ألترا عراق ـ فريق التحرير
في سابقة من نوعها، تمكن العراق العام الماضي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحنطة والشعير، حتى بدأت بعض الدول تتزاحم على استيراد "الحبوب الذهبية" من العراق وعلى رأسها إيران، في الوقت الذي كان العراق يسد نقصه الجزئي من الحنطة في السنوات الماضية من الاستيراد، إلا أنه بعد الإنتاج غير المسبوق، يقف العراق اليوم أمام تهديد بتراجع حاد لمحصول الحنطة قد يفوق المليون طن.
تقدر الحاجة المحلية في العراق من الحنطة بأكثر من 5 مليون طن سنويًا
وبينما تقدر الحاجة المحلية في العراق من الحنطة بأكثر من 5 مليون طن سنويًا، بلغ إنتاج العراق أكثر من 6 مليون و200 ألف طن خلال العام الماضي 2020، وبارتفاع بلغت نسبته 43.6% مقارنة بعام 2019 الذي بلغ أكثر من 4 مليون طن بقليل، وبمساحة مزروعة فاقت الـ8.5 مليون دونم، فيما بلغ إنتاج الشعير أكثر من مليون و700 ألف طن بارتفاع نسبته نحو 16% عن عام 2019، وبمساحة مزروعة تقدر بأكثر من 4 مليون دونم، بحسب تقرير للجهاز المركزي للإحصاء، وبينما رفض العراق تصدير الحنطة لتحقيق مخزون غذائي، قام بتصدير أكثر من 700 ألف طن من الشعير لأول مرة في تاريخ العراق.
الجفاف يستبق موسم التسويق
وتشهد البلاد خلال هذه الأيام موسمًا تسويقيًا جديدًا بعد الموسم التسويقي "الذهبي" في العام الماضي، حيث حددت وزارة التجارة الـ 15 من نيسان/أبريل الجاري، موعدًا لانطلاق تسويق الحنطة، بالاعتماد على 80 مركزًا تسويقيًا في عموم البلاد.
اقرأ/ي أيضًا: الزراعة تحدد موعد انطلاق موسم تسويق الحنطة
وقال مدير عام شركة الحبوب عبد الرحمن الجويبراوي في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إن "اللجنة المركزية للتسويق قررت أن تفتتح أبواب المراكز التسويقية رسميًا أمام فلاحي محافظات الجنوب والوسط اعتبارًا من يوم الخميس الموافق الخامس عشر من نيسان/أبريل"، مبينًا أن "اللجنة اعتمدت هذا الموسم 80 مركزًا تسويقيًا موزعة من البصرة وحتى زاخو، حيث توزعت المراكز التسويقية حسب معدل الإنتاج المحلي من الحنطة لكل محافظة، فيما حددت محافظات البصرة وكربلاء والمثنى بمركز تسويق واحد، ومحافظة واسط اعتمدت 11 مركزًا تسويقيًا، وهي أكثر المحافظات اعتمدت فيها مراكز تسويق".
ولفت إلى أن "اللجنة المركزية للتسويق ستحدد موعد بدء التسويق في بقية المحافظات الأخرى على ضوء بدء عمليات الحصاد في تلك المحافظات من خلال تقديم أو تأخير موعد بدء التسويق"، حيث أن المحافظات الشمالية هي آخر المحافظات التي تبدأ حملتها التسويقية حتى نضوج المحاصيل بشكل كامل.
ديالى تفقد 30% من مساحات الحنطة.. والهلاك نحو 480 ألف دونم
ووسط انطلاق صافرة الموسم التسويقي للعام الحالي، تعيش مناطق زراعية واسعة من العراق ولا سيما في المحافظات الشمالية، أزمة مائية شديدة بدأت بوادرها مبكرًا، ومن غير المعلوم ما ستكون عليه حجم الأزمة عند حلول الصيف، فيما بدأت مساحات واسعة تقدر بآلاف الدوانم بالهلاك فعليًا بفعل شح المياه تارة بسبب المستويات الضئيلة من الأمطار، وأخرى بفعل تقلص الإيرادات المائية القادمة من إيران، الأمر الذي يطرح تساؤلات عما سيشهده الموسم التسويقي هذا العام، وما إذا سيشهد العراق نكسة بإنتاج "الحبوب الذهبية" بعد القفزة المتحققة خلال العام الماضي.
