربة إلى إجراء من قبل القائد العام للقوات المسلحة بحق اللواء الركن محمود الفلاحي. بالمقابل طالب ناشطون بتحقيق سريع ودقيق لحساسية الاتهام وتوقيته سواء ثبت أو لا، لاتخاذ إجراء بحق الجهات التي صدر عنها الاتهام إن كان كاذبًا" ومعاقبة الضابط في حال كان متورطًا حقًا بـ "الخيانة"، في حين عد مراقبون بث التسجيل "تصعيد أول من نوعه بشكل علني ضد الجيش"، مرجحين "تطورات أكثر على مستوى المواجهة".
اقرأ/ي أيضًا: