اعتبار الفن وسيلة إصلاحية متعددة في مجتمع يعاني من صراع طائفي بلا هوادة منذ سنوات، تسوده التفرقة والصراعات، مصاب باختلال في منظومته الفكرية والاجتماعية، إثر هذه الحروب والصراعات الدموية؛ طرح مثالي يعتبره البعض.
تأثير الفن ودوره واقع قد لا يحتاج إلى عرض أو أدلة، إنه أشبه ما يكون بديهيًا
لكن أعضاء فريق "الفن الإنساني" في حديثهم مع "ألترا صوت" لديهم وجهة نظر مغايرة. تقول الفنانة قبس الجابري، عضوة الفريق: "الفن من أهم وسائل إصلاح الفرد والمجتمع، يوّصل القيم والأفكار الصحيحة بصورة مباشرة إلى المتلقي بشكل دقيق، لايحتمل الالتباس أو التضليل، إذ غالبها مشاعر إنسانية من الفنان إلى الإنسان العادي"
اقرأ/ي أيضًا: تريد أن تقتل بضمير مرتاح؟ كونيسا يجيبك
وتضيف: "للفن أهمية كبرى، سواء على حياة الفرد أو المجتمع، لما له من وظائف عديدة سواء بصفته وظيفة تربوية لتربية المشاعر والتسامي بالحس، أو وظيفة عملية للحفاظ على التراث، أو حتى باعتباره وظيفة توجيهية فكرية من خلال ترجمة الأفكار والقيم وعرضها للمتلقي، فضلًا عن كونه وسيلة للتسلية والمتعة".
من جهتها تؤكد الفنانة هبة الطائي دور الفن وأهميته: "هناك تجارب عديدة أثبت الفن أنه أكثر من وسيلة إصلاحية، اللوحات المشهورة عالمية، والروايات والقصص والمسرحيات والأفلام.. إلخ، جميعها من استطاعت أن تحقق تغييرًا كبيرًا وتحقق واقعًا مختلفًا لا يستهان به". وتقول أيضًا: "إن تأثير الفن ودوره واقع قد لا يحتاج إلى عرض أو أدلة، إنه أشبه ما يكون بديهيًا، فمن منا لم يتأثر عند استماعه لمقطع موسيقي، أو عند قراءته القصص؟ من منا لم تتغير أفكاره عند مشاهدته مسرحية أو فيلمًا".
محاربة الصراع الطائفي والحث على قيمة الإنسان في دوامة الصراعات التي يعاني منها البلد، ليست الأسباب الوحيدة وراء انضمام سؤدد الرماحي، المهندسة والفنانة التشكيلة، التي تؤكد أن: "المرأة والطفل أكثر ما يشغلني للتعبير، وسبب وجودي في الفريق"، وتوضح ذلك: "بات واضحًا حجم المعاناة التي تعاني منها المرأة العراقية، نتيجة الحروب والنزوح وخط الفقر، في فريق الفن الإنساني نجتمع لتدوين هذه المعاناة وتعريف المجتمع بها كبداية لإنهاء المعاناة، وفي الوقت ذاته نكسر الحواجز أمام المرأة لتعبر عن معاناتها والاضطهاد الحاصل لها".
في السياق ذاته، تتحدّث الكاتبة سهام الهاشم عن أسباب انضمامها إلى الفريق: "إن أثر الصراعات وغياب التوجيه الأسري والتعليمي؛ أدى إلى تزايد ظاهرة المشاكل الأسرية في المجتمع، من ارتفاع في نسب العنف الأسري، وزواج القاصرات، وحرمان الفتيات من التعليم، قضايا مثل هذه تحتاج إلى وسيلة متعددة مؤثرة لتسليط الضوء عليها. الفن الإنساني بأعضائه، وتعدد مواهبهم، عرض هذه المشاكل ومعاناة ضحاياها".
أثر الصراعات وغياب التوجيه أدى إلى تزايد ظاهرة المشاكل الأسرية في المجتمع العراقي
أما الفنان رامي مؤيد الذي تختص أعماله في ترجمة التراث والحضارة على شكل مجسمات صغيرة، فيرى أن: "التنوع وتعدد المواهب كفيل بإيصال رسالتنا إلى المجتمع، وتحقيق أهدافنا للنهوض به، من خلال توجيه هذه المواهب، مما يحقق فاعلية ويجعلها رسالة مميزة غير تقليدية، تقوم على أكثر من شكل من أشكال الفن"، ويضيف: "تنوع أعضاء الفريق من أديان وقوميات مختلفة يؤمنون بقيمة الإنسان، عامل مهم يعزز من نجاح المشروع، وتحقيق أهدافه الإنسانية واهتماماته بمعالجة القضايا الاجتماعية".
اقرأ/ي أيضًا: أديب كمال.. الهوس بالحروف
تختم المهندسة مرام عبد الحكيم التعريف بمجموعة "الفن الإنساني" بأنها مجموعة تطوعية، الأولى من نوعها، وتشرح أهدافها: "المشروع ببساطة تكوين فريق من الفنانين والمبدعين، يعملون على تكريس مواهبهم لإنتاج أعمال فنية، تخدم القضايا الإنسانية والاجتماعية، من شأنها تعزيز التماسك الاجتماعي وتنشر مبادئ حقوق الإنسان. هناك أنشطة فردية للأعضاء مستمرة، من معارض فنية ورسم جداريات، تعبر عن أهداف الفريق، وتلامس قضايا إنسانية واجتماعية تخص المجتمع".
أما عن برنامج الفريق فتقول: "تم الانتهاء من تخطيط جملة مشاريع وأنشطة على أرض الواقع ستتم المباشرة بها في الشهر القادم، تتمثل بافتتاح معارض فنية وورش عن تأثير الفن بالتغيير الاجتماعي، فضلًا عن أنشطة مستمرة بشكل شبه يومي من خلال صفحات الفريق على مواقع التواصل، يجري خلالها نشر إنتاجات أعضاء الفريق من مقالات ونصوص أدبية ولوحات فنية وأفلام قصيرة".
اقرأ/ي أيضًا: