13-مارس-2021

أرقام تترجم تفاوت طبقي وانعدام العدالة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لأسباب مختلفة وفي قطاعات عديدة، يظهر العراق حاملًا جملة من التناقضات والمفارقات غير المنطقية، إلا أنه على الرغم من "لا منطقية" المعطيات والتناقضات هذه، إلا أن التفسيرات المستمدة من الواقع العراقي ربما تحوّل ما هو لا منطقي إلى معطيات أكثر واقعية.

المراقبة المنتظمة لبرنامج الغذاء العالمي لاحظت أنَّ نحو 3 ملايين شخص في العراق، منهم 731000 نازح داخلي، لم يكن لديهم ما يكفي من الطعام

تقارير دولية جديدة مختلفة حول العراق جاءت تحمل تناقضات محيرة تتعلق بتصنيف العراق كبلد "بحاجة إلى الطعام"، وفي نفس الوقت احتل العراق المراتب المتقدمة في تقارير أخرى بإهدار الطعام، حتى وصلت حصة الفرد الواحد من الإهدار 120 كغم سنويًا، وهو ما يعطي مفارقة غريبة بهذا الصدد.

العراق ضمن 45 بلدًا بحاجة لمساعدات غذائية

وقبل أيام، صنفت منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو"، العراق ضمن خمسة وأربعين بلدًا بحاجة إلى مساعدة غذائية خارجية.

اقرأ/ي أيضًا: ترقب لتلاعب جديد بسعر الدولار.. قرار سيفرز خاسرين ورابحين في الشارع العراقي

وجاء في تقرير للمنظمة التي يقع مقرها في روما، أن "الإنتاج الإجمالي للحبوب في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض البالغ عددها 51 بلدًا، ارتفع بنسبة 3% مقارنةً بالسنة الماضية ليصل إلى 502.4 ملايين طن"، مضيفًا أن "الانتعاش في أفريقيا الجنوبية والشرق الأوسط فاق التراجع في أفريقيا الوسطى، لكن من المتوقع أن ترتفع المتطلبات الإجمالية لاستيراد الحبوب من جانب المجموعة في السنة التسويقية 2020/2021 لتصل إلى 74.1 مليون طن، حيث تظهر الاحتياجات الإضافية الأكبر في الإقليمين الفرعيين للشرق الأقصى وأفريقيا الغربية". 

وأشارت المنظمة إلى أنها "أجرت تقييمًا لخمسة وأربعين بلدًا بحاجة إلى مساعدة غذائية خارجية شملت كل من إثيوبيا، وإريتريا، وإسواتيني، وأفغانستان، وأوغندا، وباكستان، وبنغلاديش، وبوركينا فاسو، وبوروندي، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والجمهورية العربية السورية، وجمهورية تنزانيا المتحدة، وجمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية، وجمهورية كونغو الديموقراطية، وجنوب السودان، وجيبوتي، وزامبيا، وزمبابوي، والسنغال، والسودان، وسيراليون، والصومال، والعراق، وغينيا، وفنزويلا، وكابو فيردي، وكاميرون، والكونغو، وكينيا، ولبنان، وليبيا، وليبيريا، وليسوتو، ومالي، ومدغشقر، وملاوي، وموريتانيا، وموزمبيق، وميانمار، وناميبيا، والنيجر، ونيجيريا، وهايتي، واليمن".

3 ملايين عراقي لا يمتلكون طعامًا كافيًا

وفي الأثناء، كشفت ممثلية برنامج الأغذية العالمي في العراق، عن نسب مرتفعة من المواطنين العراقيين الذين هم بحاجة للغذاء وأولئك الذين لا يمتلكون مايكفيهم منه، فضلًا عن تأثير خطوة تخفيض الدينار على نسبة الفقر في البلاد.

ممثل البرنامج عبد الرحمن ميجاج قال في تصريح للصحيفة الرسمية تابعه "ألترا عراق" إنَّ "برنامج الأغذية العالمي يرصد أسعار المواد الغذائيَّة، بما في ذلك متوسط سلة الغذاء البالغ 2100 سعرة حراريَّة في اليوم"، مشيرًا إلى أنَّ، "10% من الناس يستخدمون (استراتيجيات التأقلم) للمساعدة في وضعهم، لأنَّهم لا يملكون ما يكفي من الطعام لتناوله، من بين هؤلاء الـ10% نحو 35% يشترون أغذية أرخص، ومن نفس الـ10%، يقترض نحو 27% طعامًا". 

ولفت إلى أن "المراقبة المنتظمة لبرنامج الغذاء العالمي في كانون الأول/ديسمبر الماضي لاحظت أنَّ نحو 3 ملايين شخص في العراق، منهم 731000 نازح داخلي، لم يكن لديهم ما يكفي من الطعام". 

