يتدرب نحو 20 ألف عراقيّ من أبناء العشائر العراقيّة السنيّة في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، غرب العراق، ليتولّى بعد ذلك ثلاثة آلاف شخص منهم مهام الإمسك الحدود العراقيّة مع السعوديّة والأردن، دون تحديد موعد تسلمهم مهامهم، ليكونوا ضمن قوات حرس الحدود التابعة لوزارة الداخلية العراقية.
تقول مصادر عراقية إن وزارة الداخليّة العراقيّة ستقوم بتجنيد وتدريب الآلاف من أبناء العشائر السنية، ليقوموا بتأمين الحدود مع السعودية والأردن
ففي 11 نيسان/أبريل 2016، تحدّثت مصادر عراقيّة عن وجود اتّفاق أبرمه وزير الخارجيّة الأمريكي جون كيري في بغداد، ربط كيري بحسب المصادر، الدعم الأمريكي السياسيّ والاقتصاديّ للعراق مقابل إبعاد قوّات الحشد الشعبيّ المقرّبة من إيران عن الحدود مع المملكتين السعوديّة والأردنيّة.
اقرأ/ي أيضًا: أمريكا والانقلاب الأخير في تركيا
وبموجب الاتّفاق الأمريكي العراقيّ، وفقًا لما كشفته المصادر ذاتها فإنّ "وزارة الداخليّة العراقيّة تقوم بتجنيد الآلاف من أبناء عشائر الدليم وشمر والجبور وعشائر أخرى على أن تقوم قوّات من الجيش الأمريكي بتدريبهم وتسليحهم ونشرهم على طول الحدود العراقيّة السعوديّة وأجزاء من الحدود الأردنيّة".
من ضمن العشرين ألف مقاتل هؤلاء، سيمسك ثلاثة آلاف جندي مهمة تأمين الحدود مع الأردن والسعوديّة، بينما ستمسك القوّات الأخرى، التي ستكون تابعة أيضًا لوزارة الداخلية العراقية، الملفّ الأمنيّ في المدن المحرّرة من تنظيم الدولة الإسلاميّة المعروف أيضًا باسم "داعش".
وكان التوتر قد ساد الحدود العراقيّة-السعوديّة في 15 شباط/فبراير 2016 عندما أعلنت السعودية عن قيامها بتمارين عسكريّة أسمتها "رعد الشمال"، وفي الوقت ذاته، أعلنت قوّات الحشد الشعبيّ المناهضة للسعوديّة والموالية لإيران عن استعدادها للقيام باستعراض يتزامن مع المناورات السعودية، لكنها لم تقم بذلك، ما دفع القوات العراقية الحكومية للتحشد هناك خشية حدوث أية مشاكل.
اقرأ/ي أيضًا: الجدول الزمني لصعود وهبوط الانقلاب في تركيا
وبسبب المعارك التي تخوضها القوّات الحكوميّة العراقيّة منذ نهاية عام 2013 في محافظة الأنبار، غرب العراق أغلقت الحدود العراقيّة-الأردنيّة أكثر من مرّة، وما زالت حتّى الآن مغلقة، خصوصًا بعد التعزيزات التي وضعها الأردن في الـ30 من نيسان/أبريل 2016 على طول الحدود، تحسّبًا لتسلّل عناصر تنظيم "داعش" داخل أراضيه.
وقال الشيخ عبد الستّار فتيخان أبو ريشة، أحد شيوخ عشائر الأنبار خلال مقابلة مع "الترا صوت" في بغداد إنّ "قوّات العشائر بالتعاون مع وزارة الداخليّة العراقيّة شكّلت ثلاثة أفواج لتأمين الحدود العراقيّة مع الأردن والسعوديّة، ويقود هذه الأفواج كلّ من حميد الشندوخ وعبد الرزّاق مشرف فتيخان وشاكر عبيد علي، وهؤلاء من وجهاء محافظة الأنبار".
من جهّته، قال الخبير الأمنيّ هشام الهاشمي لـ"الترا صوت" إنّ"قوات "درع العشائر" التي ستؤمّن الحدود العراقيّة مع الأردن والسعوديّة، هي ترجمة لاتّفاق خليجيّ-أميركيّ-أردنيّ، وهي قوّة عشائريّة مجتمعيّة دائمة مهمّتها تأمين الحدود العراقيّة مع المملكتين الأردنيّة والسعوديّة".
للعشائر السنية في محافظة الأنبار علاقات اجتماعيّة وسياسيّة مع المجتمعين والحكومتين الأردنيّين والسعوديّين، على عكس بقيّة العشائر الشيعيّة التي تربطها علاقات قويّة ومتينة مع إيران، لذا يرى الأردن والسعوديّة وجود ضرورة لتأمين حدود العراق معهما من قبل عشائر تربطها صلات دينيّة وقوميّة ومذهبيّة معها.
إنّ الخطورة على الأردن والسعوديّة لم تأت من تنظيم "داعش" فقط، فهناك مخاوف من سيطرة قوّات الحشد الشعبيّ على المنافذ الحدوديّة التي تربط العراق بالأردن، وهو ما قد يشعل أزمة بين البلدان الثلاثة، لذا وجدت الولايات المتّحدة الأمريكية، لحماية حلفائها ومنع أي إقتتال بين جهات عراقية رسمية او غير رسمية مع دول الجوار العربي، حلاًّ بتأمين الحدود من قبل عشائر سنيّة مقرّبة من الأردن والسعوديّة.
والحال أنّ قوّات الحشد الشعبيّ الشيعيّة قد لا تقف مكتوفة الأيدي تجاه الخطوة الأمريكية-الخليجيّة-الأردنيّة، وقد تتّخذ إجراءات عسكريّة أو سياسيّة تجاه ذلك، وهو ما قد يعقّد المشهدين السياسيّ والأمنيّ في العراق أكثر استكمالًا لمنهج المحاصصة الطائفية-الإقليمية التي زرعت منذ غزو العراق واحتلاله 2003 وتنهش هيكله حتى اللحظة.
اقرأ/ي أيضًا: