ألترا عراق ـ فريق التحرير
بعد أشهر من الهدوء النسبي، عادت ساحة التحرير لتعيش لحظاتها الدموية مستذكرة حقبة حكومة عادل عبدالمهدي وسفك الدم الليلي، لكن هذه المرة على يد قوات حكومية، قائدها العام جاء للمنصب بسبب طريقة تعامل الحكومة السابقة مع المتظاهرين وسقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى ما دفعها الضغط للاستقالة ومجيء الحكومة الحالية، بحسب نشطاء ومدونين.
أبو أحمد النحات، ولطيف، أول الضحايا بقائمة حقبة الكاظمي، وهم من الشخصيات المعروفة في ساحة الاحتجاج لدى جميع المتظاهرين
وافتتح رئيس الحكومة الجديدة مصطفى الكاظمي "مؤشر الدم" بعد نحو 3 أشهر من تسنمه المنصب، الذي كان من المفترض أن مهامه متعلقة بملف التظاهرات في الدرجة الأولى، حيث قتل متظاهرين اثنين على الأقل بعد منتصف ليل أمس الأحد في أول حادثة عنف صريح منذ تشكيل الحكومة الجديدة التي طالما أطلقت وعودًا تتعلق بملف التظاهرات والمتظاهرين، ومحاسبة قتلة المحتجين، خصوصًا أن أول تصريحات الكاظمي في 14 أيار/مايو كانت تقول إنه "حث قادة الجيش على التعامل بحكمة وعقل مع المتظاهرين، مؤكدًا أن "مهمة المنظومة الأمنية هي حماية البلاد والمتظاهرين".
اقرأ/ي أيضًا: خطابات الكاظمي تخلو من محاسبة قتلة المتظاهرين.. هل تراجع عنها؟
أبو أحمد النحات، ولطيف، أول الضحايا بـ"قائمة حقبة الكاظمي"، وهم من الشخصيات المعروفة في ساحة الاحتجاج لدى جميع المتظاهرين، ولهم لمساتهم الخاصة في ساحة التحرير.
كاميرات الهاتف وثقت سقوط الضحايا، وبينما اختار النحات توثيق لحظة موته بعدسة هاتفه خلال تصوير الأحداث، كان لطيف مشغولًا في التلويح بعلم العراق قبل أن يسقط قتيلًا، فيما وثقت عدسة هاتف أحد المتظاهرين لحظة تفريق الرصاصة بينه وبين العلم العراقي ليسقطا معًا.
غضب واسع وذهول غمر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما بدأ المدونون والناشطون يستعدون لتصنيف الكاظمي ومراقبته وهو يسير على خطى سلفه عبدالمهدي، ومحاولات لإدراك الوضع الجديد وكيفية التعامل معه، بحسب منشورات في "فيسبوك" و "تويتر".
وبحسب متظاهر من داخل ساحة التحرير، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، قال لـ"ألترا عراق"، إن "الأحداث بدأت بعد تصعيد من قبل المتظاهرين تمثل بحرق إطارات في مقتربات ساحة التحرير على خطى محافظات النجف والناصرية التي ابتدأت بحملة تصعيد واسعة منذ ظهر يوم أمس الأحد على خلفية تردي تجهيز الطاقة الكهربائية، إلا أن متظاهري بغداد لاقوا رد فعل عنيف من قبل القوات الأمنية بما لا يتناسب مع الفعل"، مبينًا أن "الكاظمي ابتدأ حقبته معنا الآن وصرنا لا نفرق بينه وبين عبد المهدي".
الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، أصدر بيانًا نشر من خلاله صورًا لمنتسبين تعرضوا لجروح بسيطة في اليد والقدم، في سياق ما ورد ببيانه بأن القوات الأمنية تعرضت لـ"استفزاز"، بلهجة أعادت إلى الأذهان خطاب عبدالكريم خلف، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة السابق عادل عبد المهدي، الأسم الذي بدأ عدد من المدونين والمتابعين يكتبونه في تعليقات على البيان المنشور في الصفحة الرسمية لرسول.
