25-نوفمبر-2015

من فيديو لـ صادق كويش الفراجي/ العراق

خدوش يومية

تتورد النحور بعد أن تكشطها السكاكين العمياء، وهي تحيكُ طفحها الجلديَّ المنثورَ على رقابٍ تُحَزُّ ببطء وسلاسة، تمارسُ فعلها اليومَ وسط أناسٍ يتفرسون فينا، نادرًا ما يكون الجو باردًا، لأن الخوف يدهسُنا ببدلات عسكرية، وجنتَهُ تلمُّ الليالي وتورط أجزاءنا الحالمة ببقعٍ متشابكة تريحُ أصداءهم. القطط المتعرية تخيطُ مفعول الحرب بسلتي بملابسي بالطَرَشِ المتعلق فيَّ. كزنبيلٍ يلتقطُ المصابين من المستنقعات، ثمةَ رجال تبخروا لشدة الحزنِ، رغم تجنبي لمشاهد القتل إلا أنها تراودني في يقظتي وحلمي، هرمت عيوني بسراديب تملؤها الحشراتُ، البناؤون للمقابر يلتفعون بأوصالِ المحتضرين، منذ عام 1991 كان بيت جدي يذبحُ بيد طيعة وهسيس العصافير العابرة للقارات، الصواريخ تهدم جزءًا منه وعينايَّ كمنشار تمعن بالهرب.

جعلوا بدني قصاصة ورقة أخذها العصفُ في يومٍ دامٍ، كانت الساعة الخامسة وخمسُ دقائق، القيظ مشتدٌ بالقرب من الحادث، أصوات الباكين والراكضين والخائفين صارت تسددُ اغتيالها المغروز في وسطِ أجسادهم المشوية والمهرولة إلى اللاين. يسيرُ المجنّدون ببساطيلهم الموحلة والمندسة عبرَ أنفاسِ المصروعين والحبيسة بين أركانٍ تندف ذاتها بالملاقط، بالملقطِ وحده تتفسخ أهدابي وتحيلني لجلاديَّ، بالملقطِ تحفرُ أظفارًا تتهجى بالعواء، بالملقطِ نغرزُ النحافة المدججة بالمسالخِ، به تتسخ الطعنات المشوهة بالاحتطاب.

برادُ قتلى وملاعبٌ خماسيةٌ في رأسي

في الثلاجةِ، عتمة المقابر/ رائحة العواء/ المشرحة/ السكاكين/ لحوم متناثرة/ 
فيها كلُ المساكين المنكبين على نافذتين من ملاهي الأطفال
لم تترك لنا بذارًا ننهلُ منه
كل أجنحتها دموع بلاستيكية تنكسر على ضفتينِ من العبوات
لم تترك ربًّا إلا وغازلته بأنفاسها ورائحة عرقها المتخثرة
في الثلاجة، ملابسَ أخي/ شرشفُ المستشفى/ سديةٌ عتيقة/ لعبٌ على أيدي الموتى
حيث الغبارُ المتطايرُ من الدمِ.

فيها أركانٌ مسيجةٌ/ قسمٌ متخصصٌ بالانفجاراتِ/ قاعاتٌ تنحرُ شفرات البارحةِ، هي أفكارٌ جامحةٌ هي قطارٌ باردٌ أشعثٌ يتواردُ كنارٍ أنامُ بصلافة في أحداقها.
جسدي زلقٌ ينفلتُ من قبضةِ حائطٍ ملتهبٍ، يهرعُ راكضًا نحو خلاصة/ يسحبُني القاتلُ بحزامهِ بعبوتيهِ الناسفتينِ بسياراته المفخخة نحو برجينِ منصهرين من الحياة.

سشوار آخر قبل الموت

لا تقترب منيّ وأنا أصفف شعري على وتيرة الجمر 
لا تأت وبيدك ملقطٌ خشن 
لا تنهشني بساطورِك وجسدي مفلوعٌ وسانحٌ لإبركَ 
لا أطأطئ رأسي بيد سميكة وأخرى تمسك السكين
لا أعدل ما تطمسه أشباهي من الجثث المتسلقة غصون الأشجار
لا طفلَ في زنزانة الطفولة كلهم ممسوخون
هرعوا نحو الشواطئ 
لا فوح في قدور تعتاشُ على نارٍ باردة 
لا تزحف البراءة على أردان تؤجر حفيفها وسط انفلاقات متشظية 
لا حاجة لفتاةٍ باكر 
فالعبوة تفضُها أنى تذهب
لا تَنشفُ عيني من البكاءِ فشالاتكنّ الملطخة بالدم تفسدُ عليَّ الرؤيا 
لا كلاكيت لهذه اللقطة المتورمة. 

سياج ضخم وشبابيك موصدة

غرائز الحرب تمارس سُمنها المعتاد في جلدي 
عندما يلمسُ جسدي السوطَ 
يفيض تقرحًا 
عادةً أسمع القضبان تئنُ في صوتها المبحوح 
عادةً أمضي ونسغي يلملمُ أحدنا الآخر من الطرقات المتشظية أوردتنا فيها
أخمد على قدمِ الأمريكي وهي ترفُسني بالمنحنيات 
تشربني الجذوعُ وتهرقني الأغصانُ 
تجردُني بساطيلهم ملابسي فأنزوي
لتبصبص أركاني إلى إشاعات المطأطئين عيونهم نحوي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

يدي في ثلاجة المشفى

مثل آخر كلمة يقولها المسافر