ألترا عراق ـ فريق التحرير
تتعدد أسباب نقص المياه في العراق، بين خارجية تتعلّق بدول الجوار وأخرى مناخية، فضلًا عن أسباب داخلية تتمثل بهدر المياه، ولعلّ أبرز أشكال الهدر و"المؤاخذات" التي يسجلّها دول الجوار على العراق ولا سيما تركيا، هو ترك مياه النهرين تصب في البحر بلا فائدة.
يهدر العراق كميات كبيرة من المياه ويرميها إلى البحر بلا فائدة في الحرب مع اللسان الملحي الذي يتمدّد في شط العرب
وبالرغم من أن مسألة ترك المياه تصب في البحر بلا فائدة قد تكون ناجمة عن ضعف الخطط الاستراتيجية للتخزين أو مشاريع إنشاء السدود الخزنية، إلا أنها أيضًا نتاج المعركة الطويلة التي يخوضها العراق مع اللسان الملحي الذي يزحف من الخليج العربي باتجاه شط العرب والبصرة وتلويث مياهها.
ولم يكن أمام الحكومات المتعاقبة إلا أن توضع في اختبار صعب، فأما أن تسمح للسان الملحي بالتمدد ودخول شط العرب والصعود باتجاه البصرة، أو أن تطلق كميات كبيرة من المياه عبر نهري دجلة والفرات لدفع اللسان الملحي، وفي الحالتين، يمكن القول إنّ العراق كان مهزومًا في المعركة، حيث يهدر كميات كبيرة من المياه ويرميها إلى البحر بلا فائدة في الوقت الذي هو بأمس الحاجة لتخزين هذه المياه خصوصًا في السنوات القليلة الأخيرة وتعاظم مشكلة شح المياه.
أمام هذه المعركة الخاسرة، يبرز خيار قد يكون هو الحل الوحيد لإيقاف هذا الاستنزاف المستمر لجهود ومياه العراق، يتمثل بالسدة التنظيمية، والذي برز الحديث عنها في وقت مبكر وبرز أكثر مع تزايد معاناة البصرة مع تملح المياه، منذ العام 2018.
ويكشف الأكاديمي، نجم عبد طارش، والمطلع بشكل كبير على المشاريع المتعلقة بالمياه ومكافحة الجفاف في العراق، عن "تقدم وزارة الموارد المائية خطوة مهمة للأمام بمشروع تنفيذ السدة التنظيمية على شط العرب جنوب مدينة البصرة"، بحسب تدوينة لطارش على حسابه في فيسبوك واطلع عليها "ألترا عراق".
وزارة الموارد المائية كانت قد فتحت العطاءات لتنفيذ الدراسات لإنشاء السدة، وتم استلام العطاءات من ثلاث شركات عالمية، وهي هايدرونوفا الإيطالية، وديلتاريس الهولندية، وانيرجوبروجيكت الصريية، وتم تحويل العطاءات إلى اللجان المختصة لدراسة هذه العطاءات.
ووصف طارش الأمر بأنه "خطوة للأمام نحو وقف الهدر في مياهنا ومعالجة شحة المياه في عموم البلاد وخاصة مناطق الجنوب".
والناظر لهذه "اللعبة المملة" بحسب وصف مراقبين، سيرى مدى "بدائية" الحل الاستنزافي المتمثل بزيادة الإطلاقات المائية باستمرار وهدرها لدفع أو تأخير اللسان الملحي الذي لا يمل ولا يعجز عن التقدم باستمرار واجتياح شط العرب.
الخسائر بالأرقام
ولفهم الخسائر المائية والهدر الذي تتسبب به "معركة اللسان الملحي الاستنزافية"، يجدر معرفة أنّ الإطلاقات المائية المطلوبة والتي ستكون كافية لدفع اللسان الملحي خارج شط العرب واعادته إلى البحر، تبلغ بين 85- 100 متر مكعب بالثانية.
وباعتماد المعدل المتوسط للإطلاقات المائية بنحو 90 متر مكعب بالثانية، فهذا يعني إطلاق قرابة 8 مليون متر مكعب يوميًا، أو قرابة 3 مليار متر مكعب سنويًا.
وكان معدل الإيرادات المائية سنويًا للعراق تبلغ 60 مليار متر مكعب، إلا أنّ خلال سنوات الجفاف الأخيرة فإنّ إيرادات العراق المائية سنويًا لا تبلغ حاليًا أكثر من 20 مليار متر مكعب، وبذلك فأنّ 15% من إيرادات العراق المائية السنوية تطلق إلى البحر بلا فائدة، كحل استنزافي لمواجهة اللسان الملحي ودفعه ومنعه من التقدم، من هنا يؤكد مختصون على أهمية إنشاء سدة شط العرب لمنع تقدم اللسان الملحي بدلًا من هدر المياه.