يسيطر الركود الاقتصادي على الأسواق العراقية خلال الأسابيع القليلة الماضية مع تزايد الشائعات التي نفتها الحكومة بشأن خفض قيمة الدينار مقارنة بالدولار الأمريكي وعدم إقرار الموازنة المالية، وسط استمرار المطالبات بإعادة النظر بقرار الحكومة السابقة.
بسبب ثقافة الريع النفطي فلا يعتبر العراق من البلدان المنتجة اقتصاديًا
وخفض البنك المركزي العراقي أواخر عام 2020، قيمة الدينار المحلي مقابل الدولار الأمريكي، في وقت تزامن مع أزمة مالية خانقة عصفت بالبلاد نتيجة انهيار أسعار النفط العالمي جراء أزمة فيروس كورونا آنذاك.
أسباب الأزمة
والركود الاقتصادي الآن يضرب جميع دول العالم، خصوصًا وأن العراق يرتبط بالتأثيرات العالمية كونه يعتمد بدرجة أساسية على الاستيراد، وفقًا للخبير الاقتصادي عامر الجواهري.
وفي حديث لـ"ألترا عراق"، يقول الجواهري إنّ "الواقع الاقتصادي في العراق غير منتج وبالتالي فإن الركود الآن يعتبر أشد مقارنة مع باقي الدول"، مشيرًا إلى أنّ "هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء هذه الأزمة أبرزها اعتماد البلاد على الاستيراد مع تضخم العمالة الأجنبية".
وبشأن أسعار الدولار، تحدث الخبير الاقتصادي، قائلًا إنّ "الحكومة الحالية لن تلجأ إلى تغيير سعر الدولار كون هذه العملية تحتاج إلى تغييرات عديدة مرتبطة بسياسية الدولة".
وفي تعليق للبرلمان حول الدولار، أكدت اللجنة المالية النيابية الأسبوع الماضي، عدم وجود نية للبنك المركزي العراقي في تغيير سعر صرف الدينار أمام العملة الأمريكية.
ووفقًا للجواهري، فإن الحديث عن إمكانية إجراء تغيير على سعر الدولار سيكون له آثار سلبية ويزيد من الركود الاقتصادي الذي يضرب العراق منذ فترة.
محافظ البنك المركزي العراقي، مصطفى غالب مخيف، خرج بتصريح عقب ظهور دعوات شعبية وسياسية بشأن إعادة سعر الدولار كما في السابق، بالتأكيد "أنهم لا ينوون بأي شكل من الأشكال المساس بسعر الصرف الحالي للدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي".
أوضاع الأسواق المحلية
وعلى خلفية قرار رفع قيمة الدولار مقارنة بالدينار المحلي، شهدت الأسواق وعلى مدار العاميين الماضية ارتفاعًا كبيرًا في جميع السلع حتى ذات الإنتاج المحلي، مما سبب سخط المواطنين الذين لا يزالون يطالبون بإعادة النظر بقرار الحكومة السابقة.
وفي هذا الصدد، يقول أحد تجار المدينة بغداد في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "الأسواق باتت تشهد ركودًا غير مسبوق مع تراجع المتبضعين"، مبينًا أنّ "أسعار السلع منذ العام 2020 إلى الآن تتغير من شهر إلى آخر ولم تثبت".
ويضيف محمد الشمري، تاجر الملابس الرجالية، أنّ "تغيير سعر الدولار أضر في الأسواق بشكل كبير كون أن جميع البضائع هي مستوردة مما أجبر التجار على رفع أسعار المواد وبالتالي جاء الركود".
في حين، يقول سلام أحمد، تاجر المواد المنزلية، إنّ "شائعات تغيير سعر الدولار هي من تتحكم بالأسعار في الأسواق، وهذا الموضوع لم يكن وليد الأيام القليلة السابقة وإنما ازداد منذ العام 2020 الذي تغير فيه سعر الصرف".
وبحسب حديث التاجر لـ"ألترا عراق"، فإنّ "الحكومة مطالبة بالسيطرة على هذه الشائعات لإعادة استقرار الأسواق أو إعادة سعر الصرف كما كان سابقًا لحل هذه المشكلات".
وبلغ سعر الصرف الذي حدده البنك المركزي 1450 دينارًا للدولار الواحد، بدلًا من السعر السابق البالغ 1190 دينارًا، مما أثار غضب الشارع كون الفارق أصبح كبيرًا.
وفي بيان سابق صدر بالتزامن مع قرار خفض قيمة الدينار، وعدت وزارة المالية بأنّ "قرار تعديل سعر الصرف سيكون لمرة واحدة فقط ولن يتكرر مستقبلًا".
3 أسباب وراء الأزمة
مصطفى أكرم، الباحث الاقتصادي، يرى أنّ هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء الركود الاقتصادي الذي اجتاح الأسواق المحلية في العراق وأبرزها:
- أولًا: ترقب أداء الحكومة الجديدة وحركاتها المالية.
- ثانيًا: انتظار الإنفاق الحكومي والمقصود به الموازنة المالية.
- ثالثًا: توزيع الحصص التموينية مما يسمح للعائلات الاكتفاء وعدم شراء المواد الغذائية.
وتوقع الخبير الاقتصادي، خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، عودة النشاط التجاري بنسبة 25% الشهر المقبل وهو موعد تمرير الموازنة المالية للعراق حسب تصريحات أعضاء مجلس النواب.
وختم أكرم، حديثه بالقول إنّ "أبرز القطاعات المتأثرة بالركود الاقتصادي هو قطاع بيع وشراء السيارات، الأجهزة الكهربائية، بسبب التذبذب الأخير الذي ضرب أسعار صرف الدولار".
يتوقع أحد الخبراء الاقتصاديين أن يعود النشاط التجاري للأسواق بعد تمرير موازنة العام 2023
ورغم حديث رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني، خلال مؤتمر صحفي بالقول إنّ "قرار تغيير سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار من صلاحيات البنك المركزي، ونحن ملتزمون بتنفيذ ما يراه البنك المركزي"، إلا أن الأسواق شهدت تذبذبًا ملحوظًا بأسعار صرف الدولار.