30-نوفمبر-2023
الفنان السوري بشير مسلم

يعيش الفنان التشكيلي بشير مسلم في أربيل منذ 2014 (ألترا عراق)

داخل منزله المتواضع، في أطراف مدينة أربيل، حوّل الفنان السوري "بشير مسلم"، العليّة إلى مرسم صغير، حمل بين جدرانه عشرات اللوحات التشكيلية، التي تحكي للزائر قصصًا عن اللجوء الإنساني، عن الوطن والحرب.

لوحات تحاكي المعاناة

يجلس مسلم يوميًا في مرسمه، يمزج ألوانه، ويبدأ الرسم، تتجوّل ريشته بين دمشق، وحلب، والرقة، والحسكة، وعين العرب، لترسم الحدود الفاصلة بين سوريا وتركيا، وتتخطاها لتصل إلى إقليم كردستان العراق، فتختصر قصصًا مؤلمة عن ما تفعله الأنظمة المستبدة والحرب التي أجبرت السوريين على مغادرة وطنهم، وحولتهم إلى لاجئين ومهاجرين في مختلف بلدان العالم.

يقول بشير مسلم إن لوحاته تركز على حالة الخوف التي عصفت بالسوريين

يقول الفنان التشكيلي السوري، بشير مسلم لـ"ألترا عراق"، إنّ "لوحاته تحكي عن معاناة اللاجئين السوريين، ورحلة اللجوء القاسية، وما سببته الحرب من شتات داخل الأسرة السورية، وعن الحزن في وجوه النساء السوريات اللواتي خسرن أبناءهن وأزواجهن خلال الحرب، التي مازالت سوريا تعيشها حتى الآن". 

لوحات

لوحات لأطفال المخيمات

تُظُهر اللوحات المعلّقة على جدران المرسم، قصصًا مُحزنة لعائلات سوريّة، هربت من نيران النظام والحرب، وحكايات لآباء وأمّهات حملوا أولادهم على أكتافهم في ليالي الشتاء الباردة، خوفًا عليهم من القصف المستمر، وفي جهة المرسم الأخرى، علّق الفنان السوري لوحات لأطفال نقلتهم الحرب من أسرّتهم الدافئة في منازلهم إلى المخيمات الباردة، وأرصفة الشوارع المُظلمة.

أطفال سوريون

ويشرح الفنّان بشير مسلم رسالته الفنية خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، قصة اللجوء، وهي "قصة كل سوري عاش هذه التجربة، دمّرت الحرب منزله، سرقت منه مصدر رزقه، حرمته من أولاده وأحبائه، فلم يجد حلّاً سوى اللجوء أو الهرب إلى مكان آمن بعيدًا عن القذائف والصواريخ والدمار، وهذا ما  حاولته توثيقه من خلال لوحاتي". 

لوحات

المرأة تختصر كل القصص

وعن اللوحات الخاصة بوجوه النساء، يقول مسلم، إنّ "وجه المرأة السورية، هو اختصار لمئات الروايات، التي يمكن أن يكتبها أي روائي أو صحفي، مبينًا: "رسمتُ سيدة سورية من كوباني تغطي وجهها الغارق في الحزن بكلتا يديها، هذه السيدة فقدت زوجها وأولادها خلال القتال الدائر في سوريا، يكفي النظر إلى وجهها الحزين لنفهم مدى قساوة ما يحدث". 

بشير مسلم

كما يُلقي الفنان بشير مسلم، من خلال لوحاته، الضوء على حالة الخوف التي عصفت بالسوريين، فتُظهر لوحه معلّقة على حائط المرسم، سيدة سورية تحتضن بقوة أطفالها الثلاثة، ولوحة أخرى للطفل السوري آلان، الذي وُجد غارقًا على الشاطئ، بعد أن قضت عائلته في البحر خلال رحلة للجوء للوصول إلى أوروبا.

يقول مسلم: "عندما اقتربت من إنهاء رسم لوحة الطفل آلان، عجزتُ عن رسم البحر وتلوينه بالأزرق، البحر أضحى بالنسبة لي ماردًا ابتلع أرواح المهاجرين السوريين". 

بشير مسلم

ويرى الفنان السوري أنه جزء من القصص التي يرسمها، فهو أيضًا هاجر من سوريا إلى تركيا، ومن تركيا إلى إقليم كردستان العراق، ليستقر مع عائلته في أربيل في العام 2014، ويبدأ رحلة البحث عن عمل، لحماية عائلته من الجوع.

"فقط ريشتي وألواني" 

يشرح مسلم، الذي ينحدر من مدينة  عين العرب (كوباني) شمال سوريا بالقول، إنني "حملت أحزاني وآلامي وغادرت سوريا، بعد رحلة مضنية وصلت إلى أربيل، لا أملك شيئًا سوى ريشتي وألواني، فبدأت الرسم، اتخذته لنفسي مكانًا قرب قلعة أربيل، رسمت وجوه السيّاح، إلى أن حوّلت هذه العليّة الصغيرة إلى مرسم داخل منزلي، ثم بدأت مشروعي، وهو توثيق قصص اللجوء السورية من خلال الرسم". 

وشارك الفنان السوري في العديد من المعارض الفنية في أربيل، إضافة إلى المعارض الافتراضية على الإنترنت في أوروبا وآسيا، وحصد عدة جوائز.

ويطمح مسلم، لرسم الابتسامة على وجوه السوريين، ويقول: "اكتفيتُ من رسم المعاناة والحزن، أتمنى أن يأتي اليوم الذي أرسم فيه السوريون بألوان مُفرحة، واستعيد ذكرياتي في سوريا حين كنا نجتمع مع الفنانين التشكيليين السوريين على ضفاف الفرات".