محافظة ديالى كانت أولى المحافظات التي دقت جرس الإنذار، حيث كشف رئيس مجلس ناحية العظيم السابق محمد العبيدي في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق" عن " فقدان 30% من إنتاجية القمح للموسم الحالي بسبب انعدام الأمطار ومشاكل إمدادات الكهرباء على الرغم من إنجاز الخطة الشتوية"، مؤكدًا "هلاك 40 ألف دونم من الزراعة الديمية لانعدام الأمطار خلال الموسم الشتوي".
وضمن حدود محافظة ديالى، أعلنت مديرية زراعة خانقين هلاك أكثر من 440 ألف دونم من الزراعة الديمية في أطراف القضاء بسبب شح الأمطار، حيث بين مدير المديرية كاميران عبدالله في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق" أن "أكثر من 200 ألف دونم في أطراف خانقين ونحو 240 ألف دونم في نواحي ميدان وقورة تو، تعرضت للهلاك جراء شُح الأمطار خلال الموسم الشتوي المنصرم"، إلا أن المديرية وبحسب تصريحات عبدالله تمكنت من تدارك إنتاجية الحنطة البالغة 60 ألف طن، وذلك عبر معالجة مشاكل نقص المياه من خلال تأمينها في الأنهار والجداول المغذية للخطة الشتوية.
وفي مصداق على الأزمة المائية العميقة، قررت وزارة الزراعة تقليل المساحات المزروعة في محافظة ميسان و"حرمانها" من زراعة الشلب في الأراضي الواقعة على ضفاف نهر دجلة، للحفاظ على كميات المياه وحصرها للمحافظات الشلبية المتمثلة في النجف والديوانية.
هل سيشهد العراق نكسة في إنتاج الحبوب الذهبية؟
وبينما تتعاظم بوادر الأزمة المائية وبدء بعض المساحات الزراعية بتسجيل معدلات كبيرة من هلاك المحاصيل، تطرح تساؤلات عن مدى تأثر الإنتاج العراقي للحنطة والشعير خلال هذا الموسم، عدا ما قد تتسبب به الأزمة المائية من تراجع كبير للإنتاج الزراعي لمختلف المحاصيل خلال الخطة الصيفية القادمة.
توقع رئيس الجمعيات الفلاحية أن يتراجع رقم الإنتاج من الحلوب بواقع مليون طن
ويؤكد رئيس الجميعات الفلاحية حيدر العبادي في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "العراق يشهد شحّة في المياه وكانت هذه السنة حبيسة وجافة، أثرت بشكل كبير على زراعة الأراضي الديمية ولا سيما في محافظة نينوى التي تسكل ثلث إنتاج العراق، خصوصًا من الحبوب".
اقرأ/ي أيضًا: من بين 90 دولة.. العراق أولًا باستيراد معجون الطماطم من تركيا
ويبيّن العبادي أن "هذه الطروف ستنعكس بشكل سلبي على إنتاج العراق من الحبوب"، متوقعًا أن "يتراجع رقم الإنتاج من الحبوب بواقع مليون طن، باعتبار أن هناك محافظات جزأت خطتها الزراعية بالإضافة إلى أراضي نينوى، وبعض الفلاحين أتلفوا محاصيلهم بالفعل".
وأشار العبادي إلى أن "التوقعات المبكرة كانت تشير إلى أن السنة ستكون جافة، ومع ذلك، فإن أداء وزارة الموارد المائية كان ضعيفًا في هذه المحافظات التي تعتمد على الزراعة الديمية، ولم تعالج الشحة وتضرر الفلاحين في كافة أنحاء العراق وخصوصًا محافظة نينوى، والذي ستنعكس آثاره بشكل واضح على إنتاج العراق من الحنطة هذا العام".
وعلى ضوء هذا التراجع الحاد المتوقع في إنتاج الحنطة لهذا العام، من غير المعلوم ما إذا سيضطر العراق للعودة إلى استيراد الحنطة بعد عام من وقوفه بدور القادر على تصدير الحبوب، أو ما إذا كان هنالك خزين استراتيجي متبقي من العام الماضي قد يسد من خلاله النقص.
وأجرى "ألترا عراق" اتصالات عديدة وبعث برسائل إلى المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، للاطلاع على واقع الأراضي المزروعة بالحنطة ومقدار الخسائر المتوقعة في الإنتاج، وسبب عدم العمل مع وزارة الموارد المائية بوقت مبكر لتدارك آلاف الدوانم من الحنطة، إلا أن جميع المحاولات لم تلقى ردًا من المتحدث باسم وزارة الزراعة.
اقرأ/ي أيضًا:
ارتفاع أسعار المواد الغذائية: فوضى في التصريحات ودعوى قضائية بسبب الدجاج