الترا عراق - فريق التحرير
شدد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الخميس، إن حكومته "لن تقبل بأية مغامرات"، فيما أكد عزمه إطلاق حملة تغييرات في المناصب العليا.
قال الكاظمي إنه "لن يخضع للابتزاز" وأكد عزمه إجراء تغييرات على مستوى بعض المناصب
وقال الكاظمي في حديث للصحافيين، 25 حزيران/يونيو، إن "حكومته قد تتعرض إلى حملات تسقيط بعد التغييرات القادمة على مستوى بعض المناصب".
وأضاف رئيس الوزراء، أن "الحكومة عازمة على ضبط الحدود الخارجية للبلاد"، مؤكدًا أن الحكومة "لن تسمح لأحد بتهديد العراق".
كما تعهد الكاظمي، بعدم "الخضوع للابتزاز"، على حد تعبيره، مجددًا التأكيد على تمسكه "بتنفيذ خطط الإصلاح ومحاربة الفساد".
وألمح رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، سابقًا، إلى تهديدات يتعرض لها، فيما كشف عن أبرز التحديات التي تواجهه في رئاسة الحكومة وما تقوم به كتل سياسية في الكواليس.
وحدد الكاظمي المهام الأساسية لحكومته في 6 نقاط، مؤكدًا أنه لن يصدر أوامر بـ"إطلاق النار على أي متظاهر"، كما تعهد بمتابعة ملف المختطفين، والتقصي لمحاسبة المسؤولين عن عمليات الاغتيال.
اقرأ/ي أيضًا: تسوية "الخصمين" مررت الكاظمي.. ما هو مستقبل الفصائل المسلحة؟
وكتب الكاظمي مقالًا نشر الثلاثاء 19 آيار/مايو، في صحيفة محلية، فيما يلي نصه:
مع اقتراب الموعد الذي قطعته أمام البرلمان لاستكمال التشكيلة الوزارية، لابد من وضع شعبنا وقواه الوطنية، وشبابنا المطالب بحقوقه، أمام ما أواجه من تحديات تتطلب من الجميع التكاتف لتذليلها، وما أقوم به من مداولات وحوارات بناءة ومكثفة مع كل القوى السياسية هدفه الوصول إلى ما يرضي شعبنا ويعيد الثقة بإمكانية تجاوز العملية السياسية للازمة المتفاقمة التي تواجهها وتضع عراقنا أمام مفترق طرق.
لقد تصديت لواجبي وأعرف مسبقًا المصاعب التي تقف أمامي، والتركة الثقيلة التي ستواجهني على كل الأصعدة وفي جميع الميادين الحيوية التي ترتبط بحياة المواطنين، وأمن وسيادة واستقلال البلاد. مدركًا أن الأزمة شاملة وتدخل في نسيج الدولة ومؤسساتها، وتعرقل قوتها الاقتصادية التي تعثرت خلال الفترة الماضية، فلم يتحقق ما من شأنه النهوض الشامل بالأمن الغذائي للبلاد ولا النهوض بالصناعة وتنويع واردات الدولة، وتوسيع الاستثمار، وتأهيل البنى التحتية المتآكلة.
وما زاد من الصعوبات عدم إعادة النظر بجدية في هيكلية إنتاج وتسويق النفط والاهتمام بالمشتقات النفطية، فيما أعيد في المقابل تدوير أزمة الفساد الإداري والمالي، وتفكك الكثير من أجهزة استكمال الدولة ومؤسساتها. وبدلاً من تشجيع الاستثمارات وقطاعات العمل وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة بتأمين ما تحتاجه لاستيعاب الأيدي العاملة العاطلة، جرى رفع مستوى التضخم الوظيفي في أجهزة الدولة وما ينطوي عليه من استنزاف للموارد وبطالة مقنعة.
