13-يونيو-2023
الكهرباء

حذر خبراء من تلكؤ ملف الربط الخليجي (فيسبوك)

مؤخرًا، سمحت الولايات المتحدة بالإفراج عن  2.7 مليار دولار من الأموال الإيرانية في العراق، والمجمدة عبر أرصدة في مصارف عراقية إثر العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران.

تقول الحكومة إن مجموع الأموال الإيرانية التي أطلقها العراق منذ تولي حكومة السوداني حوالي 1.5 مليار يورو

وقال رئيس الغرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة، يحيى آل إسحاق، في تصريحات، إنّ "الأموال المفرج عنها من البنوك العراقية ستصرف على تغطية موسم الحج وشراء بعض السلع الأساسية التي تحتاجها البلاد".

آل اسحاق أكد أيضًا أنّ هذا الحدث "يؤثر إيجابًا على الأسواق الإيرانية، إذ يعالج احتياجات البنك المركزي وشراء كافة السلع الأساسية"، مشيرًا إلى أنّ هذه "الانفراجة في موضوع العملة الأجنبية ستساعد بشكل ملحوظ في استقرار سوق الصرف والسلع الأساسية".

وينتظر عراقيون أن يسهم هذا القرار في تحسن ساعات تجهيز الكهرباء، إذ غالبًا ما تنقطع، بسبب عدم إطلاق الغاز الإيراني لأسباب منها الخلافات في دفع المستحقات لإيران. 

العراق والغاز الإيراني

وعلى مدى السنوات الماضية، كان قطاع الكهرباء في العراق أبرز المتأثرين من التقاطع الأمريكي الإيراني، حيث يعتمد العراق على الغاز الإيراني في تشغيل محطات توليد الكهرباء، فيما تمنع الولايات المتحدة دفع عملة الدولار إلى إيران نتيجة فرض العقوبات، ما عرقل ذلك تسديد الديون العراقية المترتبة على استيراد الغاز.

وتستثني واشنطن بغداد لأكثر من مرة من عقوباتها المفروضة، فيما سمحت لها بالاستمرار في استيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء، لكنها في الوقت ذاته، ظلت تنبه الحكومات العراقية إلى ضرورة إيجاد البديل تحسبًا لشمول هذا التعاون بالعقوبات أيضًا.

وبعد القرار، خرجت الحكومة العراقية بتصريح تطمئن المواطنين فيه بأن "شبكة الكهرباء الوطنية ستتحسن تدريجيًا خلال الفترة المقبلة".

وأطلق العراق 1.5 مليار يورو لإيران، منذ تسنم حكومة محمد شياع السوداني، بالإضافة إلى 1 مليار يجري إطلاقه الآن، وفقًا لمستشار السوداني، ضياء الناصري. 

الناصري قال إن "المواطنين سيشهدون تحسنًا تدريجيًا بالكهرباء بالتزامن مع خطط العراق الجديدة، بالتوجه إلى استثمار الطاقة النظيفة والاستفادة من الغاز العراقي".

ضغوط عراقية رفعت التجميد

ويرى الباحث في الشأن السياسي، أحمد المياحي، أن هذا الإفراج جاء نتيجة ضغوط عراقية على الولايات المتحدة، وخاصة اللقاء الذي جمع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن قبل أيام، حيث "شرح وجهة نظر العراق وإمكانية تدهور الوضع فيه، إذا ما قطعت إيران تجهيز المحطات بالغاز".

وأضاف المياحي أنه "تماشيًا مع السياسة الهادئة التي يمارسها الرئيس الأمريكي بايدن، اقتنعت الولايات المتحدة بالإفراج عن ملياري دولار مجمدة في العراق عن قيمة بيع الغاز".

ويعتقد المياحي أنّ "هذا الإفراج قد يكون خيط النجاة لأزمة الطاقة التي تستفحل مع كل يوم حزيراني لاهب، حتى الوصول للنهائي المرتقب بين نجاح حكومة السوداني أو فشلها في شهر تموز بقدرتها على تجهيز الطاقة".

ويرجح أن هذا الإفراج "سيساعد في حل من أزمة الطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف".

عقود طويلة الأمد

لكنّ الخبير الاستراتيجي عبد الرحمن الجنابي، رأى أنّ ملف الطاقة بين العراق وإيران مبرم بعقود طويلة الأمد، ولا يمكن إيقافها حتى مع وجود العقوبات الأمريكية، متوقعًا أن "تورد إيران الغاز الذي يطلبه العراق بعد الإفراج عن جزء من أموالها المجمدة".

ويقول الجنابي لـ"ألترا عراق"، إنّ "الأموال المفرج عنها من قبل الخزانة الأمريكية، إذا كانت تخص استيراد الكهرباء من إيران، فمن المؤكد أنها ستعيد تصدير الغاز إلى العراق لتشغيل المحطات الغازية"، مرجحًا أن "ترفع الولايات المتحدة تلك العقوبات المفروضة على إيران على اعتبار هناك مبادرات حسن نية من إيران تجاه الدول العربية".

حذر خبراء من تلكؤ ملف الربط الخليجي بسبب العقود "طويلة الأمد" المبرمة مع إيران

وأبرمت الحكومات المتعاقبة على العراق بعد عام 2003، عقودًا طويلة الأمد، خاصة بمجال الطاقة الكهربائية أو المشتقات النفطية وغيرها، وهو بحسب الجنابي يجعل العراق "ليس بإمكانه أن يفسح تلك العقود أو يتنصل عنها إلى أن يجد البديل".

وعن بدائل الغاز الإيراني للطاقة العراقية، يرى الجنابي أنّ "البديل هو ربط منظومة الكهرباء العراقية مع منظومة مجلس التعاون عن طريق الكويت والحصول على 500 ميغا واط إلى البصرة، وعن طريق المثنى في منطقة عرعر، حيث أن العمل هناك قائم على ربط المنظومة بكهرباء المملكة العربية السعودية".

وحذّر من "تلكؤ ملف الربط الخليجي بسبب العقود المبرمة مع إيران مع وجود أحزاب منتفعة منها لا تريد أن يكون للعراق عقود مع دول جارة غير إيران لاستيراد الطاقة والتبادل التجاري".

وبالنسبة للجنابي، فإنّ تلك الأحزاب تسعى لأن "تكون نسبة التعاملات التجارية تفوق الـ 60 إلى 70٪؜ من حاجة العراق تكون من إيران والباقي من تركيا ودول الخليج التي تعتبر تعاقدات بسيطة كمستلزمات طبية وغيرها".

تجارة ثلاثية

ويبلغ مقدار التبادل التجاري بين العراق وإيران، حوالي 12 مليار دولار، بحسب إحصائية رسمية نشرتها وزارة الخارجية العراقية، ويعد "تغذية الغاز والكهرباء من إيران أهم الواردات العراقية منها".

ومع عدم قبول الجانب الإيراني في الحصول على عائدات السلع والغاز المصدرة إلى العراق بعملة الدينار، يتحدث اقتصاديون عن "تجارة ثلاثية" تجري بين العراق وإيران عبر تسديد ديون طهران في بلدان أخرى.

تشتري إيران أدوية ومواد أولية من دول العالم ويقوم العراق بتسديد مبالغها

يؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش لـ"ألترا عراق"، أنّ "الجانب الإيراني لا يقبل بأخذ الدينار، لذلك ديونه التي هي بالدولار احتجزت بالعراق، فلجأ إلى استبدال ذلك بتجارة ثلاثية".

والتجارة الثلاثية قائمة عبر شراء إيران أدوية ومواد أولية وبذور من دول العالم، ليقوم العراق بتسديد مبالغ تلك السلع إلى الدول التي تستوردها منها إيران بعملة الدولار".

واستبعد حنتوش توقف استيراد الغاز الإيراني، لكون أن "إيران تصدر الفائض الذي يحصل لديها من الغاز للعراق ودول أخرى، لتحصل على إيرادات مالية مقابله".