وأضاف ميجاج أنَّ "برنامج الأغذية العالمي يعمل خلال العام الحالي للوصول إلى 849000 شخص في جميع أنحاء العراق، من خلال الدعم الشهري للأشخاص الأكثر ضعفًا، وبناء القدرة على الصمود وبرامج التغذية المدرسيَّة، إلى جانب دعم الحكومة، بما في ذلك رقمنة وإصلاح نظام التوزيع العام للحصص الغذائيَّة، كما يتوسع عمل برنامج الأغذية العالمي في جنوب البلاد". 

العراق يبذر 5 ملايين طن سنويًا!

تأتي هذه التقارير عن حاجة العراق للطعام في الوقت الذي تم تصنيفه في وقت سابق بأنه في مراتب متقدمة بـ"إهدار الطعام"، حتى جاء في المرتبة الثانية بعد البحرين في منطقة آسيا الوسطى، وهو ما يشكل مفارقة واضحة تحتاج إلى تفسير.

وفي تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي كشف عن أن 931 مليون طن من الطعام ترمى في النفايات عبر العالم سنويًّا و64% من تلك الأغذية المهدرة مصدرها البيوت، جاء العراق في المرتبة الثانية بعد البحرين في منطقة اسيا الوسطى بحجم الهدر، حيث يهدر الفرد البحريني 132 كغم سنويًا من الطعام، فيما يهدر الفرد العراقي سنويًا 120 كغم من الطعام.

وبينما قسم التقرير الدول على 4 مستويات في الهدر، المرتفعة، والمتوسطة، والمنخفضة، والمنخفضة جدًا، يلاحظ أن بلدان اليمن وسوريا، التي جاءت ضمن تقرير منظمة "فاو" بأنهما ضمن الدول التي بحاجة إلى الغذاء مع العراق، ظهرت أنها ضمن المستويات "المنخفضة جدًا" في هدر الطعام، وهو ما يتطابق مع مؤشر احتياجها إلى الطعام، بينما جاء العراق في مراتب الهدر المتوسط عالميًا، في مفارقة واضحة مع كونه يهدر نحو 5 مليون طن سنويًا من الطعام في الوقت الذي يصنف على أنه من البلدان التي بحاجة للمساعدات الغذائية الخارجية.

مؤشر لـ"انعدام العدالة"

يرى المختص في الشأن الاقتصادي منار العبيدي في حديث لـ"ألترا عراق" أن "هذا التضارب يعكس بشكل واضح تفاوت توزيع واردات الدولة العراقية".

ويضيف العبيدي أنه "لو راجعنا واردات العراق نجد أنه يدخل له سنويًا نحو 80 مليار دولار بينما العراقيين الذين تحت مستوى الفقر ووارداتهم اليومية أقل من 5 دولار بحدود الـ11 مليون شخص".

طالبت مفوضية حقوق الانسان الحكومة باتخاذ اجراءات لإعادة "التوازن الغذائي" لفئات المجتمع العراقي الأكثر تضررًا من رفع سعر الدولار

ويبيّن أنه "بالتالي فإن هناك توزيع غير عادل لواردات الدولة العراقية أفرز طبقة مستفادة بشكل كبير من هذه الواردات مقابل طبقة معدمة، ما يؤشر بشكل واضح سوء إدارة واضحة في توزيع إيرادات الدولة العراقية".

اقرأ/ي أيضًا: التهريب عبر منافذ إقليم كردستان.. خسائر باهظة وفيروسات تضرب ثروات العراق

من جانبها، طالبت مفوضية حقوق الإنسان، الحكومة باتخاذ إجراءات لإعادة "التوازن الغذائي" لفئات المجتمع العراقي الأكثر تضررًا من رفع سعر الدولار الذي أدى لزيادة أسعار السلع والمواد الغذائية".

وقال عضو مجلس المفوضية أنس أكرم محمد، في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إن "رفع سعر الدولار أدى لزيادة في أسعار السلع والمواد الغذائية بنسبة 14 % وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الوطني الغذائي ويضاعف من مستويات الفقر المعلنة في العراق".

وشدّد على ضرورة أن "تتعامل الحكومة بجدية ومهنية مع تقرير برنامج الاغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) الذي أشر خلل الإجراءات الحكومية غير المدروسة وأثرها على السوق والمستوى المعيشي وأمن العراق الغذائي والإنساني مع تطابق الإحصائيات المعلنة من وزارة التخطيط العراقية والمنظمات الدولية والتي أشرت تجاوز نسبة الفقر في العراق حاجز 31%".

وبحسب محمد، فإن الحكومة وأجهزتها التنفيذية مطالبة بـ"مراجعة قراراتها الاقتصادية وسياساتها المالية، وتكثيف جهودها لتقليل الآثار السلبية لسياساتها ودعم المواطن بشكل عام والفئات الأكثر تضررًا على وجه الخصوص في ظل أزمة أقتصادية وصحية قد تسبب اختلالات مجتمعية أكثر سلبية في حال عدم معالجتها بالشكل الصحيح" .

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خلال نصف قرن من تاريخ "أرض السواد": ما هو مصير 33 مليون نخلة عراقية؟

الأسواق العراقية "تئن" من منافذ كردستان.. كيف يصل "المهرب" من أربيل للبصرة؟