كل ذلك جعل التحديات التي تواجه أية حكومة مضاعفة. ومع معرفة كل هذه الصعوبات استجبت لتحمل المسؤولية معتمدًا على تفهم الكتل والقيادات السياسية، وقبل ذلك جمهور شعبنا المبتلى، والمظلوم، والمطالب بحقوقه الطبيعية، لضرورات المرحلة، خصوصًا وأن التدني الخطير في موارد البلاد مع انهيار أسعار النفط يحتم على الحكومة البحث في كل الاتجاهات لإيجاد مصادر عاجلة لتسديد رواتب العاملين في الدولة، وتغطية النفقات الضرورية لتسيير شؤون والتزامات المؤسسات، وفي مقدمتها تأمين سلامة المواطنين من جائحة كورونا.
إنني إذ أضع هذه الوقائع أمام شعبنا والقيادات السياسية، اؤكد مجددًا أن العراق أكبر من التحديات والأزمات والمشاكل مهما بلغت، وإننا بحاجة إلى التعاون والتظافر مع كل قوى شعبنا من كتل برلمانية وأحزاب سياسية وفعاليات اجتماعية وثقافية، وبتفهم من شبابنا المتظاهرين، بما يمكّن الحكومة القيام بواجبها.
وهذا الدعم مطلوب الآن من الكتل السياسية البرلمانية للمساعدة في استكمال التشكيلة الوزارية عبر التصويت على قائمة المرشحين للوزارات الشاغرة، من أجل المضي في وضع الخطط العملية لإنجاز ما أوكل إلى الحكومة من مهام المرحلة الانتقالية، والاستجابة للتطلعات المشروعة للمواطنين بتوفير الحد الممكن من الخدمات وسبل العيش الكريم وإيقاف الانتهاكات والتجاوزات التي يتعرضون لها، وإعادة أبنائهم الذين تعرضوا للاعتقال والتغييب.
ينبغي أن لا يغيب عنا جميعًا أننا نجد أنفسنا بعد سبعة عشر عامًا، في وضعٍ لا نُحسد عليه، فسيادتنا استمرت منقوصة أو منتهكة أو معرضة للشكوك، وأراضي بلادنا يراد أن تصبح ميدانًا لصراع الآخرين، وأمن مواطنينا مهدد، لا من استمرار داعش وخلاياها النائمة، بل وأيضًا من السلاح المنفلت خارج إطار الدولة، وكل مظاهر الفساد ونهب المال العام وتبديد الثروات، والمستوى غير المقبول لتصنيف العراق على صعيد التعليم والصحة والخدمات. فيما لم تعد البطالة ظاهرة يمكن احتواؤها، بل تجاوز عدد العاطلين وخصوصًا من بين الخريجين إلى مستويات لم تبلغها في أي ظرف سابق. وبات خط الفقر، يضم أمهات وعائلات الشهداء الذين جادوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن.
ورغم أن الثروة التي دخلت خزائن العراق على مدار السنوات الـ 17 عامًا الماضية، كانت تكفي لإعادة بناء البلاد وتأسيس صندوق المستقبل، فإن الفساد قد استنزفها، وهُرّب بعضها علنًا إلى خارج البلاد، ولم أجد وأنا أستلم المسؤولية إلّا خزينة شبه خاوية!
لقد وجدت من واجبي في ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة أن أضع شعبنا أمام ما نواجه من صعوبات، من بينها التناقض بين الوعود العلنية التي أكدت على حريتي في اختيار التشكيلة الوزارية، وما يدور وراء الكواليس من مناورات وشد من قبل البعض. وهو ما يعرقل ويعطل استكمال الحكومة لكي تباشر مهامها بحيوية وتظافر في الجهود وصولاً إلى الأهداف المعلنة.
ويبدو أحيانًا أن ما نطلقه من تأكيدات لضرورة تصحيح مسارات العملية السياسية ووضع البلاد على طريق المعافاة لا تجد آذانًا صاغية لدى البعض هنا أو هناك، دون الانتباه إلى أن البلاد مهددة بما سيضعنا جميعًا أمام خيارات ليس فيها رابح وأفضلها الانحدار إلى الفوضى، لا سمح الله، ما يدفع إلى إعادة التأكيد على ضرورة أن يضع الجميع المصالح الوطنية العليا فوق المصالح الثانوية، وأن تتظافر جهود جميع الكتل والأحزاب وبتفهم من شعبنا، لعبور هذه المرحلة.
