30-مارس-2021

فشلت الحكومات المتعاقبة في تغطية البطاقة التموينية (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

بعد 17 عامًا من احتلال العراق، لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن توفر مفردات البطاقة التموينية، بينما كان التجهيز قبل 2003، والبلاد تحت الحصار الاقتصادي بكميات مضاعفة، حتى وصلت السنوات الأخيرة من عمر نظام صدام حسين، إلى التجهيز أكثر من وجبة في الشهر الواحد وبمفردات متكاملة.

فشلت الحكومات المتعاقبة في تغطية البطاقة التموينية من خلال الإنتاج المحلي واعتمدت بشكل كبير على المستورد

بعد 2003، ارتفع سقف أماني العراقيين، حتى شاع أن الحصة التموينية، ستأتي بالـ"الجعة" ومشتقات الألبان والعصائر، لكن الواقع كان قاسيًا، قُلصت المفردات وتباعدت فترات التجهيز، وأجبر المواطن على شراء المستورد، حتى المواد الأساسية، مثل الرز والشاي والزيت والسكر.

تجهيز "مخفض".. جودة "سيئة"

فشلت الحكومات المتعاقبة في تغطية البطاقة التموينية من خلال الإنتاج المحلي، واعتمدت بشكل كبير المستورد، وكانت المخصصات المالية للبطاقة التموينية للأعوام من 2006 إلى 2010، تتراوح ما بين 6 إلى 7 مليارات دولار، وعام 2021 بلغت 648 مليون، وهذا يعني أن التخصيصات هبطت لنسبة 10 %، بحسب المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون، والذي يصف الهبوط الأخير للتخصيصات بـ"الانتكاسة".

اقرأ/ي أيضًا: توضيح حول قرار حجب البطاقة التموينية عن فئات محددة

وأضاف حنون في تصريحات صحفية، أن "التخصيصات المالية للوزارة خلال العام الجاري هي 648 مليار دينار، لثلاث مواد أساسية هي السكر والزيت والرز، في حين توزع مادة الطحين من الحنطة المسوقة من الفلاحين ضمن الموسم التسويقي، أي أن المواطن سيستلم أربع مواد أساسية لست وجبات، باستثناء الطحين الذي قد يصل إلى 10 أو 11 وجبة في السنة".

وتابع حنون "أن المواطن سيستلم كامل حصته من مادة الطحين، في حين المفردات الباقية من السكر والرز والزيت، سيستلمها خلال 45 يومًا"، مشيرًا إلى أن "مشكلة البطاقة التموينية في العام الماضي هي عدم وصول المبالغ إلى الوزارة، وبالتالي ما وصل للوزارة هو مقدار يكفي لأربع وجبات لأربعة أشهر، في حين أن المبالغ المتبقية هي أكثر من 159 مليار دينار".

يصف أحمد عبد، المواد المجهزة من الحكومة بـ"السيئة"، ما يجعل الكثير من المواطنين الذين لديهم دخل وسطي، يتوجهون لشراء نوعيات جيدة مستوردة، خاصة الرز، معضدًا كلامه بـ"شبهات الفساد الكثيرة التي أثيرت حول عقود استيراد الرز، فضلًا عن تأخر التجهيز لنحو شهرين، يدفع المواطن إلى اللجوء إلى الأسواق، وهذا يتعلّق بالدرجة الأولى بالسلع الاستهلاكية مثل زيت الطعام والسكر".

عبد، وهو تاجر جملة، يضيف لـ"ألترا عراق"، أن "المائدة العراقية لا تقتصر على المواد الأربعة المجهزة من الحكومة، إذ تتصدر البقوليات قائمة الاحتياجات بالإضافة إلى الشاي، وهذه المفردات كانت تجهز قبل 2003 بكميات فائضة، وعدم تجهيزها يثقل ميزانية المواطن بشكل كبير"، لافتًا إلى أن "الحكومة لو كانت جادة بإيجاد آلية غير مكلفة، بإمكانها الاعتماد على الزراعة المحلية، من خلال دعم هذه المفردات وشراءها من الفلاح، مثلما يحدث بمحصولي الحنطة والشعير".

يحتاج سلام محسن، كيس من الرز الهندي شهريًا، وهو من النوعيات عالية الجودة ويبلغ سعره 45 ألف دينار، بالإضافة إلى الشاي والبقوليات، والنقص في مادتي السكر وزيت الطعام بنسب متفاوتة، فيما تبلغ فاتورة جميع المواد شهريًا نحو 125 ألف دينار، لتوفير مؤونة شهر كامل.

يقول محسن وهو رب عائلة مكونة من ثمانية أفراد لـ"ألترا عراق"، إن "المواد أعلاه لا تعد ترفيهية، وليست فاخرة، هي متوسطة، وبالرغم من ذلك يصعب عليّ توفيرها، ما يجعلني لا أشتريها بالنقد، وهناك فاتورة مدورة مع تاجر المفرد، بالإضافة إلى الاحتياجات المنزلية الأخرى، أقوم بتسديد نصف المبلغ شهريًا، لأتمكن من ترتيب مرتبي الشهري مع الاحتياجات، وتوفير مبلغ للطوارئ، وغالبًا، تصفر ميزانيتي في آخر أيام من الشهر".

ارتفاع سعر صرف الدولار

يعد ارتفاع الأسعار، ضربة مالية جديدة تلقتها الطبقات الفقيرة ومتوسطة الدخل، ويشير محسن إلى أن "ارتفاع سعر الدولار والبضائع، ساهم بتعاظم العجز المالي لمعظم الموظفين، إذ يستلم مليون دينار شهريًا، وهي تساوي نحو 800$ على سعر صرف الدولار السابق، لكن الارتفاع أدى إلى انخفاض قيمة المرتب، وارتفاع أسعار البضائع"، مستطردًا "لو كانت الدولة تمتلك المنتج المحلي، لكان المواطن غير معني بارتفاع سعر الدولار لهذه الدرجة، إذ تبقى الأسعار على حالها".

تعزو الحكومة ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى "جشع التجار"، وعدم ارتباط الموضوع بارتفاع سعر صرف الدولار

في السياق، يقول تاجر الجملة أحمد عبد، إن "سعر كيس السكر ارتفع من 33 ألف دينار إلى 39 ألف دينار، وسعر عبوة زيت الطبخ وصلت إلى ثلاثة آلاف دينار بعد أن كانت تباع بنحو ألف ونصف دينار"، لافتًا إلى أن "أسعار جميع المواد غَلَت، بعد سعر صرف الدولار، لذا نبيع للمواطن وفقًا لسعر الدولار".

وينفي عبد، علاقة التجار بارتفاع الأسعار، معللًا "بارتفاع السعر من المجهز الرئيسي بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، لأن الدفع يكون بالدولار"، لكنه لا ينكر أن "بعض التجار استغلوا الظروف وساهموا بزيادة أسعار المواد الغذائية، بالرغم من عدم شراءهم للبضاعة في أول أيام ارتفاع سعر صرف الدولار، بأسعار أغلى، وباعوا بأسعار مرتفعة والبضاعة من مخازنهم". 

اقرأ/ي أيضًا: بين "الفساد" والضغط الدولي.. هل تستطيع الحكومة إلغاء البطاقة التموينية؟

وتعزو الحكومة ارتفاع الأسعار إلى "جشع التجار"، وعدم ارتباط الموضوع بارتفاع سعر صرف الدولار، إذ وجه رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في وقت سابق، الأجهزة الأمنية بمنع تلاعب التجار بأسعار المواد الغذائية. 

ونقلت الوكالة الرسمية عن مصدر حكومي، تابعه "ألترا عراق"، أن "أغلب المواد التي ارتفعت أسعارها صنعها عراقي ولا دخل لها بسعر الدولار، إلا أن جشع بعض التجار واستغلالهم للمواطنين رفع عدد من الأسعار".   

وأضاف أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجه وزارة التجارة باستنفار كامل الجهود والدخول بحالة طوارئ والعمل على مدار الساعة لتوفير مفردات البطاقة التموينية كاملة وإعطاء حصص إضافية أيضًا".    

وفي وقت سابق، قرّر مجلس الوزراء، حجب البطاقة التموينية عن فئات محددة، فيما صادق على أغلب توصيات لجنة إصلاح البطاقة. 

وقال وزير العمل والشؤون الاجتماعية، عادل الركابي، إن "قرار مجلس الوزراء حجب البطاقة يشمل أفراد الأسرة غير المتزوجين الذين يزيد مجموع دخلهم الشهري عن مليون ونصف المليون دينار والمقاولين المصنفين حتى الدرجة السادسة وأصحاب الشركات المسجلين في دائرة تسجيل الشركات والمسجلين في اتحادات الغرف التجارية حتى الدرجة الثانية، والصناعات حتى الفئة الثالثة، واتحاد رجال الأعمال، فضلًا عن نقابة الأطباء، وأطباء الأسنان، ونقابة الصيادلة".  

وأضاف أن "القرار يشمل أيضًا الأفراد الذين لديهم تحاسب ضريبي (أكثر من (18) مليون دينار سنويًا)، والمسافرين خارج العراق ولمدة تزيد عن (3) أشهر (يتم حجبها مؤقتًا لحين إثبات عودتهم) والمقيمين خارج البلاد والعراقيين الذين يحملون جنسية البلد المضيف، فضلًا عن نزلاء السجون والهاربين من العدالة".  

وأشار إلى أن "مجلس الوزراء قرّر إلزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات ووحدات الانفاق كافة بتزويد وزارة التجارة بأسماء موظفيها ممن يتقاضون راتبًا كليًا بقدر (مليون و500 ألف دينار) فما فوق خلال (30) يومًا عمل من تاريخ صدور هذا القرار، وسيجري توفير مفردات البطاقة التموينية كاملة خلال شهر رمضان المبارك استثناء من ضوابط الشراء مع توفير الحصة التموينية خلال الأشهر المقبلة للفئات الضعيفة وعديمة الدخل". 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

توجه برلماني بشأن البطاقة التموينية

التجارة عن "أزمة" البطاقة التموينية: لدينا خطة من ثلاث أولويات