مرت نحو 7 سنوات على قرار حظر طيران العراقي، وتحديدًا الخطوط الجوية العراقية من التحليق في سماء أوروبا، ولم يتمكن العراق إلى الآن من تحقيق الشروط التي تتيح إلغاء القرار الدولي الذي كان له تأثيرات اقتصادية سلبية كبيرة على البلاد.
حظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا نهائيًا قبل 7 أعوام
وفي العام 2015، جرى حظر الطائر الأخضر من الطيران في سماء أوروبا بسبب عدم استيفائها معايير المنظمة الدولية للطيران المدني، مما سبب سخطًا كبيرًا في الشارع العراقي، الذي اتهم الجهات المعنية بالتقصير.
مطلع شهر حزيران/يونيو من العام 2022، جددت وكالة سلامة الطيران الأوربية التأكيد على حظر الخطوط الجوية العراقية في أجوائها، مؤكدة أنه سيستمر لحين تلبية متطلبات التشغيل الآمن من خلال الاستجابة لمتطلبات شهادة مشغل البلد الثالث TCO.
230 مخالفة على العراق
عامر عبد الجبار، وزير النقل الأسبق يقول إن "حظر الطيران العراقي فرض منذ تسعينيات القرن الماضي، واستمر لغاية العام 2009، فيما رفع بعد إزالة كافة المخلفات التي كانت متواجدة على الطائر الأخضر".
وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يشير عبدالجبار، إلى أن "العراق عاود تسجيل الخروقات منذ العام 2012 فيما تم حظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا عام 2015 بشكل رسمي ونهائي"، مبينًا أن "المنظمة الدولية للطيران (آيكا) والمنظمات العالمية الأخرى الخاصة بالطيران مثل (إياتا) و(إياسا)، أكدت أن سلطة الطيران العراقية والخطوط الجوية لم يلتزما بإجراءات السلامة وغيرها من الضوابط".
الجهات الأوروبية سجلت أكثر من 230 مخالفة على الطيران العراقي - والكلام للوزير الأسبق - الذي استطرد بالحديث قائلًا، إن "العراق فشل في إعادة رفع الحظر عن العراق منذ العام 2015 إلى الآن، رغم مرور 7 سنوات على عودة الحظر الجوي".
وتابع بالقول، إن "قرار الحكومة في العام 2018، الخاص بفصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل بسبب اجتهادات شخصية كان له آثار سلبية وقعت على قرار رفع الحظر عن العراق كون أن الوزارة هي الجهة المعنية بالمخاطبات الرسمية، وأصبحت غير قادرة على توجيه سلطة الطيران المدني بحكم قانونية الموضوع".
قرار فصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل أثر سلبًا على ملف حظر الطيران العراقي بحسب مراقبين
وكان مجلس الوزراء برئاسة حيدر العبادي، قرر في أيار/مايو 2018، فصل سلطة الطيران عن وزارة النقل وإلحاقها بمجلس الوزراء بشكل مباشر.
ويضيف الوزير الأسبق، أن "وعود وزارة النقل بشأن رفع الحظر نهاية العام الجاري غير منطقية ومستبعدة كون المدراء والمختصين في الوزارة والخطوط الجوية العراقية غير مؤهلين لمناصبهم، وهذه أبرز الأسباب التي تقف أمام القرار المنتظر".
وختم عبدالجبار حديثه بالقول، إن "قرار رفع الحظر مرتبط بالعديد من المتطلبات أبرزها ربط العراق مع المنظمة الدولية للطيران (آيكا) ببرنامج التدقيق (اليوسوب)، فضلًا عن عودة ارتباط سلطة الطيران المدني مع وزارة النقل".
وأطلق برنامج الإيكاو العالمي لتدقيق مراقبة السلامة ما يعرف باسم (USOAP) في الأول من كانون الثاني/يناير العام 1999، استجابة لمخاوف واسعة النطاق حول مدى كفاية الرقابة على سلامة الطيران في جميع أنحاء العالم.
وتركز مراجعة حسابات (USOAP) على قدرة الدولة في توفير الرقابة على السلامة من خلال تقييم العناصر الحرجة (CEs) لنظام مراقبة السلامة، والتي تمكن الدولة المعنية من ضمان تنفيذ معايير السلامة ICAO والممارسات الموصى بها (SARPs) والإجراءات المرتبطة بها والمواد التوجيهية.
وأظهرت وثائق صادرة عن منظمة سلامة الطيران الأوروبية "إياسا"، مطلع العام الجاري، استمرار حظر طيران أكثر من 10 شركات عالمية في الأجواء الأوروبية بينها طائرات الخطوط الجوية العراقية، برفقة طائرات لشركات من فنزويلا وإيران ونيجيريا وأنغولا وأفغانستان وزمبابوي.
مساعٍ عراقية جديدة
في المقابل، كشفت وزارة النقل العراقية، في وقت سابق من العام الحالي، عن اتخاذ العراق إجراءً لإكمال متطلبات رفع الحظر الأوروبي عن الخطوط الجوية.
يسعى العراق لرفع الحظر الأوروبي عن طيرانه خصوصًا وقد زاد عدد المراقبين الجويين لأجل ذلك
وزير النقل الحالي ناصر الشبلي، قال في بيان رسمي إن "العراق يعمل حاليًا على فصل مقدم الخدمة (المطارات) عن السلطة تطبيقًا لمتطلبات المنظمة الدولية للطيران المدني".
من جانبها، ناقشت سلطة الطيران المدني العراقي، في (4 أيار/مايو 2022)، مع المفوضية الأوربية ووكالة سلامة الطيران الأوربية EASA ملف رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية، فيما دعت الحكومة العراقية على لسان الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، الشهر الماضي، الاتحاد الأوروبي لأخذ دور إيجابي بشأن رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية.
وبحسب حديث العديد من المراقبين، لـ"ألترا عراق"، فأن الخطوط الجوية العراقية تكبدت خسائر مالية فادحة عقب قرار حظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا نتيجة لعدم التزامها بمحددات السلامة الدولية ولسنوات عديدة.
ويكشف المراقبون، عن امتلاك الخطوط الجوية العراقية 31 طائرة مختلفة السعات والطرازات جميعها اشتريت بعد العام 2003، فيما ينتظر العراق وصول طائرات جديدة من كندا وأمريكا.
وضمن إجراءات العراق لرفع الحظر الجوي هي زيادة المراقبين الجويين، حيث أكدت وزارة النقل أن "الأجواء العراقية أصبحت تدار بأيادٍ عراقية من قبل 300 مراقب جوي، ما شجع على مرور الطائرات الدولية العابرة، ليبلغ عددها حوالي 800 طائرة يوميًا".
وتشير الوزارة إلى أن هذه الطائرات العابرة تسجل وفق نظام لتحقيق دعم إيرادات الدولة، بالإضافة إلى الترانزيت الذي سيكون إضافيًا للخزينة، لافتة إلى أن "العام 2021 شهد عبور 150 طائرة يوميًا".
أسباب الحظر الجوي
إلى ذلك، يقول فارس الجواري، الباحث والاستشاري في مجال الطيران إن "العراق لم يتمكن إلى الآن من تلبية المتطلبات الخاصة للمنظمة الدولية للطيران"، مستبعدًا وجود ارتباط بين "الأوضاع السياسية التي يعيشها العراق على القرار الدولي المفروض على البلاد".
يستبعد متخصصون ارتباط الحظر الجوي على الطيران العراقي بالأوضاع السياسية في البلاد
ووفقًا للجواري، فهناك إجراءات يجب تنفيذها من قبل قسم السلامة الجوية بهدف تطبيق معايير السلامة الجوية، والتي تعمل بدورها على إلغاء قرار رفع الحظر المفروض على طيران الخطوط الجوية العراقية.
ويتحدث الخبير في مجال الطيران لـ"ألترا عراق"، قائلًا إن "أساس حل هذه المشاكل تكون من خلال التنسيق بين قسم توكيد الجودة في شركة الخطوط الجوية وقسم السلامة في سلطة الطيران المدني لتطبيق معايير السلامة المطلوبة في تعليمات إصدار شهادة المشغل الجوي AOC الممنوحة للشركة (بجدية وشفافية بعيدًا عن أي تدخل)، وذلك بتطبيق حقيقي للوائح وقوانين ICAO وخصوصًا في الملاحق".
وبحسب الجواري، فأن الملاحق تتضمن الآتي:
- أولًا: الملحق 1 – ترخيص العاملين
- ثانيًا: الملحق 2 – قواعد الجو
- ثالثًا: الملحق 6 – تشغيل الطائرات
- رابعًا: الملحق 8 – صلاحية الطائرات للطيران
هذه الملاحق تعتبر مطابقة لإجراءات فحص الأهلية للائحة المعايير (TCO.GEN.115) المطلوبة للحصول على شهادة مشغل البلد الثالث Third Country Operator، بحسب كلام الجواري.
ومن المعروف أن الخطوط الجوية العراقية تأسست بواسطة جمعية الطيران العراقية، حين قررت هيئتها الإدارية في (18 أيار/مايو 1938)، استثمار فائض حملة التبرعات الوطنية الشاملة التي أثمرت عن تمكين القوة الجوية العراقية آنذاك من شراء 15 طائرة قاصفة ومقاتلة إيطالية (بريدا وسافوي) وكان الفائض مقداره 23000 دينار عراقي مكّنها من شراء ثلاث طائرات بريطانية (دي هافيلاند دراغون رابيد).