ألترا عراق ـ فريق التحرير
لم تكن محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بـ3 طائرات مسيرة فجر الأحد هي الأولى، كما أنها لم تكن مفاجئة كذلك، فقد سبقتها تهديدات صريحة وتحريض علني، وربما ليس من المصادفة ـ بحسب خبراء أمنيين ـ أن تكون التهديدات صادرة من جهات تمتلك الطائرات المسيرة وتشن العداوة تجاه الكاظمي ولديها تجارب سابقة بهذا النوع من العمليات.
قبل يومين وجه قيس الخزعلي رسالة إلى الكاظمي قائلًا: "اسمعها من شروگي أصيل، دماء هذه الشهداء لن نتركها كما لم نترك دماء المهندس وسليماني"
قبل ساعات فقط من إلقاء الطائرة المسيرة قنابلها تجاه منزل الكاظمي، ظهر زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وسط جموع المتظاهرين المعترضين على نتائج الانتخابات والذين معظمهم ينتسبون لفصائل الحشد الشعبي، وهو يتوعد الحاضرين بالرد وجلب حق "الدماء" التي سقطت جرّاء عمليات العنف قرب بوّابة الخضراء وسقط فيها مئات الجرحى من القوات الأمنية ومتظاهري الفصائل، فضلًا عن مقتل قيادي في عصائب أهل الحق.
اقرأ/ي أيضًا: التفاصيل الكاملة لمحاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي
الخزعلي قال بصريح العبارة: "رسالتي إلى الكاظمي نفسه، اسمعها من شروگي أصيل، دماء هذه الشهداء لن نتركها كما لم نترك دماء المهندس وسليماني ووصل ردنا لكل القواعد الأمريكية، فحق دماء الشهداء برقبتي".
الخزعلي صرح أيضًا أمام جموع متظاهري الفصائل بأن "استهداف المتظاهرين عند بوابة الخضراء جاءت بتوجيه من الكاظمي ولضباط معينين".
وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر شهدت العاصمة بغداد، سقوط 3 صواريخ في منطقة المنصور، وهو الأمر الذي يعتبره رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري أنه كان محاولةً لاغتيال الكاظمي أيضًا.
ويقول الشمري لـ"ألترا عراق"، إن "قصف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي هو الاستهداف الثاني خلال أسبوع بعد سقوط الصواريخ في منطقة المنصور غربي العاصمة بغداد".
واستهداف منزل الكاظمي، يمثل وفقًا للشمري "محاولة انقلاب ثالثة خلال سنة، مؤكدًا أن "هذا يمثل انقلابًا على الدولة والدستور ونتيجة ردود فعل غير مدروسة، فضلًا عن كونه فرض إرادة بالتصفيات السياسية".
وتابع أن "التسقيط والاستهداف السياسي يبدو أنهما باتا الحل أمام الجهات السياسية، مبينًا أن "العراق بات أمام مشهد مغاير لا يمت للآليات الديمقراطية ومتغيراتها بأي صلة كانت، كما أن هذه التهديدات التي طالت رئيس الحكومة تنذر بأيام صعبة ومعقدة قادمة".
ولا يستبعد الشمري تطوّر الأمور أكثر من الأوضاع الحاصلة في الوقت الحالي، مؤكدًا "ليس بالبعيد أن تشهد الأوضاع تدخلًا أمميًا قويًا لحل الأزمة الكبيرة التي بدأت تستفحل في البلاد".
وفي استعراض سريع أجراه "ألترا عراق" للتطورات السابقة، لا تخلو تغريدات المتحدث باسم كتائب حزب الله "أبو علي العسكري" وزعيم "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي، من مهاجمة الكاظمي والتحريض عليه بشكل مستمر منذ إعلان نتائج الانتخابات التي جاءت بما لا تشتهيه كتل قوى السلاح، إلا أن التهديدات الصريحة كانت مستمرة أيضًا منذ تنصيب الكاظمي رئيسًا للوزارة وطوال أكثر من عام كامل.
وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، غرد العسكري مطالبًا بمحاكمة الكاظمي و"إعادة حقوق الناخبين"، فيما هدد بأن الأمور ستذهب إلى "مالا يحمد عقباه" في حال لم يتحقّق ذلك، ولعلّ التغريدة الشهيرة للعسكري في كانون الأول/ديسمبر 2020، لم تنس بعد ويرددها العراقيون باستمرار، عندما قال العسكري إنه "على كاظمي الغدر أن لا يختبر صبر المقاومة بعد اليوم، فالوقت مناسب جدًا لتقطيع أذنيه كما تقطع آذان الماعز".
وفي ذات الشهر، تحشدت عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي وهو صاحب التهديد الأخير تجاه الكاظمي، وانتشرت في شوارع العاصمة على خلفية اعتقال مجموعة مسلحة من بينها قيادي في العصائب يدعى "حسام الزيرجاوي"، وعلى خلفية هذا التوتر، قال الكاظمي في تغريدة حينها: "طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر".
وفي آذار/مارس الماضي، انتشر أفراد حركة "ربع الله" التي يعتقد أنها تابعة لـ"كتائب حزب الله"، وهم مدججون بالأسلحة في شوارع العاصمة بغداد، كما قاموا بالسحق على صور الكاظمي بأقدامهم وحملوا لافتات عليها شعارات من قبيل "حان وقت قطع أذنيه" و"سنقطع اليد التي تمتد على المقاومة"، وجاءت هذه التحركات أيضًا، على خلفية عملية اعتقال طالت أحد عناصر الفصائل المسلحة، إلا أنها غلفت بـ"مطالب شعبية" اعتبرها مراقبون أنها "كانت تغطي على الهدف الأساسي".
وذكّر الاستهداف الأخير بقائمة طويلة من التهديدات والتحريض ضد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تحملها منصات وقيادات الفصائل المسلحة، وعلى رأسها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، بل يتعدى الأمر مسألة التحريض والتهديد، إلى عمليات اغتيال فعلية طالت ضباطًا كبار، وربما ستطال آخرين، حيث نشرت المنصات الإعلامية للفصائل المسلحة يوم أمس تغريدة توعدت بـ"إرهاب" الضباط الذين اتهمتهم بالوقوف وراء فتح النار على عناصرهم في التظاهرات عند بوابة الخضراء يوم الجمعة، فيما حملت هذه التغريدات اعترافًا صريحًا باغتيال 3 ضباط، اثنان منهم ضباط مخابرات، في عمليات حدثت بالزعفرانية والبلديات وحي العدل.
وعلى هذا الأساس، فإن أصابع الاتهام بحادثة اغتيال الكاظمي موجهة بشكل واضح من قبل الأوساط الشعبية، صوب "الفصائل الولائية"، وعلى رأسها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، وسط اتفاق عام على تصنيف ووصف العملية بـ"الإرهابية".
وبينما حاول قيس الخزعلي أن يستبق أي عملية من هذا النوع قد تحدث، بتغريدة يوم الجمعة الماضي 5 تشرين الثاني/نوفمبر، لتبرئة ساحة "الفصائل" من أي هجوم قد يطال الخضراء قائلًا: "نحذر من محاولات أطراف مرتبطة بجهات مخابراتية تخطط لقصف المنطقة الخضراء وإلقاء التهمة على فصائل المقاومة"، إلا أن مراقبين ومختصين والأوساط الشعبية، تعاملت مع هذه الإشارة بأنها دليل دامغ على نيته لاستهداف الخضراء بالفعل، ومعرفة مسبقة بأن ذلك سيحدث، ما يعني أن التغريدة جاءت بنتيجة عسكية وليس كما أراد الخزعلي بجعلها محاولة "تبرئة مسبقة".
وشكّك قيس الخزعلي فعلًا بالهجوم الذي استهدف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مطالبًا بـ"التحقق منه من قبل لجنة موثوقة"، مذكرًا بتحذيره الذي أطلقه قبل أيام بشأن قصف الخضراء.
كما عدّ المتحدث العسكري باسم حركة "كتائب حزب الله"، الأحد، الهجوم على منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي "محاولة للعب دور الضحية".
وقال العسكري في بيان، 7 تشرين الثاني/نوفمبر، إنّ "ممارسة دور الضحية أصبح من الأساليب البالية التي أكل الدهر عليها وشرب"، مضيفًا "بحسب معلوماتنا المؤكدة فإنّ لا أحد لديه حتى الرغبة في خسارة طائرة مسيرة على منزل رئيس وزراء سابق".
وأوضح بالقول، "إذا كان هنالك من يريد الإضرار بالكاظمي، فتوجد طرق كثيرة جدًا بأقل كلفة وأكثر ضمانًا لتحقيق ذلك".
وتابع العسكري، إنّ "ما يثير السخرية واقعًا أنه (الكاظمي) يدعو إلى ضبط النفس والتهدئة، فمن يا ترى عليه أن يقلق، ومن فقد السيطرة على نفسه".
اقرأ/ي أيضًا:
ردود الفعل الدولية الأولى على محاولة اغتيال الكاظمي
الخارجية الأمريكية: محاولة اغتيال الكاظمي "عمل إرهابي" موجه إلى قلب الدولة