26-يونيو-2023
الحنطة

رغم الجفاف.. حقق العراق الاكتفاء الذاتي من الحنطة  (Getty)

رغم تقليص مساحات الزراعية إثر شح المياه في العراق، لكن البلاد حققت اكتفاءً ذاتيًا من محصول الحنطة كما أعلنت وزارة التجارة، وهو ما بدّد المخاوف حول عدم إمكانية توفير سلة المواد الغذائية في البطاقة التموينية، إلا أنّ مخاوف عودة حرائق الحنطة في العراق، عادت مجددًا أيضًا. 

رأى خبراء أنّ العراق دفع ثمن تأمين الأمن الغذائي غاليًا بعد انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات 

والعراق الذي تجاوز عدد سكانه 42 مليون نسمة، بحسب إحصاءات تقديرية لوزارة التخطيط، يعتمد بشكل كبير على السلة الغذائية التي تقدمها الدولة والتي تضم مفردات من المواد الغذائية الأساسية، وقرّرت الحكومة الحالية مطلع العام الحالي زيادة مفردات السلة للمشمولين في الرعاية الاجتماعية وأصحاب الدخل المحدود بعد موجة غلاء ضربت الأسواق العراقية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.

ويحتاج العراق، بحسب خبراء في المجال الزراعي، إلى أكثر من 4 ملايين طن من محصول الحنطة لكي يحقق الاكتفاء ويعلن تأمين أمنه الغذائي.

اكتفاء "غالي الثمن"

وبينما لم يتوقع وصول العراق إلى الكمية المناسبة لتغطية ما يحتاجه في البطاقة التموينية من محصول القمح، يبيّن الخبير الزراعي تحسين الموسوي أن البلاد "دفعت ثمنًا غاليًا" من أجل الوصول إلى الاكتفاء ذاتيًا من المحصول بسبب التوسع في الخطة الزراعية.

الموسوي يقول لـ"ألترا عراق" إنّ "العراق يحتاج أكثر من 5 ملايين طن لتأمين البطاقة التموينية بما يتعلق بمادة الطحين فيها، ولا أعتقد أننا وصلنا إلى هذا الرقم لكن الأمن الغذائي مؤمن خلال هذا العام".

وأكد أنّ "العراق دفع ثمن تأمين الأمن الغذائي غاليًا بعد انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات والجفاف الذي لحق بالأهوار، وكان من المفترض عدم التوسع بالخطة الشتوية على حساب قلة الإيرادات المائية".

الإيرادات

وقد يكون الأمن الغذائي تم تأمينه والاكتفاء من محصول الحنطة، لكن بالمقابل فقد العراق الكثير من الأراضي الزراعية التي ضربها التصحر، بحسب الموسوي الذي رأى أنّ "مرحلة التصحر عندما تتوسع وتصل إلى مراحل متقدمة تدفع بالفلاحين إلى الهجرة وإعادة الزراعة في تلك الأراضي واستصلاحها لاحقًا، فالأمر يحتاج إلى موازنات كبيرة".

وزيادة الحالات المطرية التي شهدها العراق خلال فصل الشتاء قياسًا بالسنوات الماضية، أسهم وفقًا للموسوي بشكل كبير "في وصول العراق إلى الاكتفاء من محصول الحنطة وتأمين ريات الإفطام".

وبعد انتهاء الموسم الزراعي والحصاد، يبدأ الفلاح العراقي ـ والكلام للموسوي ـ بـ"حرق الأرض المحصودة للتخلص من مخلفات المحاصيل من أجل إعادة زراعتها بمحاصيل أخرى، وهي عملية طبيعية وقد تُشمل أحيانًا مع حوادث الحرائق في الحقول الزراعية"، مستبعدًا أن "تحصل موجة حرائق جديدة للمحاصيل خلال الفترة الحالية".

أرق الحرائق

حريق ضرب حقل زراعي في قضاء طوزخورماتو بمحافظة صلاح الدين، في 18 أيار/ مايو، كان أشبه بناقوس خطر، دُق عند مسامع الفلاحين، ليذكرهم بمأساة عاشها العراق في حرائق الحنطة خلال السنوات الأربع الماضية. 

حرائق الحنطة في العراق والحقول الزراعية، كانت الهم الذي يرافق الفلاحين والمزارعين عند حلول فصل الصيف وموسم الحصاد، ففي السنوات الأخيرة ضربت موجة حرائق مساحات زراعية واسعة في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى وحتى نينوى، أسفرت عن خسائر كبيرة بمحاصيل الفلاحين.

ويعد عام 2020، أحد أكثر الأعوام الذي شهد حوادث حرائق كبيرة بمحاصيل القمح والشعير، حيث شهدت 16 محافظة عراقية حرائق بأكثر من 150 حادث، امتدت لأكثر من 100 ألف دونم من المحاصيل الزراعية.

سبقها بذلك العام 2019، والذي شهد احتراق نحو 53 ألف دونم زراعي، أعلنت بعدها مديرية الدفاع المدني وضع خطط لمواجهة تلك الحوادث، تتضمن نشر فرق منها في المناطق الزراعية للتدخل عند حدوث أي حريق.

وتؤكد مديرية الدفاع المدني، عدم وجود تخوّف من عودة موجات حرائق الحنطة في العراق من جديد، كما تكشف لـ"ألترا عراق"، عن خطتها التي استخدمت خلال العام الجاري لتأمين عمليات حصاد المحاصيل الزراعية.

الحنطة

ويقول مدير إعلام مديرية الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن لـ"ألترا عراق"، إنه "لا توجد أي مخاوف لدينا من تكرار حوادث الحرائق في الحقول الزراعية لمحصولي الحنطة والشعير والتي حصلت في البلاد خلال السنوات الماضية".

ويضيف جودت أنّ "حملة حصاد محصولي الحنطة والشعير شارفت على الانتهاء، وكانت حملة ناجحة قامت بها مديرية الدفاع المدني من محافظات الجنوب وانتقالًا إلى محافظات الوسط، ثم الشمال في صلاح الدين وكركوك ونينوى".

وعملت مديرية الدفاع المدني على خطة من ثلاثة محاور لتفادي حرائق الحنطة في العراق، بحسب جودت الذي قال إنّ "المحور الأول كان توعويًا إرشاديًا استباقيًا من خلال توزيع البوسترات للفلاحين وعقد الندوات لإبصارهم بطرق التعامل مع الحرائق إن حصلت في الحصاد وتوفير متطلبات السلامة".

أما المحور الثاني كان بـ"نشر فرق الإطفاء في الحقول الزراعية، في حين كان المحور الثالث، هو "إجراء كشوفات الوقاية والسلامة على مخازن المحاصيل والسايلوات والتأكد من إجراءات السلامة لضمان سلامة حفظ هذين المحصولين". 

وبالنسبة لحوادث الحرائق التي حصلت، يقول جودت إنها "محدودة وكانت أسبابها عرضية من خلال شرارة من آلية (حاصودة) أو أسلاك كهربائية أو حتى عبث أطفال".

الحنطة

تأمين الحقول الزراعية

يقول حسين الجميلي (30 عامًا)، وهو مزارع من محافظة كركوك، إنّ "موسم الحصاد خلال العام الحالي لم يشهد أعمال حرق أو حوادث، والسبب الرئيس في عدم حصولها هو "تأمين الحقول أمنيًا"، بحسب الجميلي. 

ويقول الجميلي لـ"ألترا عراق"، إن "الحقول الزراعية في كركوك وخاصة في مناطق الحويجة والمناطق التابعة لها شهدت موسمًا زراعيًا جيدًا أفضل من الأعوام السابقة بسبب الكميات التي تم إنتاجها"، مضيفًا: "نحن نقوم بتسويق المحاصيل للسايلوات بعد انتهاء موسم الحصاد".

وبيّن أنّ "المزارعين في كركوك وخاصة في مناطق جنوب غرب المحافظة، عانوا كثيرًا بسبب موجات الحرائق التي حصلت العامين الماضيين، مستدركًا: "لكن هذا العام كان هناك انتشارًا أمنيًا وتعاون بين القوات الأمنية والفلاحين لحماية الحقول، بالإضافة إلى إسناد فرق الدفاع المدني".

قالت مديرية الدفاع المدني لـ"ألترا عراق" إن حرائق الحنطة التي حصلت محدودة وكانت أسبابها عرضية 

وأكد أنّ "فلاحي قضاء الحويجة كانوا متضررين لسنوات عدة بسبب سيطرة تنظيم داعش على مناطقهم وترك أعمال الزراعة لسنوات يعني موت الأرض زراعيًا".