ألترا صوت ـ فريق التحرير
في بداية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، صدرت مذكرة إلقاء قبض بحق الناشط في احتجاجات البصرة، نقيب اللعيبي، على خلفية مشاركته بالتظاهرات التي بدأت في البصرة منذ مطلع تموز/ يوليو، كان اللعيبي مستغربًا من صدور مذكرة إلقاء القبض بحقه، لافتًا إلى أنه وباعتباره جزءًا من تنسيقية التظاهرات، ساهم في إيقاف الاحتجاجات بعد حرق المباني الحكومية والمقرات الحزبية، وأوقفوا 50 ألف متظاهر من الاستمرار، خوفًا على الممتلكات العامة.
تستمر الاحتجاجات في البصرة منذ أشهر، بينما تستمر الأزمات، ولا يبدو أن استخدام العنف وملاحقة المتظاهرين سينتهي قريبًا
بينما كانت احتجاجات البصرة تمضي في مسار الأحداث الساخنة وتشهد صعودًا في وتيرتها الغاضبة على خلفية استخدام القوات الأمنية الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وإنهاء احتجاجهم، قام بعض الأشخاص من المتظاهرين بحرق مقر حزب ثار الله في البصرة، بعد إحراق عدد من مقرات الأحزاب، مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق، وهي أحزاب مقربة من إيران ولها فصائل مسلحة، وقام حزب "ثار الله الإسلامي" بتقديم شكوى بحق 21 متظاهرًا يتهمهم بإحراق مقره، مدعيًا أن ثلاثة من المتهمين هم من قيادات الاحتجاج والحركة التنسيقية، بينهم نقيب اللعيبي وعلي النور ومحمد عبد الله.
وحزب ثار الله، هو حزب إسلامي شيعي، شارك في انتخابات أيار/ مايو 2018، لكنه لم يحصل على أي مقعد، بالإضافة إلى عدم حصوله على أي مقعد في الدورات الانتخابية التي مرّت على العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003.
اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. نار القمع والإفقار تأكل عاصمة اقتصاد العراق!
مطاردون لثلاثة أشهر!
على خلفية حرق مقرات الأحزاب من قبل المتظاهرين الغاضبين، واجه ناشطو البصرة ظروفًا صعبة أجبر فيها بعضهم على مغادرة المحافظة خوفًا من ملاحقة الميليشات المسلحة أو القوات الأمنية، بالإضافة إلى رفع دعاوي قضائية رآها الناشطون "كيدية".
في هذا السياق، يبين المتظاهر والناشط وأحد منسقي احتجاجات البصرة، نقيب اللعيبي الذي أطلق سراحه يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أن "أمين عام (ثأر الله الاسلامي) يوسف السناوي، قدم دعوى قضائية بحقنا بتهمة حرق مقر حزبه".
ويوضح اللعيبي في حديثه لـ"ألترا صوت"، أننا "لم نعتقل وبقينا مطاردين لثلاثة أشهر"، مشيرًا إلى أنه "وحتى نتخلص من المطاردة سلّمنا أنفسنا للقضاء على مديرية جرائم البصرة"، لافتًا إلى "أننا لم نخف وكان أمر اعتقالنا دعوى كيدية وباطلة".
فصلنا من عملنا.. وبعد الإفراج: التهديدات مستمرة!
يتابع اللعيبي أننا "سلمنا أنفسنا لكي لا نبقى مطاردين خاصة وأننا موظفون وفصلنا من عملنا بالرغم من أننا على حق"، مبينًا أنه "أفرج عنا مع متظاهرين اثنين، بكفالة قدرها 15 مليون دينار عراقي، لكن القضية لا تزال في المحاكم والتهديدات مستمرة".
وحول الجهات التي تهدّد المتظاهرين والناشطين، يقول اللعيبي إن "كل الفصائل المسلحة والميليشات تهددنا بطريقة غير مباشرة"، مستدركًا "لكن حزب (ثأر الله) يهدد بطريقة مباشرة". وأشار إلى أن حرق القنصلية الإيرانية كان من "أهم الأسباب التي جعلت الميليشات تطاردنا وتحاول القضاء على حراكنا"، مبينًا أن "تشكيل قوات التعبئة كان لتمزيق المتظاهرين وتشتيتهم لا لسبب آخر، لكنهم لم ينجحوا".
بعد حرق القنصلية الإيرانية في البصرة، أعلن الحشد الشعبي في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، عن تشكيل عشرة ألوية احتياطية من واجبها مساندة الحشد الشعبي والقوات الأمنية في البصرة، وقال بيان صادر عن الحشد، إن "هيئة الحشد الشعبي - مكتب البصرة تعلن عن تشكيل قوات التعبئة الاحتياطية/التطوعية مكونة كوجبة أولى من عشرة ألوية تتوزع في مختلف مناطق المحافظة، لكي يتصدى الشباب البصري للأخطار المحتملة في مناطقهم بأنفسهم". ورأى متظاهرون وناشطون من البصرة، أن قوات التعبئة تشكلت على غرار قوات الباسيج الإيرانية المساندة للحرس الثوري، متوقعين أن تأخذ هذه القوات على عاتقها قمع أي تظاهرة في المستقبل أو اختراقها.
اقرأ/ي أيضًا: البصرة تزف شهيدًا جديدًا.. التصعيد وخيارات الضرورة
فيما يتعلق بطريقة المعاملة أثناء الاعتقال، أشار اللعيبي: "احترمونا جدًا بعد تسليم أنفسنا، لكن لو كنا عند قوات سوات أو مكافحة الشغب كان عذبونا"، مبينًا أن "السبب في تعذيب المتظاهرين هو سياسي وبدفع من الميليشات المسلحة".
لا يوجد نائب يمثلنا والاحتجاجات مستمرة
في بغداد يدعي بعض النواب عن المحافظة أنهم يمثلون المحتجين في البصرة، لكن اللعيبي أشار إلى أنه "لا يوجد نائب يمثل المحتجين"، معتبرًا أن العلاقة حتى مع مجلس المحافظة "انتهت ونحن نطالب بإلغائه لأنه حلقة زائدة"، مبينًا أنه "بعد وصول الأموال من بغداد، بدأت الكتل السياسية تتخاصم على منصب المحافظ" الذي سينتخب في هذه الفترة، متابعًا: "أوقفنا مؤامراتهم ومنع متظاهرو البصرة اكتمال النصاب".
يدفع غياب الحلول بالسلطة في البصرة إلى استخدام العنف أكثر وأكثر
وفي 14 كانون الأول/ديسمبر، عادت الاحتجاجات إلى البصرة مجددًا بعد خلافات حول منصب المحافظ، بدأت عقب مواصلة محافظ البصرة أسعد العيداني مهامه كمحافظ بالرغم من حصوله على مقعد في البرلمان العراقي في انتخابات أيار/ مايو، وكان المتظاهرون تظاهروا أمام مبنى الحكومة المحلية في الوقت الذي عقدت فيه جلسة استثنائية هدفها منح الثقة لـ"شداد الفارس"، محافظًا عن البصرة، والذي ينتمي إلى تيار الحكمة، لكن المتظاهرين طالبوا بالابتعاد عن منهج المحاصصة في توزيع المناصب، مشيرين إلى أن ما يحدث "هو صفقة". حول هذا يبيّن اللعيبي أن "الاحتجاجات مستمرة، وهناك تظاهرة ستنطلق يوم الجمعة 21 كانون الأول/ ديسمبر"، مشيرًا إلى أنه "وفي حال عقد المجلس في أي يوم ستكون هناك تظاهرات لإيقاف انتخاب أي محافظ عن تيار الحكمة".
تستمر الاحتجاجات في البصرة منذ أشهر، بينما تستمر الأزمات، ولا يبدو أن استخدام العنف وملاحقة المتظاهرين سينتهي قريبًا، كما يرى مراقبون، ولا حلول حتى الآن، بينما يقتصر الحوار الرسمي حول البصرة في إطار الصراع على المناصب والمنابع الاقتصادية في المحافظة، فيما يدفع غياب الحلول بالسلطة إلى استخدام العنف أكثر وأكثر. أما المحتجون، فإنهم كما يؤكد اللعيبي، ماضون في طريقهم.