ألترا عراق ـ فريق التحرير
في أول صباح مر على تشكيل حكومة جديدة، ينشغل متظاهرو وأنصار احتجاجات تشرين باستذكار ونشر صور زملائهم من ضحايا الحراك، في مشهد أشبه بصباح جاء بعد انجلاء غبرة معركة طويلة، ينشغل فيها الطرف المهزوم بإحصاء قتلاه، بينما ينشغل الطرف المنتصر بتقاسم مناصبه.
انطلق استذكار ضحايا احتجاجات تشرين من داخل قبة البرلمان من قبل نواب كتلة امتداد قبل أن يتم إخراجهم بعد تعرضهم لهجوم من قبل نواب الإطار التنسيقي
وفي هذا المشهد التراجيدي، يمكن تلخيص تشكيل الحكومة الجديدة في العراق على يد قوى "الإطار التنسيقي"، وموقف المناهضين لقوى الإطار التي تعتبر العنصر الأساس بديمومة النظام السياسي بعد عام 2003.
يمتلك المتظاهرون دافعين لاستذكار ضحاياهم، الأول هو الذكرى السنوية الثالثة للفترة التي شهدت استمرار سقوط الضحايا بالرصاص والقنابل الدخانية بعد 25 تشرين الأول/أكتوبر 2019، ومن بينهم الضحية الأبرز وأيقونة تظاهرات تشرين صفاء السراي، الذي يصادف الـ28 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، الذكرى الثالثة لسقوطه ضحية بقنبلة دخانية استقرت في جمجمته، أما الدافع الآخر هو "نعي الضحايا واستذكارهم وتعزية الذات بسبب انتصار قاتليهم بتشكيل حكومتهم"، بحسبما يقول المتظاهر أحمد سمير لـ"ألترا عراق".
السلاح المنفلت.. يدافع عن السوداني
انطلق هذا الاستذكار من داخل قبة البرلمان من قبل نواب كتلة امتداد، علاء الركابي وفلاح الهلالي، اللذان أقدما على رفع صور ضحايا تشرين وإطلاق شعارات "حكومة المحاصصة مرفوضة"، داخل جلسة البرلمان المخصصة لمنح الثقة لحكومة السوداني، قبل أن يتم إخراجهم بأمر من الحلبوسي، وبعد تعرضهم لهجوم من قبل نواب "الإطار التنسيقي" من بينهم حسين مؤنس، الذي حاول سحب علاء الركابي قبل أن يقوم فلاح الهلالي بضرب يده وإبعاده عن رئيس كتلته.
جاء هذا الاعتداء على الركابي ومن ثم احتجازه وزميله الهلالي في غرفة من قبل حمايات البرلمان لحمايتهم من نواب الإطار وحماياتهم الذين توعدوا للركابي والهلالي، وبالفعل تم مهاجمة الركابي بالسكاكين من قبل حمايات النواب عندما تم إخراجه من البرلمان إلى سيارته، إلا أنّ القوات الأمنية حرصت على منع وصول المهاجمين إلى الركابي، وحدث هذا بعد قول الركابي إن "الذين يجلسون في الصف الأول من البرلمان هم من اغتالوا شهداء تشرين"، وتم تداول هذه العبارة بشكل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الاعتداء، أعطى صورة مبكرة للجميع عن شكل الحكومة الجديدة بقيادة السوداني، التي أصبحت اليد الطولى فيها إلى قوى "الإطار التنسيقي" والفصائل المرتبطة بها، حتى وصل الأمر بنواب الإطار إلى مهاجمة نواب داخل قبة البرلمان ومحاولة ضربهم وإطلاق اليد لحماياتهم لمهاجمتهم بالسكاكين، كما يظهر أحد مقاطع الفيديو الذي يوثق الحادثة.
ومن غير المتوقع أن يؤدي السوداني كثيرًا في مسألة الاعتداءات المماثلة التي ستخرج من الإطار وقواه وفصائله المسلحة، حتى بالرغم من كلمات قليلة أوردها السوداني في زاوية صغيرة من برنامجه الحكومي، والذي تحدث فيها عن "إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة"، ومن غير المعلوم ماذا يقصد السوداني بـ"الشرعية" التي تتعدى الرسمية وتبرر حمل السلاح.
ورأى ناشطون أنّ من غير المتوقع أن يحارب السوداني "السكين المنفلت"
الذي تم سحبه ضد نواب امتداد عند مقر البرلمان "دفاعًا" عن حكومته التي أُتُهِم الركابي بمحاولة تعطيلها.السوداني "يساءل" الأموات
وعلى صعيد البرنامج الحكومي، لم يترك السوداني شيئًا لم يتطرق إليه ومعظم الأهداف جاءت في برامج ومناهج حكومية سابقة، إلا أنّ أبرز مافي البرنامج هو أن حكومة السوداني ستستمر بـ"التفتيش" عن البعثيين حتى بين الأموت، حيث تضمن البرنامج "تعديل قانون مؤسسة الشهداء وإلغاء شرط عدم شمول الشهداء بإجراءات المساءلة والعدالة".
فضلًا عن ذلك، ولدواعٍ رآها سياسيون بـ"توافقية"، تضمن برنامج السوداني الحكومي، إجراء "مراجعة شاملة للفترة السابقة بما يتعلق بالنفط والغاز الإقليم، للخروج برؤية موافقة للدستور لإجراء تسوية، فضلًا عن تجنب أي إجراءات تصعيدية والتريث في الإجراءات التي تخص حكومة إقليم كردستان والشركات النفطية العاملة في الإقليم"، ما يعني سيتم إلغاء القرارات والخطوات التي اتخذتها بغداد ووزير النفط إحسان عبد الجبار للتضييق على الشركات الأجنبية العاملة في نفط إقليم كردستان وتصديره بعيدًا عن عين الحكومة المركزية في بغداد.
ويأتي هذا "التراجع" من قبل حكومة السوداني أمام حكومة الإقليم بمباركة قوى "الإطار التنسيقي التي طالما اتهمت مناهضيها والقوى السياسية والحكومية الأخرى بأنها "منبطحة وضعيفة" أمام المخالفات الدستورية لإقليم كردستان.
أما على صعيد كابينة السوداني، فقد كان 35% منها لشخصيات مجربة ووزراء ونواب سابقين، حيث تضمنت فؤاد حسين والذي كان وزيرًا لـ3 مرات متتالية، ومحمد علي تميم وصالح مهدي وإيفان فائق وخالد بتال، جميعهم من الوزراء السابقين، فضلًا عن حضور واسع للفصائل المسلّحة، أبرزها وزير التعليم العالي نعيم العبودي، عن "عصائب أهل الحق"، ووزير العمل أحمد الأسدي الذي يتزعم فصيل "جند الإمام"، إلى جانب وزراء عن كتلة "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.