ليس أمامنا سوى خيار الاستجابة للمطالب الشعبية العادلة التي عبرت عنها الحركة الاحتجاجية وساحات التظاهر، التي جمعت خيرة بنات وشباب شعبنا، والعمل المخلص على تحقيق مطالبهم بإعادة مجد العراق وقوته وكرامته، وتصفية تركة المحاصصة المقيتة بكل تجلياتها، ومحاربة الفساد المالي والإداري.
وليس بالإمكان المباشرة بأية خطوة جادة دون الشروع بما يعيد للدولة هيبتها وبسط سيادتها، وهو ما يتطلب أن لا يكون أي طرفٍ مهما كان شأنه أو مصدر قوته أو موالاته فوق إرادة الدولة والدستور والقانون، وأن يصبح السلاح والقوة النارية بيد الدولة والقوات المسلحة وبإمرة القائد العام للقوات المسلحة.
أود التأكيد مرة أخرى لإزالة أي التباس، بأن المهمة التي أنيطت بي هي عبور المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن، والاستجابة الى مهام ملحة مباشرة، أبرزها :
- إنجاز قانون الانتخابات مع ما يتطلبه من تدقيقات أو تعديلات، والانتهاء من الصيغة النهائية لقانون المفوضية العليا للانتخابات، وتأمين كل ما يلزم لإجراء الانتخابات في أقرب وقتٍ ممكن، والتعاون مع ممثلية الأمم المتحدة والمراقبين المحليين والدوليين، والتأكد من وضع الأسس الصحيحة لإجراء الانتخابات في جوٍ سياسي وأمني يضمن نزاهتها وعدالتها.
- اتخاذ كل الإجراءات والتدابير بالتعاون بين وزارة الداخلية وجميع الأجهزة الأمنية لحماية المتظاهرين والحرص على سلامة ساحاتهم، والتعبير عن إرادتهم بكل حرية، سلميًا.
- أعلن بوضوح كقائد عام للقوات المسلحة بأنني لم ولن أصدر أي أمر باطلاق الرصاص ضد أي متظاهر سلمي، ومن يقوم بذلك سيقدم إلى العدالة. ومن واجب وزارة الداخلية وأجهزة الأمن منع أي طرف ثانٍ أو ثالثٍ من التداخل مع المتظاهرين
- -أعيد التأكيد هنا ثانية بأن أوامر قد صدرت إلى كل الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين، والبحث والتحقيق والتقصي لإيجاد المختطفين وتشخيص الذين قاموا بالاغتيالات ووضعهم أمام القانون.
- اتخاذ كل التدابير العاجلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية وترشيد الإنفاق ومحاربة الفساد والبدء بالإصلاحات الضرورية، وحماية شعبنا من جائحة كورونا.
- وقبل وخلال كل ذلك استعادة هيبة الدولة وتأكيد السيادة الوطنية وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية المعنية، وضمان أمن البلاد أمام التهديدات الإرهابية، وإرساء سيادة القانون وأن يكون الجميع سواسية أمامه.
إنني إذ أتعهد بما أعلنه هنا، أجد من واجبي التعبير عن تقييم الكتل وقياداتها التي تجاوبت معي في التصويت على التشكيلة الوزارية المنقوصة، وأتطلع إلى الجميع دعم جهودنا وما نقوم به من لقاءات وحوارات لاستكمال التشكيلة وتسهيل مهامها في إطار ما حددنا من مهام المرحلة الانتقالية.
وأختم برد على من نبهني إلى أنني بلا حزبٍ سياسي ولا كتلة نيابية تحميني فيما أنا ماض إليه من تعهدات قطعتها خدمة لشعبي، بقوله تعالى: "مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا".
اقرأ/ي أيضًا: