الترا عراق - فريق التحرير
عبر حيل ملتوية وعمليات تزوير تدار على يد شبكة موظفين في دوائر الدولة بـ "مساعدة سياسيين وميلشيات متنفذة"، فقد المسيحيون في العراق عشرات آلاف العقارات في نوع من أشكال العنف الذي دفع غالبية الأسر المسيحية في البلاد إلى الهجرة.
بدأت أطراف مسلحة حملة "شيطنة" مبكرة ضد زيارة البابا التاريخية إلى العراق
ومع بدء "رحلة حج" البابا إلى العراق، يسلط الضوء بشكل كبير على واقع المسيحيين في البلاد، إذ تهدف الزيارة بشكل أساس إلى دعمهم وتعزيز مستوى حمايتهم، لكن ذلك يصطدم بقوى متنفذة وفصائل مسلحة أطلق بعضها حملة "شيطنة" مبكرة للزيارة البابوية.
اقرأ/ي أيضًا: البابا قبيل توجهه للعراق: أرغب بلقاء الشعب الذي عانى كثيرًا
وتعود العقارات "المسلوبة" في الغالب إلى أسر مسيحية غادرت البلاد خلال سنوات العنف الطائفي أو صعود تنظيم "داعش" وصولاً إلى الفترة التي هيمنت فيها الفصائل المسلحة على مساحات واسعة من المناطق المحررة، كما يروي سلام ريمون لـ "الترا عراق".
بيع منزل ريمون، 38 عامًا، في حي الوحدة في العاصمة بغداد بـ "وثائق مزورة"، بعد أشهر فقط من مغادرته البلاد عام 2007، فيما تقول الحكومة المحلية إنّ نحو 70% من بيوت المسيحيين المهاجرين من بغداد قد استولي عليها لصالح "جهات متنفذة"، تقع غالبيتها في أحياء محددة وسط العاصمة كشارع الصناعة.
ويقول ريمون، إنّ عائلته قامت بتوكيل محامي لمتابعة دعوى قضائية لاسترداد المنزل، لكن سرعان ما اعتذر المحامي عن إكمال القضية "حفاظًا على حياته" بعد تعرضه لضغوطات وتلقي تهديدات صارمة.
وانخفضت حملات الاستيلاء على منازل المسيحيين في العاصمة لكنها تصاعدت بشكل محموم، خلال السنوات الأخيرة، في المحافظات المحررة خاصة مناطق سهل نينوى والموصل، والتي سيكون لها نصيب من زيارة البابا، لحث السلطات على توفير الحماية للمسيحيين في أرجاء البلاد وتشجيع الطوائف المسيحية المتضائلة التي تعرضت للاضطهاد العنيف، والدفع إلى المزيد من الحوار مع الأغلبية الشيعية التي تنتمي إليها الفصائل المسلحة المتنفذة.
وتراجع عدد المسيحيين في العراق إلى الثلث، كما يؤكد بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال لويس ساكو، أمام "تقصير" الدولة تجاه المناطق المسيحية التي تضررت على يد تنظيم "داعش".
فقد المسيحيون نحو 60 ألف عقار بعمليات استيلاء نفذتها جهات سياسية متنفذة وفصائل مسلحة
ومع الإعلان عن زيارة البابا قبل أشهر، أطلق مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، حملة لـ "استعادة عقارات المسيحيين المغصوبة"، لكنها لم تكن سوى حملة "دعائية"، خاصة وأنّ التيار الصدري هو أحد الجهات المتهمة في ملف الاستيلاء على المنازل والعقارات وأراضي الدولة.
ويقول النائب السابق جوزيف صليوا لـ "الترا عراق"، إنّ "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يُشكر على هذه المبادرة، لكن بعض العناصر التابعة للتيار الصدري متورطة في الاستيلاء على بيوت المسيحيين، والتيار الصدري يعلم بذلك".
وينتقد صليوا، تسخير الملف لـ "تحقيق أهداف إعلامية" في ظل وجود نحو 60 ألف عقار "مغتصب"، مؤكدًا أنّ مشروع رد الحقوق "يجب أن يدار من قبل الدولة وليس أية جهة سياسية".
ويشير صليوا، إنّ "أغلب القوى التي تمتلك أذرع مسلحة شاركت في اغتصاب منازل وعقارات المسيحيين في أرجاء البلاد على امتدادها، من البصرة جنوبًا مرورًا بذي قار ومدن الوسط والعاصمة بغداد، وصولاً إلى نينوى وحتى إقليم كردستان".
ويقدر عدد المسيحيين من الطوائف المسيحية القديمة في العراق بأكثر من 1.5 مليون شخص حتى عام 2003، لم يتبق منهم سوى أقل 300 ألف شخص، بسبب أعمال العنف والقتل والتهجير، بحسب تقرير صحافي أعدته "رويترز".
وينقسم المسيحيون إلى طوائف، أبرزها: الكلدان بنسبة 80%، السريان 10%، الآشوريون بما فيهم الكاثوليك 5%، فضلاً عن الأرمن الذين يمثلون حوالي 3%، والعرب وهم المجموعات الأصغر بحوالي 2% من السكان المسيحيين العراقيين.
تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1.5 مليون شخص إلى أقل من 300 ألف بسبب أعمال عنف وتهجير
وعلى الرغم من أهمية زيارة البابا إلى العراق، إلى أنّها لن تغير كثيرًا من واقع المسيحيين في بلاد مثقلة بالأزمات. "لا تفكير بالعودة الآن. هذا مستحيل"، يقول المسيحي البغدادي ريمون الذي يعيش في السويد منذ 14 عامًا.
ويضيف، أنّ "العودة هي أمنية، لكن الواقع يفرض نفسه، على أمل أنّ تتغير الأوضاع يومًا ما فنستعد منزلنا".
اقرأ/ي أيضًا:
مخاطر جولة السيارة المكشوفة.. لماذا يصر البابا على الرحلة إلى العراق؟
3 آثار استباقية للزيارة التاريخية.. هل يقوّض "لقاء الشيخين" العنف في العراق؟