وقال الناطق في بيانه الذي تابعه "ألترا عراق"، إن "القوات الأمنية العراقية المكلفة بحماية المتظاهرين السلميين لديها توجيهات واضحة وصارمة بعدم التعرض لأي متظاهر، وإن حاول استفزازها، وأنها تمتنع عن اللجوء للوسائل العنيفة إلا في حال الضرورة القصوى وتعرض المنتسبين لخطر القتل".
أضاف أن "هناك بعض الأحداث المؤسفة التي جرت اليوم في ساحات التظاهر، وقد تم التوجيه بالتحقق من ملابساتها، للتوصل إلى معرفة ما جرى على أرض الواقع، ومحاسبة أي مقصر أو معتدي"، مؤكدًا أن "استفزاز القوات الأمنية لغرض جرها إلى مواجهة هو أمر مدفوع من جهات لا تريد للعراق أن يستقر"، مبينًا "كلنا ندرك الصعوبات المعيشية التي يمر بها أبناء شعبنا، والتي تحاول هذه الحكومة مع عمرها القصير أن تعالجها في ظل ظروف اقتصادية وصحية استثنائية، ولا يمكن أن نلوم مواطن على التعبير عن رأيه بشكل سلمي يخلو من الاستفزاز أو افتعال الصدام مع القوات الأمنية".
أشار إلى أن "المتظاهرين هم اخوتنا وابناؤنا مثلما القوات الأمنية المكلفة بحمايتهم. والاعتداء على أي من الطرفين أمر سنحقق به، ولا يمكن السكوت عنه".
قالت مفوضية حقوق الإنسان إن القوات الأمنية استخدمت الرصاص الحي والمطاطي والصجم والغازات المسيلة للدموع ضد المتظاهرين
في الأثناء، عبرت مفوضية حقوق الإنسان، عن أسفها تجاه أحداث ساحة التحرير، فيما طالبت بفتح تحقيق عاجل في ملابساتها.
اقرأ/ي أيضًا: هل ينجح الكاظمي في حصر السلاح ومحاسبة قتلة المتظاهرين؟
أكدت المفوضية في بيان تلقى "ألترا عراق"، نسخة منه، على أن "فرقها تواصل رصد في التظاهرات في بغداد وباقي المحافظات".
وعبرت عن "قلقها وأسفها البالغ لسقوط شهداء ومصابين بين المتظاهرين، إضافة إلى سقوط عدد من المصابين في القوات الأمنية نتيجة للمصادمات بين القوات الأمنية والمتظاهرين في ساحة التحرير مساء يوم الأحد نتيجة لقيام القوات الأمنية باستخدام الرصاص الحي والمطاطي والصجم والغازات المسيلة للدموع".
وأشارت إلى أن هذا "يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ومعايير الأمم المتحدة لإنفاذ القانون وتجاوزًا لحقوق التظاهر السلمي"، فيما طالبت المفوضية "الحكومة باجراء تحقيق عاجل حول هذه الأحداث وتقديم المقصرين للعدالة والإيعاز لكافة القوات الأمنية بالسماح لسيارات الإسعاف والفرق الطبية بالدخول لساحة التحرير فورًا لنقل الشهداء والمصابين"، داعية "القوات الأمنية والمتظاهرين إلى اتخاذ أقصى درجات ضبط النفس، وإيقاف أي عنف".
وأكدت المفوضية على "مطالبتها للحكومة في توفير الحلول السريعة والاستجابة لمطالب المتظاهرين السلميين في عموم العراق من خلال توفير الخدمات الأساسية، الصحية منها والإنسانية وخصوصًا الكهرباء".
وبحسب البيان فإن "موشرات المفوضية الرصدية تشير إلى عودة التظاهرات الغاضبة في معظم محافظات العراق فيما لو استمر تردي وضع الكهرباء بشكله الحالي".
قالت مفوضية حقوق الإنسان إنها رصدت مؤشرات لعودة التظاهرات الغاضبة فيما لو استمر تردي وضع الكهرباء
اظهرت صور حصل عليها "ألترا عراق"، آثار الحرق والدمار في حديقة الأمة في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، معقل المتظاهرين، بعد حرق سرادق المعتصمين في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين، فضلًا عن ظهور صورة تؤكد استخدام الرصاص الحي.
اقرأ/ي أيضًا: