دخلت الناشطة المدنية والممرضة الموصلية سرور الحسيني، بمفردها إلى محكمة تحقيق نينوى ومثلت أمام القاضي، وفق دعوى رفعها محافظ نينوى السابق نوفل العاكوب، قبل أن يقيله البرلمان، لتنال براءتها من الجلسة الأولى ودون محامٍ.
برأت محكمة تحقيق نينوى الناشطة سرور الحسيني من تهم تتعلق برفع الجثث من مدينة الموصل القديمة
كانت الممرضة والناشطة قد شكلت فريقًا، العام الماضي، لانتشال الجثث المتفسخة من المنطقة القديمة في الموصل، والتي تعود لمدنيين ومقاتلين في تنظيم "داعش"، قتلوا خلال معارك التحرير الشرسة التي دارت في المدينة.
اقرأ/ي أيضًا: تحت الموصل القديمة.. هكذا تعامل جثث جنود البغدادي
قالت الحسيني حينها، إن عملها جرى وفق موافقات من نائب المحافظ الذي أقيل أيضًا حسن العلاف، وكذلك موافقات من قيادة عمليات نينوى ومديرية الصحة والبلدية، التي كانت ترافق فريقها في حملات رفع الجثث من المنطقة القديمة.
لكن محافظ نينوى المقال اتهمها، برفع الجثث من دون موافقات رسمية، وأطلق ناشطون في فيسبوك اتهامات ضدها من بينها "رفع الجثث لصالح تنظيم داعش أو لصالح الحشد الشعبي". لكنها تؤكد براءتها من تلك التهم، مبينة لـ "الترا عراق"، أن "المحكمة أخلت ساحتها من التهم وأغلقت القضية".
تقول الحسيني، إن "اتهامي برفع الجثث مقابل سرقة مقتينات الموتى معلومة كاذبة، لأنها وبكل بساطة لو كانت هناك مقتنيات مع الجثث، لما تركت الجثث للتفسخ أشهر وأشهر، وكذلك لو كانت تباع تلك الجثث لداعش، لانقض عليها التجار وباعوها وما تركوها لي لدفنها".
كما تنفي الحسيني، جملة الاتهامات الموجهة لها بخصوص إخفاء أدلة حيال تلك الجثث، التي قد يكون قتلها عناصر في الحشد الشعبي بعد الحرب، وتؤكد بأنها مستمرة في عمل أي شيء إيجابي حتى لو حاربها الجميع.
تنفي الحسيني جملة الاتهامات التي توجه إليها برفع الجثث لصالح تنظيم "داعش" أو الحشد الشعبي أو سرقة ممتلكات الضحايا
اتهامات دون وثائق
لكن ناشطًا مدنيًا فضل عدم الكشف عن اسمه قال، لـ"ألترا عراق"، إن "ما كانت تفعله الحسيني حينها مخالف للقانون حتى وان كانت قد استحصلت موافقات الحكومة، حيث أنها رفعت الجثث من أماكنها من دون اخذ عينات الحمض النووي أو الكشف الجنائي على تلك الجثث، وقامت بحرق الأماكن التي كانت فيها الجثث، ودفنت الجثث في منطقة السحاجي بمقبرة جماعية".
واضاف الناشط، أن "هناك معلومات ضد الحسيني دفعت بناشطي المدينة لاتهامها والأمر ليس تأييدًا للعاكوب وانما تأييدًا للحقيقة، حيث أشارت بعضها إلى بيع الجثث لتنظيم داعش، وهو اتهام ضعيف، أما بعضها الآخر فكشف عن تلقيها طلبًا من قيادي سياسي مقرب من الحشد الشعبي في نينوى، برفع الجثث وأثارها لإخفاء أي أثر يدل على تصفيات حدثت بعد المعركة مع داعش من قبل الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي".
لا يمتلك الناشطون أي وثائق تدين الحسيني، كما أن الحسيني نفسها ليس لديها أي ما يثبت براءتها غير قرار المحكمة الأخير ما يجعل الأمر معقدًا.
قدم الناشط سعد عامر، عبر حسابه في فيسبوك عدة أسئلة حول ما فعلته الحسيني وفريقها أرفقه بصورة لها حذفها تطبيق التواصل الاجتماعي، منها عن سلوكياتها وفريقها في التعامل مع الجثث، و"محو أثار عملية اغتيال جماعي حدثت في منزل قريب على ضفة نهر دجلة بعد إخلاء الجثث التي اُعدمت برصاصات في الراس وحرق مسرح الجريمة بعد الانتهاء، لإخفاء الأدلة".
كما أشار، إلى شهادات لبعض القريبين من مواقع عمل الفريق تؤكد بإن "الجثث التي سُلمت للصحة والبلدية كانت خالية من المتعلقات الشخصية، ناهيك عن جثث عناصر تنظيم داعش المهاجرين الذين كانوا يحتفظون بكل أموالهم وحاجياتهم الثمينة في حقائب صغيرة ترافقهم".
يوجه ناشطون اتهامات وأسئلة غير معززة بوثائق ضد الحسيني تشير ربما إلى تورطها بإخفاء جرائم ارتكبتها ميليشيات في الموصل بعد الحرب
بالمقابل دافعت المدونة جمانة ممتاز عبر حسابها في فيسبوك، عن الحسيني، عادة ما تتعرض له "حملة تسقيط"، فيما دعت إلى الكف عن "ضرب اليد التي تمد لمساعدة أبناء الموصل، التي باعها الفاسدون والأحزاب المتصارعة".
"المشكلة الحقيقة"
تكمن المشكلة الحقيقة في دفن الجثث التي رفعت من المدينة القديمة، من دون تحديد هويتها فلا يعرف إن كانت تعود لمقاتلين في "داعش" أو مدنيين قضوا في المعارك، كما أن ترك الحكومة لتلك الجثث، وما كادت تسببه من كارثة بيئة حقيقة على المدينة يثير أيضا الكثير من علامات الاستفهام.
اقرأ/ي أيضًا: قبور باهظة وموت مستمر.. مصائب الموصل عند قوم فوائد!
يقول الأستاذ في جامعة الموصل محمد حسان لـ "ألترا عراق"، إن "الحسيني قد تكون حاولت فعل خير برفع الجثث التي كادت توقع كارثة في الموصل وأهلها، وبكل تأكيد هي فتاة مستجدة على هذا العمل ومعاونيها شباب صغار قد أخذوا زمام المبادرة، وقد يكون فعلًا أن الحسيني قد دفعت من شخصيات من دون علمها أو بعلمها لرفع الجثث وإخفاء أثار الحرب وما بعدها، ولكن في كل الأحوال لماذا لم يتحرك الذين أثاروا الاتهامات ضدها لكشف هويات الجثث، وانتظروا الحسيني تؤدي المهمة لوحدها ثم ثاروا ضدها".
يبلغ عدد قتلى معركة تحرير الموصل نحو 40 ألف قتيل دفن غالبيتهم في مقابر جماعية دون تميز بين مقاتلي "داعش" والأبرياء
يبلغ عدد قتلى الموصل خلال حرب التحرير التي انتهت صيف 2017، نحو 40 ألف قتيل بعض جثثهم لا تزال حتى الآن تحت الأنقاض، ولكن الأغلبية قد رفعت ودفنت بمقبرة السحاجي الجماعية، أو نقلت لصالح ذويها.
ولا يمكن التميز بعد هذا الوقت منذ انتهاء الحرب حتى الآن بين جثث مقاتلي "داعش" والمدنيين في ظل غياب المراكز الطبية التي تقدم فحوصات الحمض النووي ودفن أغلب الجثث تحت الأرض بشكل جماعي.
اقرأ/ي أيضًا:
أرقام وأحداث مروعة.. تفاصيل جديدة عن فظائع داعش بحق الإيزيديين
بعد أن وضعت "الإمارات" حجر الأساس منذ سنة.. هل بُني المسجد النوري في الموصل؟