الترا عراق - فريق التحرير
تترقب البلاد بقلق بالغ يوم الجمعة المقبل 25 تشرين الأول/أكتوبر، حيث من المتوقع خروج حشود مليونية تنادي بإسقاط الحكومة وربما النظام برمته. ظهر القلق مبكرًا في أجواء العاصمة بغداد، في وقت كشفت غالبية القوى السياسية وبعض الأطراف الدينية عن أوراقها، مقابل محاولات مستمرة من الحكومة لامتصاص الغضب في سباق مع الزمن.
بغداد تختنق!
استيقظت العاصمة بغداد، صباح الأربعاء 23 تشرين الأول/أكتوبر، على زخم مروري هائل أدى إلى اختناقات مرورية وتوقف شبه تام لحركة السير في الشوارع والأحياء الرئيسية ومداخل المدينة، وهو ما عزته مديرية المرور في وزارة الداخلية إلى استئناف الدوام الرسمي بعد الزيارة الدينية وبدء العام الدراسي بشكل فعلي.
استيقظت بغداد على اختناقات مرورية شلت أغلب الشوارع والجسور والمناطق الرئيسية من العاصمة
لكنها أشارت أيضًا، إلى حركة دؤوبة من قبل المواطنين نحو الأسواق للتبضع وخزن المواد الغذائية، ونحو المؤسسات والدوائر الحكومية لإنجاز المعاملات، تخوفًا مما قد يحدث بعد الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وسط السخط الشعبي الكبير الذي أججه مؤخرًا التقرير الحكومي الذي أعلن نتائج التحقيق في قتل المتظاهرين في الأسبوع الأول من تشرين.
بيانات متسارعة..
على المستوى السياسي، أعلنت غالبية الأطراف مساندتها للتظاهرات المزمع خروجها في العاصمة ومدن ومحافظات أخرى من البلاد، ووصفت مطالبها بـ "المحقة"، باستثناء الأطراف البارزة في الحشد الشعبي وعلى رأسهم هادي العامري وقيس الخزعلي، حيث جدد الأخير مشواره في "شيطنة" الاحتجاجات الذي بدأه منذ آب/أغسطس، بتصريح جديد، قال فيه إن "السفارة الأمريكية في بغداد قامت باستقطاب مجموعات تحرض الشباب على إثارة الفوضى"، ما أثار مخاوف من حمام دم جديد قد يرتكب ضد المحتجين.
اقرأ/ي أيضًا: المحافظات "تتأهب" ليوم 25.. والعوائل المفجوعة ترفض "دية" الحكومة: سنتظاهر!
بالمقابل تصدر ائتلاف النصر بزعاعمة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، قائمة الأطراف المؤيدة للتظاهرات، والتي ضمت شخصيات بارزة منها خالد العبيدي وإياد علاوي، فيما ارتفعت أصوات داخل مجلس النواب تطالب بحل البرلمان وإقالة الحكومة استجابة لمطالب المتظاهرين.
التيار الصدري يتأهب..
ومنذ إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عزمه دخول ميدان التحرير مجددًا، بعد صمته خلال الأسبوع من تشرين، والذي عدته أطرافًا "تخليًا عن قاعدته الجماهيرية أو عقوبة لها"، بدأت دعوات من أطراف سياسية وناشطين تحذر من "ركوب موجة" التظاهرات من قبل أطراف اشتركت في العملية السياسية والحكومات التي أنتجتها وعلى رأسهم الصدر.
أعلنت غالبية الأطراف السياسية دعمها للاحتجاجات باستثناء الأطراف "الموالية" لإيران وعلى رأسهم العامري والخزعلي
امتد الجدل إلى صفحات التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من مصير مشابه للاحتجاجات السابقة التي "ابتلعها" التيار الصدري ذهبت أدراج الرياح بعد اتفاقات عقدها مقتدى الصدر مع أطراف السلطة، كما يتهم من قبل ناشطين، فيما دعا آخرون أنصار التيار الصدري إلى عدم النزول باسم التيار والاندماج مع المحتجين كما حدث في تظاهرات الأسبوع الأول، رافضين قيادة الصدر للاحتجاجات مجددًا.
لكن الصدر يبدو مصرًا على المشاركة بثقله كله، بعد توجيهات أصدرها إلى جميع مفاصل تياره بما فيها جناحه المسلح "سرايا السلام"، تقضي بالاستعداد والتأهب لأي "طارئ"، قبل أن يعقد مجلس الشورى الخاص به اجتماعًا، الأربعاء، أعلن الاستعداد التام لتظاهرات الجمعة.
فتوى "الثورة"..
بدوره، دخل المرجع الديني الصاعد الذي تتسع قاعدته الجماهيرية، كمال الحيدري، على خط الأزمة، بفتوى مؤيدة للاحتجاجات تطالب بإسقاط الحكومة وطرد الجهات المسلحة من مفاصل الدولة.
قال الحيدري في بيان تلاه بنفسه، إن "عراقنا الحبيب يمر في هذه الأيام بمرحلة حساسة من عمره السياسي بعد عقود من الاستبداد، بعد أن كان شعبنا يتطلع إلى نظام سياسي يتمتع بالعدالة الاجتماعية والحرية وتوزيع الثروات العادل، بعيدًا عن القومية والطائفية والمناطقية، الا أنه وقع في محنة أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها حيث استحكمت طبقة فاسدة على مقدرات الأوضاع السياسية، وأولدت لدى الأمة حالة من الإحباط ويأسًا من العيش بكرامة".
أضاف الحيدري، : "لقد نبهت مرارًا من خطورة تداعيات سريان حالة الفساد التي تعيشها الطبقة الحاكمة بكل اتجاهاتها وتلوناتها وتياراتها وأحزابها، والتي أصبحت حالة مقننة دون أي رادع وطني أو ديني أوقانوني”، مؤكدًا أن "التظاهرات التي خرجت، والتي ستخرج ما هي إلا انعكاس طبيعي ضد حالات هيمنة الفساد على مقدرات الأوضاع في العراق".
أعلن التيار الصدري تأهبه للمشاركة في الاحتجاجات التي وصفها مقتدى الصدر بـ "الثورة"، فيما دعا المرجع الحيدري إلى إسقاط الحكومة
وأعلن الحيدري، "وقوفه الكامل مع مطالب المحتجين في القضاء على طبقة الفساد، وعلى هذه الحكومات التي ملأت الأرض فسادًا"، مطالبًا الشعب "الشعب بعدم السماح لأي جهة فاسدة شاركت بعمليات الفساد من أحزاب وتيارات وبمختلف مرجعياتها بركوب وتضييع المطالب الحقة للمتظاهرين".
كما قلل الحيدري من التحذيرات التي تطلقها أطراف عدة من "حدوث فوضى سياسية وأمنية" في حال انهيار النظام السياسي القائم، وقال إن "البلد لم يعد بمقدوره الاحتمال أكثر، وأن الفوضى السياسية والمالية التي يتم الحديث عنها اذا تصدعت الحكومة، هي حاصلة بالفعل بهذا الوضع الحالي ولا يمكن الخوف من وضع أسوأ مما نعيشه الآن"، مبينًا أن "الطبقة الحاكمة الفاسدة مدانة بكل مكوناتها وعلى اختلاف مرجعياتها لاشتراكها بالفساد الممنهج، وأن هناك محاولات منها لركوب الموجة والتهرب من مسؤوليتها وسعيها لتنفيذ أجندات خارجية وفرت لها الغطاء السياسي والديني على حساب الشعب".
اقرأ/ي أيضًا: أبو زينب اللامي.. "جزار المتظاهرين" أم "كبش فداء" الحشد الشعبي؟!
ودعا المرجع الحيدري، إلى "إسقاط الحكومة التي تشكلت على أساس توافقات حزبية وغير حزبية، معلومة وغير معلومة، فاسدة أولدت حالة من الفراغ والاحباط خصوصًا لدى الشباب، وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة استنادًا على قانون جديد يضمن فوز أعضاء نزيهين مخلصين وطنيين يستطيعون خدمة الأمة، مع تشكيل لجنة وطنية لإجراء تغييرات في القوانين الدستورية بما يضمن إلغاء المحاصصة والطائفية والتوافقية السياسية بنحو يؤدي إلى إدارة البلد على أساس العدالة والتكافل والمواطنة"، مطالبًا بـ "سحب السلاح من الشارع وحصره بيد الدولة والقانون وإبعاد الأحزاب والجهات والجماعات المسلحة عن أجهزة الدولة والقضاء والبرلمان".
عبد المهدي يسابق الزمن..
بالأثناء، يستمر رئيس الحكومة بإطلاق البيانات وحزم الوعود في محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي تأجج بعد تقرير اللجنة الحكومية المكلفة بالتحقيق بمقتل المتظاهرين، حيث هاجمته غالبية الأطراف السياسية والشعبية، وعد محاولة لتبرئة المسؤولين الحقيقيين عن المجزرة التي راح ضحيتها 149 متظاهرًا وآلاف الجرحى.
يواصل رئيس الحكومة حزمة الوعود والبيانات بهدف امتصاص غضب الشارع الذي تأجج بعد تقرير لجنة التحقيق بقتل المتظاهرين
قال مكتب رئيس الحكومة الإعلامي في أحدث بياناته، إن "عبد المهدي سيوجه يوم غد الخميس خطابًا إلى الشعب العراقي يتضمن عدة موضوعات تتعلق بالأوضاع الراهنة للبلاد"، مبينًا أن عبد المهدي سيؤكدعلى جملة خطوات عاجلة وإجراءات إصلاحية مهمة تتضمن: تعديلات وزارية في حال انعقاد البرلمان، ومحاولة تشكيل (المحكمة المركزية لمكافحة الفساد) لمحاسبة المفسدين، وفتح ملفات الفساد بوضوح وأمام الرأي العام، وتقليص رواتب المسؤولين حتى الدرجة الرابعة من الرئاسات والوزراء وأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة والوكلاء والمدراء، فضلًا عن تخصيص الأموال المستحصلة من تقليص الرواتب إضافة لمساهمة الدولة لتأسيس صندوق ضمان اجتماعي يضمن أن لا يبقى عراقي تحت خط الفقر".
كما أشار عبد المهدي، وفق البيان، إن "حرصه على حفظ سيادة البلاد"، مؤكدًا أن "أي تواجد لقوات أجنبية يجب أن يكون بموافقة الحكومة العراقية، وأن ينهى هذا التواجد حال طلب الحكومة العراقية ذلك".
اقرأ/ي أيضًا:
من غرفة "قمع" التظاهرات: 4 جهات رسمية تقاسمت أدوار القتل.. و"قناصة اللواء 57"!
العصائب توفد "فريق إنقاذ إعلامي".. لماذا تستميت الفصائل دفاعاً عن عبد المهدي؟!